كثيرا ماتصلني رسائل من الأصدقاء تحوي قصصا وصورا لمصائب وحوادث تقع للناس مرجعين سبب ذلك إلى العين الحاسدة والنفوس الحاقدة وقد تقرأون قصة فتاة سقطت أمام أعين النساء في حفلة ما أو عرس فتنطلق الألسنة مستعيذة بالله من الشيطان الرجيم ومن كل جان لا يؤمن بالله العظيم !!

العين حق والجن نؤمن بوجوده ولا ننكره ، ولكن المبالغة في تعليق كل مصيبة على العين وكل مرض على الجن هي في حد ذاتها مصيبة ومس من الشيطان للعقول والأفهام.

عندما يحترق بيت ما ، بدلا من أن ينظروا في جوانب تقصيرهم في اجراءات الأمن والسلامة المتعلقة بالحرائق، تنشغل عقولهم بالتفكير فيمن رأى بيتهم ولم يذكر اسم الله عليه ، فهذا نوع من رمي تقصيرهم وإهمالهم على الآخرين، فنبينا صلى الله عليه وسلم الذي قال ” العين حق” هو نفسه الذي قال  – كما في الصحيحين – ” إن هذه النار  إنما هي عدو لكم ، فإن نمتم فأطفئوها عنكم”، فانظر وتأمل كيف كان الحبيب يرشدنا إلى اتخاذ اجراءات الأمن والسلامة لحماية بيوتنا، فما بالنا نؤمن بالأول ولا نعمل بالثاني ؟!

وعندما يقع أحدهم مريضا أو يسقط مغشيا ، فبدلا من عرضه على الطب والاعتناء بصحته والاهتمام بتغذيته وإجراء فحوصاته يذهبون به لمن يطرد عنه السحر والجن والشياطين، وكأن شياطين الأرض تفرغوا من الإفساد في الأرض إلا على أبنائهم وكأن الجن ضاق بهم السكن إلا في أبدانهم، والحق أن بعضهم يستعيذون من شياطين الجن بشياطين الإنس – والذين قد يكونون أشد منهم بأسا – فما زادوهم إلا رهقا، فيأتونهم بتمائم ورقى ما أنزل الله بها من سلطان.

ألم يقل رسولنا الكريم ” تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحدا الهرم ” ألم يتداو هو نفسه صلى الله عليه وسلم بما توفر من طب ودواء في زمانه كالعسل وألبان الإبل وأبوالها وبالحجامة وغيرها، ولو كان الرسول في زماننا ألم يكن ليذهب للمستشفى ويتعرض للطب الحديث! ألم يكن ليتبع اجراءات الأمن والسلامة في البيت أولا قبل اتهام أعين البشر وقلوبهم.

لم أر كفر كثير من الغرب بالجن والعين بل بالقضاء والقدر قد أعاق تطورهم وحماية أرواحهم وممتلكاتهم ولم أر إيماننا بهذه الأشياء قد أغنى عنا وألحقنا بصدارة الأمم ، ذلك أننا لم نتبع إيماننا بالفهم الصحيح ومن ثم العمل الأصح ومازلنا نلقي إثم تقصيرنا وأوهامنا على مالانراه من العين أو الجن.