نعايش اليوم تميزاً للعديد من منشآت القطاع الخاص التي اتخذت من المسؤولية المجتمعية أنموذجاً لأنسنة قطاع المال والأعمال، حتى غدت عنواناً بارزاً في تنمية المجتمع المدني وتحقيق التنمية المستدامة والمساهمة في تلبية احتياجاته وتطويره وتنميته.

ففكر المسؤولية المجتمعية أسهم في ملء الفراغات التي أحدثتها عمليات التجارة من خلال خلق علاقة وطيدة بين المنشآت وأبناء المجتمع والتفاعل مع كل ما يخدم البيئة والمجتمع ذاته.

إن صبغة منشآت القطاع الخاص بصبغة إنسانية أصبح أمراً ضرورياً اليوم، فلعب أدوار اجتماعية لا يعد ترفاً أو وجاهة كما يعتقده البعض بل أصبحت جزءاً من إنسانية المؤسسات والشركات الخاصة، لاسيما أن منشآت الأعمال ورجال المال والأعمال مدينون للمجتمع بكل نجاح تم تحقيقه في مسيرتهم بما يتوجب عليهم أن يتم تخصيص جزء من الأرباح لصالح خدمة المجتمع وتنميته.

تتميز المسؤولية المجتمعية بأنها تعود على المنشآت بفوائد ملموسة على المدى القريب والبعيد حيث يؤكد الخبراء أن تبني مفهوم المسؤولية المجتمعية في قطاع الأعمال يزيد معدل الربحية فيها 18% عن تلك التي ليس لديها برامج مماثلة، فيما يشير استطلاع أجري بمشاركة 28 ألفا من المجيبين على الإنترنت يمثلون 56 بلداً إلى أن 66% من المستهلكين يفضلون شراء منتجات من الشركات التي لديها برامج مسؤولية مجتمعية تخدم المجتمع، وأن 62% يفضلون العمل في هذه الشركات، و59% يرغبون في الاستثمار في هذه الشركات، و46% يقولون إنهم على استعداد لدفع أموال إضافية لشراء المنتجات والخدمات من هذه الشركات.

في ظل هذه المؤشرات الإيجابية للمسؤولية المجتمعية يتطلب من مؤسسات الأعمال أن تكون أنموذجاً في احترام القيم الإنسانية والصحية والبيئية والمجتمعية.

وبفضل من الله أصبحنا اليوم نشاهد تزايداً في اقتناع المؤسسات والشركات الخاصة وتبنيها لفكر وثقافة المسؤولية المجتمعية، وأصبحت هذه الثقافة توجهاً تمارسه المنشآت الخاصة بهدف تحمل مسؤولياتها وتفاعلها مع المجتمع، الأمر الذي يساهم في تحقيق أهدافها الاقتصادية أولاً وتحقيق احتياجات المجتمع وتنميته ثانياً.

ولأهميتها دعا اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي خلال ورقة عمل في مؤتمر “تحديات المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص وتفاعلاتها مع التنمية ومتطلباتها” بالبحرين القطاع الخاص إلى تبني دوره في التنمية وتوسيع مسؤولياته المجتمعية وتعميق وتأصيل مفهوم المسؤولية المجتمعية وتحفيز قطاع الأعمال لخدمة المجتمع، وتبني مشروع وطني لخدمة المجتمع يقوم بتنفيذه القطاع الخاص، فضلاً عن الدعوة إلى إشراك القطاع الخاص كشريك في التخطيط والتشريع والتنفيذ لبرامج التنمية الاقتصادية.

فالمسؤولية المجتمعية تعتبر تتويجاً لما يتميز به مجتمع الأعمال الراقي الذي يعيش ويرقى بقيم التكافل والتراحم والتواد وسلوكيات التعامل الأخلاقي عبر مبادرات وبرامج ذات طابع تنموي تخدم جميع أفراد وفئات المجتمع وتحقق له بيئة تليق بكرامته.

والشكر واجب للمنشآت التي تتبنى المسؤولية المجتمعية كسياسة واضحة في أعمالها تتحمل من خلالها مسؤوليتها تجاه المجتمع وفئاته المختلفة وتعمل على تحقيق المزيد من التقدم والرقي له.. ولا يخفى على الجميع أن المجتمع في ظل التقدم المتسارع في وسائل الاتصال أصبح يميز اليوم بين المؤسسات والشركات التي تخدمه وترتقي به عن تلك الآخرى التي لا تزال تراوح مكانها ولا تبادر بالعطاء ولا تلتفت إليه.