الزوج قيم على زوجته وقوام عليها، والمقصود أن الزوج يتولى أمرها ويصلح حالها ، ويقوم عليها آمرا ناهيا ، كما يقوم الوالي على رعيته ، كما قال تعالى { الرجال قوامون على النساء } (النساء : 34).

وقد ذكر العلماء والمفسرون : أن القوامة جعلت على المرأة للرجل لثلاثة أسباب :

  1. كمال العقل والتدبير .
  2. كمال الدين .
  3. بذل المال من الصداق والنفقة .

فمما لا شك فيه إن الرجال لهم فضيلة في زيادة العقل والتدبير ، والقوة في ذلك ، وهذا في الأعم الأغلب ، وقد يكون بعض النساء أكمل من بعض الرجال.

أما ما يحصل اليوم في الغرب تحت اسم حقوق المرأة !! والمغالطة الكبيرة في ادعاء مساواتها بالرجل !! فهو لا يعدو كونه فهما خاطئا وإهدارا وهضما لحقوق الرجل ، أكثر من كونه فهما سليما لحقوق المرأة ، وهي فلسفة القفز على الحقائق !!

فهل قدرة المرأة على القيام ببعض أعمال الرجل أحيانا ، هو مُسوغ كاف لمساواتها به ! وهل قدرة الرجل على القيام بأغلب أعمال المرأة ، يُتخذ ذريعة لمساواته بها !! ونتجاهل بذلك الاختلافات الخلقية بين الجنسين ، والتي لا يمكن لأحد إنكار وجودها وأثرها في تحديد موقع ومكانة وعمل المرأة ، واختلافه عن الرجل.

ثم نقول : هل هنالك مجتمع ، يتساوى فيه الرجال والنساء في الأعمال ، كالعمل بالمناجم مثلا ، أو في حقول النفط الصحراوية ، أو في أعمال البحار ، أوالخدمة العسكرية ، أو قيادة البلاد ؟!! والجواب معروف : طبعا لا.

وأما الإنفاق : فالإنفاق على الزوجة والأولاد من واجبات الزوج شرعاً ، وقد دلّت على ذلك نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة وأجمع عليه العلماء .

والنفقة الواجبة على الزوج مقدّرة شرعاً بكفايتها من الطعام واللباس والسكن على قدر حال الزوج يساراً وإعساراً ، قال تعالى: { لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} (الطلاق: 7).
وقال سبحانه { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} (البقرة: 233).
نعم ، ليس بواجب على الزوج الزيادة ـ على المعروف ـ من الإنفاق في مسائل اللباس وغيره بما هو زائد على المعروف ، قال تعالى : { وعاشروهن بالمعروف} .وقوله صلى الله عليه وسلم : ” ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف “.

فالقرآن الكريم لم يحدد مقدار الطعام والشراب والكسوة والإسكان من نفقة الزوجة بمقدار معين ، وإنما ترك تقديرهما للعرف الاجتماعي الذي يعيش فيه الزوجان.

وقال الفقهاء : إن نفقة الزوجة تدور مدار حالة الزوج المالية فإن كان معسراً أنفق عليها أدنى ما يكفيها من النفقة بالمعروف ، وإن كان متوسطاً أنفق عليها أوسع من ذلك بالمعروف ، وإن كان غنياً أنفق عليها أوسع من ذلك كله بالمعروف ، واستدل بقوله تعالى : { لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} (الطلاق: 7).
فيما قال فقهاء آخرون : عليه مراعاة حالة الزوجة بوجه خاص ومكانتها الاجتماعية .
وعلى أي حال فإن كيفية النفقة على الزوجة تكون تابعة لحال كلا الزوجين .

هذا من الجانب النظري الشرعي ، أما من الجانب العملي ـ أيتها الأخت الكريمة ـ فإن هدف الزوجين حماية الأسرة ، والحفاظ على سلامتها وسلامة الأبناء ، وتوفير البيئة الصالحة لنشأتهم وتربيتهم وارتقاء أخلاقهم ، والمضي في مشوار دراستهم وحياتهم.

ولذا فكثيراً ما يضحي الزوج ويقدم التنازلات من أجل استدامة الزواج والحفاظ على وئام الأسرة وتماسكها ، دون الإصرار على حقوقه من زوجته ، وكذلك نجد كثيرا من الزوجات من تضحي بحقوقها ونفقتها من أجل أسرتها وأبنائها ، وهربا من المشاكل والاختلافات التي تشوش الجو الأسري ، وتولد القلق والاضطراب لدى جميع أفراد العائلة.. ولا شك إن التضحية بالمال هو أقل الأثمان لسلامة وبقاء العائلة، التي لا تقدّر بثمن ! فتنبه !

وهذا بالطبع لا يسقط الواجبات التي يجب على كل طرف أن يعرفها ويعمل بها ، إذ تبقى في ذمته أمام لله تعالى ، وسيسأله الله عنها يوم الحساب .

ومن حق الزوجة أن تعرف زوجها بواجباته وحقوقه ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، والأدلة الشرعية ، وذكر كلام أهل العلم له ، وقد يساعدها ذلك على التزامه بالشرع وقيامه بواجباته …

وينبغي للزوجة تدبير أمور بيتها والإنفاق باعتدال ، والسعي لادخار شيء من وارداتها لمستقبلها ومستقبل أولادها ، ولتحتسب المرأة في مثل هذه الحالات صبرها وتضحيتها عند الله تعالى الذي لا يضيع عنده شيء .

ولعلّ الزوج ينتبه لنفسه مستقبلاً ويزداد رشداً وعلماً وفهماً ويبادر لإصلاح خطئه ومما يساعد على ذلك زيادة ثقافته الدينية وخبراته الاجتماعية، وتستطيع الزوجة المساهمة من ذلك بالاستماع المشترك للبرامج الدينية وقراءة الكتب ومناقشة الموضوعات بهدوء والاستفادة من أولي الألباب من العقلاء والمثقفين . وبذلك يقترب الزوجان من بعضهما ثقافياً وبالتالي اجتماعياً ونفسياً . وللمرأة حق طلب الفراق إذا لم ترض بزوجها أو قوامته عليها .

والله الموفق لكل خير.