بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
تدل النصوص على قيام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ، ولم يرد فيها تحديد زمان بعينه ، أما المهدي المنتظر فقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي ، وأنه رجل يعود نسبه إلى آل البيت رضي الله عنهم ، ويحكم بشرع الله كما وردت بذلك الأحاديث .
يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ

إن الخلافة الراشدة ستكون إن شاء الله وقد أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم : ( تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت ) رواه أحمد والبزار والطبراني وصححه الحافظ العراقي والشيخ الأباني وغيرهما .

وهذا الحديث يبشر بقيام خلافة على منهاج النبوة ولكنه لم يحدد زماناً بعينه لذلك ، وهذه الخلافة الراشدة غير التي تكون في زمن المهدي المنتظر – والله أعلم – لأن ظهور المهدي المنتظر من علامات الساعة أو قربها ويكون حكمه قبيل نزول عيسى عليه الصلاة والسلام كما ثبت ذلك في أحاديث كثيرة .

وأما الخلافة الراشدة فأظن أن زمانها قد قرب لأن العالم الإسلامي يعيش في زمن الملك الجبري في هذه الأيام كما قاله بعض أهل العلم .
وينبغي أن يعلم أن الاعتقاد بظهور المهدي المنتظر هو جزء من عقيدة المسلم ، وقد دلت على ذلك أحاديث كثيرة وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغت حد التواتر كما قال المحققون من أهل الحديث .

قال الإمام الشوكاني : [ والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف والمنجبر وهي متواترة بلا شك ولا شبهة بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك … ] .

وقال السفاريني في عقيدته المسماة لوامع الأنوار البهية ” الإيمان بالمهدي من جملة عقيدة أهل السنة والجماعة .. ” .
وقال في موضع آخر : ” وقد كثرت الأقوال في المهدي ، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي … ” .
والأحاديث الواردة في المهدي نقلت عن أكثر من عشرين من الصحابة رضي الله عنهم ، وقد احتج بها أهل الحديث وقبلـوها ، وذكر صاحب كتاب ( عقد الدرر في أخبار المهدي المنتظر ) أكثر من خمسين من علماء الحديث الذين رووا تلك الأحاديث واحتجوا بها فلا مجال لإنكارها .
وبعد هذا أقول لا بد من التنبيه على بعض الأمور المتعلقة بالمهدي :

1. أن المهدي رجل يعود نسبه إلى آل البيت رضي الله عنهم ويحكم بشرع الله كما وردت بذلك الأحاديث ، قال الإمام أبو الحسن السجستاني : ” وقد تواترت الأخبار واستفاضت عـن رسول الله بذكـر المهدي وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلاً ” .

2. إن المهدي الذي يعتقد به أهل السنة والجماعة هو غير المهدي المنتظر عند الشيعة الإمامية فالشيعة يعتقدون أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري الذي دخل السرداب وعمره تسع سنين وذلك سنة ( 265 هـ ) وهم ينتظرون خروجه وهذه عقيدة باطلة فاسدة وخرافة لا حقيقة لها .

3. لا يصح الاعتقاد بأنه لن تقوم للإسلام قائمة ولا دولة إلا بظهور المهدي المنتظر ولا يجوز للمسلمين ترك العمل لقيام دولة الإسلام اعتماداً على ظهور المهدي فهذا أمر باطل .

قال الشيخ الألبانيرحمه الله : إن كثيراً من المسلمين قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع فمنهم من استقر في نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي ، وهذه خرافة وضلال ألقاها الشيطان في قلوب كثير من العامة ، وليس في شيء من أحاديث المهدي ما يشعر بذلك مطلقاً بل هي كلها لا تخرج عن أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر برجل من أهل بيته ووصفه بصفات بارزة من أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر العدل بين الأنام فهو في الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم.

‏ والله أعلم .

أ.د حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس