يعتبر الصيام من أخص العبادات وأشرفها، فهو كف وترك لا يرى العبدَ فيه أحدٌ سوى الله تعالى، في حين أن كل العبادات والشعائر الكبرى بمشهد من الخلق؛ ولهذا فهو من أخص العبادات، وأما أنه من أشرفها؛ فلأن عبادة من العبادات لم ينسبها الله إلى ذاته العلية نسبة تشريف كما نسب الصوم.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله قال الله عز وجل: “كل عمل بن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به” (متفق عليه).

وهو رحلة روحية يستشعر الإنسان فيها وجود الله ومعيته، ويطوي فيها فواصل البعد بينه وبين معبوده؛ ليحقق في قلبه معنى التقوى، ويملأ صدره بالسكينة والطمأنينة؛ ويخلص نفسه من المعاني الأرضية، وينطلق من أوهاق جسده ومطالبه، ويحقق رغبات روحه وأشواقها، فيعيش أسعد لحظات الإيمان والحب والرضا.

ولما كانت هذه هي مقاصد الصيام الكبرى فوجب على كل مسلم أن يسلك كل سبيل ويتخذ كل وسيلة مشروعة تحقق له هذه المقاصد. ويبتعد عن كل شيء يقطع عليه طريقه، ويقلع عن كل عادة سيئة تعوقه عن الوصول إلى هدفه السعيد وغايته النبيلة، ومطلوبه الأعلى.

لكن هناك عادات وتقاليد تغلغلت في المجتمعات المسلمة منذ قرون أفسدت على المسلمين صيامهم، وضيَّعت عليهم قيامهم، وأطاحت بكل المقاصد العليا للصوم. وفي السطور القليلة التالية نحاول رصد أبرز هذه العادات السيئة وبيان إفسادها لمقاصد الصيام.

الإسراف في الأكل والشرب

فالأكل والشرب عموما ليس عادة سيئة، بل هو من مطالب الجسد المجبول عليها؛ ولأن هناك في رمضان السحور والإفطار فقد يتحول شهر الصيام والتقليل من الطعام إلى مأكلة ومشربة ومسرفة.

يشرب فيه المسلمون ويأكلون من أنواع الطعام والشراب وأصناف الحلوى ما لا يأكلونه ويشربونه في السنة كلها. وتتحول المحال التجارية إلى أسواق كبرى في هذا الشهر. فهذا ما لم يُشرَع له الصوم، وهو من أسوأ العادات؛ لأنه يذهب بثمرات الصيام أدراج الرياح. يقول أبو حامد الغزالي رضي الله عنه- وهو في معرض الحديث عن صوم الخصوص- إن تمامه يكون بستة أمور، قال في الأمر الخامس وما أحسن ما قال: ألا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلئ جوفُه، فما مِن وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مُلئ من حلال، وكيف يستفاد من الصوم في قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره، وربما يزيد عليه في ألوان الطعام، حتى استمرت العادات بأن تُدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر؟!.

ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى لتَقْوَى النفس على التقوى. وإذا دفعت المعدة من ضحوة النهار إلى العشاء؛ حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها ثم أُطعمت من اللذات، وأشبعت زادت لذتها وتضاعفت قوتها، وانبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تُركت على عادتها.

فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل، وهو أن يأكل التي كان يأكلها في ليله لو لم يصم، فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلا فلم ينتفع بصومه (إحياء علوم الدين: 342).

ومعلوم أن أبا حامد الغزالي قد توفِّي في العام 505هـ/1111م، يعني منذ ما يقرب من ألف سنة إلا خمسين عاما، وهذا يشير إلى أنها عادة ليست بمستحدثة على المسلمين، بل هي من العادات السيئة القديمة التي ضربت بجذورها في حياتهم، ومع ذلك فهو يصف المجتمع في عصره كما لو كان يعيش بيننا اليوم.

ثم يقول الإمام في لفتة عميقة إلى الطعام الكثير والشراب الكثير وآثارهما المدمرة على ليلة القدر: وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت، وهو المراد بقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ﴾(القدر: 1).

ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عنه محجوب، ومن أخلَى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يُخْلِ همتَه من غير الله عز وجل، وذلك هو الأمر كله، ومبدأ جميع ذلك تقليل الطعام (المصدر السابق).

وتحت عنوان “تقاليد لا بد من تغييرها” يقول الشيخ محمد الغزالي المعاصر- رحمه الله-: “تقاليد المسلمين جعلت شهر الصيام شهر طعام، وجعلت النفقة فيه أربى من غيرها في سائر الشهور، ما العمل؟ لنكن صرحاء ولنقل: إن على المسلمين تغيير تقاليدهم القائمة على الإسراف!! ويجب أن تعود صبغة العبادة لشهر العبادة، وأن يبرز في الصيام معنى الجهاد والقدرة على مقاومة شتى الرغبات.

إن البيت المسلم يقوم على إعداد الطعام لأهله، وليست مهمته أن يكون عادات البطنة والتشبع، أو أن يدخل في منافسات مادية سفيهة لتقديم الأشهى والأغلى، والظروف السياسية والعسكرية التي تمر بأمتنا تفرض علينا ألوانا من التقشف لا ألوانا من اللذات” (قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة).

وإذا كان الصوم يُعوِّد المسلم الصبر، ويُحيي فيه قوة الإرادة، ويُعمِّق فيه التحمل الطويل والصلابة، فإن مطاوعته لنفسه وتركه العنان لها ترتع وتلعب في مراتع الرخاء وملاعب الأكل والشرب لن تجعله يحصِّل من هذه الأمور شيئا مذكورا.

وفي هذا المعنى يقول الشيخ الغزالي في كلام نفيس: “إن الدابة تفعل ما تحب، وتدع ما يضايقها، والمسافة بين عزيمتها وشهوتها معدومة، بل لا عزيمة هنالك، ولا صراعَ بين شهوات وواجبات، أما الإنسان فيتطلع إلى أمور تردعه حواجز شتى، فإن غلب رشده كان عقله حاكما لرغائبه، وإلا فهو إلى الدواب أدنى.

ذلك وليس الصيام عن الشهوات فارقا فقط بين الإنسان والحيوان، بل هو فارق بين الناجحين من الناس والفاشلين؛ فالنجاح في كل شيء قدرة على تحميل النفس الصعاب، وتصبيرها على الشدائد، وقدرة على منعها ما تستحلي، وفطامها عما تبغي.

ومن قديم عَرف طلاب العلا هذه الحقيقة، واستيقنوا من أن الراحة الكبرى لا تنال إلا على جسر من التعب، وأن من طلب عظيما خاطر بعظيمته، وأن ركوب المشقات هو الوسيلة الوحيدة لإدراك المجد، وقد شرع الإسلام الصيام للناس كي يدربهم على قيادة شهواتهم لا الانقياد لها” (هذا ديننا: 118، 119). والآيات والأحاديث والأقوال التي تحذر من الإسراف عموما كثيرة في القرآن والسنة، قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأعراف: 31).

وقال أيضا وهو يعدِّد صفات عباد الرحمن: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاما﴾ (الفرقان: 67). وأورد ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنه قال: أحل الله الأكل والشرب ما لم يكن سرفا أو مخيلة. وقال: إسناده صحيح.

قال الصنعاني: فإن السرف في كل شيء مضرٌّ بالجسد ومضرٌّ بالمعيشة، ويؤدي إلى الإتلاف فيضر بالنفس؛ إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال، والمخيلة تضر بالنفس حيث تكسبها العجب، وتضر بالآخرة حيث تكسبها الإثم، وبالدنيا حيث تكسبها المقت من الناس (سبل السلام، دار إحياء التراث العربي: بيروت. ط4) ولما كان الإسراف منهيّا عنه في غير رمضان، فإن النهي عنه في رمضان يكون أشد وأقوى؛ لأنه فيه من مخالفة أغراض الصيام وإضاعة ثمراته ما فيه.

وإذا ذهبنا إلى الفقهاء نستفتيهم في حكم الإسراف في الطعام والشراب لأفتونا بالحرمة قطعا؛ لأن نهي الإسلام عن الإسراف واضح وصريح، فكيف إذا كان في عبادة يهوي الإسراف بثمراتها ومقاصدها فيمكان سحيق؟ لا شك أن الحرمة تكون مؤكدة.

وإن المؤمن الصادق الإيمان لن يقدم على شيء حرمه الإسلام وهو يتقرب إلى الله تعالى بأخص العبادات وأشرفها، بل سيحمله إيمانه وحساسية ضميره إلى الكف الفوري عما حرم الله: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (النور:51).

السهر بالليل في اللهو والباطل

وهذه أيضا من عادات المسلمين السيئة في الشهر الكريم، فيجعلون من الليل- الذي أحرى بهم أن يجعلوه عبادة وتقربا إلى الله- وقتا للهو وما لا فائدة فيه. بل إن بعضهم يقضي وقت ليله فيما يُذهب ثمرات صوم نهاره؛ حيث التلفاز وما فيه من مسلسلات وأفلام وبرامج عبثية، يقوم بالاستعداد لها والتخطيط من أجلها شياطين الإنس والجن قبل مجيء رمضان بستة أشهر.

ومن الناس من يقضي ليله في الحديث الباطل. فيتسامر ويتساهر مع غيره حتى يذهب بأثمن الأوقات وأغلاها سدى. ويضيِّع شهر القرآن والقيام، فإذا ما اقترب وقت الفجر تململ إلى نومه كالأنعام ليبول الشيطان في أذنه، فلا هو صلى، ولا انتفع بصومه.

وإذا كانت دقائق الليل غالية في كل وقت فإنها في رمضان أغلى وأزكى. ولِمَ لا ورب العزة تبارك وتعالى يتنزل كل ليلة إلى سماء الدنيا ويتجلى ساعة النزول الإلهي لعباده يناديهم إلى عبادته، ويطلب إليهم أن يمتثلوا لندائه؛ ليدْعوه ويرجوه، ويفتح لهم أبواب التوبة حتى يتوب عليهم..؟! ألا ما أتعسَ وأقل حياء الإنسان الذي ينادي عليه مولاه وخالقه، وهو عنه معرض، وبغيره منشغل!!.

النوم الكثير أثناء النهار

وهي عادة سيئة ونتيجة طبيعية تنبثق عن سابقتها، فمن طال سهرُه بالليل طال نومُه بالنهار، فكما ضيَّع الليل في اللهو والباطل ضيَّع نهاره في النوم؛ فالحسنات تجلب الحسنات، ولا تجلب السيئاتُ إلا الخسار والبوار، في موسم تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفَّد فيه الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. يقول أبو حامد الغزالي مبينا علة عدم الكثرة من النوم في نهار رمضان: من الآداب ألاَّ يَكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع والعطش، ويستشعر بضعف القوى، فيصفو عند ذلك قلبُه، ويستديم في كل ليلة قدرا من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده، فعسى الشيطان ألا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء (إحياء علوم الدين).

الإفطار على المحرم

وهذه يفعلها أغلب المدخِّنين؛ حيث يصومون عن الحلال طوال النهار، ولا يفطرون إلا على السجائر، التي حرمها كثيرٌ من فقهاء العصر؛ لما ثبت فيها من ضررٍ محقَّق، وليس في الإسلام ضرر ولا ضرار، فبمجرد انطلاق الأذان لا يفطر كما كان يفطر الرسول عليه السلام، بل يفطر على ما حرم الله، بعد أن منع نفسه مما أحل الله.

وقد نقلنا من قبل عن أبي حامد الغزالي قوله في تمام صوم الخصوص: “ألا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلئ جوفه، فما من وعاء أبغض إلى الله -عز وجل- من بطن ملئ من حلال”، فإذا كان البطن الذي يملؤه صاحبه من حلال هو أبغض وعاء إلى الله فما حال مَن يفطر على محرم؟!.

ويقول الشيخ الغزالي: “كنت أحب ممن صرعتهم عادة التدخين أن ينتهزوا الفرصة -يعني شهر رمضان– فينسلخوا عن هذه العادة، إما بإرادة قاهرة ناجحة، وإما بتدرج مقرون بالعزم” (قضايا المرأة: 188).

فأحرى وأولى بالمسلم الذي استجاب لربه ومنع نفسه عما أباحه الله أن يجاهدها ويفطمها عما حرم الله، ويقلع عن هذه العادة المدمرة الحالقة، لا أقول تحلق الشعر، وإنما تحلق المال والصحة.

ترك العمل والإنتاج

يتصور كثير من المسلمين أن رمضان شهرٌ تتعطل فيه المصالح، ويتخفف فيه الصائمون من العمل، ولا يتحمل فيه مسلم مسلما. وهذه عادةٌ سيئةٌ من سيئ عادات المسلمين في رمضان، فلا هو شهر كسل ودعة، ولا هو شهر تعطيل المصالح والتخفف من العمل، ألا ساء ما يتصورون!!. إن التاريخ يقول لنا: لم ينتصر المسلمون في شهر كما انتصروا في رمضان، وهو كلام أشهر من أن يذكر، وهل هناك عمل أشق على البدن من القتال؟ كلا. كلا.

يقول الشيخ الغزالي ساخرا ومستنكرا وقاحةَ الذين يفطرون بحجة ضعف الإنتاج: “ويفطر أحدهم في رمضان ويأمر الآخرين بالفطر، ويضع قدما على أخرى في مكتبه، وهو يهتك حرمة الشهر، ويشرب القهوة والدخان، لكن لماذا يفعل ذلك، وقد قال الله: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ لا.. إن هذا الصوم يضعف الإنتاج، ونحن في عصر يتطلب المزيد منه” (الإسلام في وجه الزحف الأحمر!!). إن المسلمين هم الذين حوَّلوا هذا الشهر إلى شهر كسل وتراخٍ بما يسهرونه من الليل وينامونه من النهار، ولو أنهم صاموا حق الصيام، وتحرَّوا الوصول إلى مقاصد الصيام العظيمة لتحقق للأمة في هذا

الشهر من الكفاية الإنتاجية ما يكفيها باقي السنة. صحيح أن الصوم يضعف البدن، لكنه يقوِّي العزم، ويشدُّ الظهر، ويعوِّد الصبر، ويربِّي المؤمن على طول التحمل وقوة الإرادة.

إن بدَنا من الأبدان قد يكون صحيحا معافى، لكنه لا يستطيع أن يصل بصاحبه إلى تحقيق هدف أو يصعد به نحو المعالي ونحو النور؛ لأنه قعدت به عزيمته، وتأخرت به إرادته، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وربَّ جسد حطمته الأمراض وركبته العلل. لكنَّ عزيمةَ صاحبه تسوق هذا الجسد الهامد نحو العلا وتحقق به الغايات البعيدة، وما أصدق قول أبي الطيب، وهو يعاني شدائد الحمى:

فإنْ أُحْمم فما حُمَّ اعتزامِي وإنْ أمْرَضْ فما مَرِضَ اصطبَارِي 
وإنْ أسـلمْ فَمَا أَبَقَى وَلَكِنْ سَلِمْتُ مِنَ الْحِمَـامِ إِلى الْحِمامِ

وأحب أن أشير في النهاية إلى أن الإسلام يدعو بيقين إلى محاربة هذه العادات في كل زمن. وإذا كانت محظورة في غير رمضان فإنه يتأكد حظرُها في هذا الشهر الفضيل، الذي جعله الله زادا يتزود منه المؤمنون، وجعله مغفرة للسيئات، وصعودا في مدارج السالكين.

إن الإنسان لو لم يستطع أن يقود نفسه للإقلاع عن هذه العادات في غير رمضان فإن في رمضان وجوِّه العام ما يعينه على التخلي عن سيئ العادت والتحلي بكل الفضائل، فالصيام عبادةٌ قوامها أن يمتلك المرء نفسه، وأن يحكُم هواه، وأن تكون لديه العزيمة التي يترك بها ما يشتهي، ويقدم بها على ما يكره.

كما أن الصيام يقوم على تحرير الإرادة الإنسانية، وجعلها تبعا لأوامر الله لا لرغائب النفس، وتحرير الإرادة هو الفرق الهائل، لا أقول بين الحر والعبد، بل بين الإنسان والحيوان، ومن لم ينأَ بنفسه عن عالم الحيوان الأعجم فلا يلومنَّ إلا نفسه، ومن لم يتعامل مع شهر رمضان على أنه شهر الثورة على كل عادة سيئة فلم يتحقق بفضيلة ولم يحرز هدفا، وخرج من شهر الفيض خائبا خاسرا.