العلاّمة أَبو إسحاق ابن شعبان الفقيه الحافظ النظار المتفنن، شيخ المالكية وآخر من انتهت إليه الرياسة بمصر من المالكيين، معروف بابن القرطي، أحد علماء الأمة الإسلامية وصاحب الكتاب المشهور “الزاهي في الفقه”.

ابن شعبان هو شيخ المالكية أبو إسحاق يُعرف بابن شعبان نسبة إلى جده، ويُعرف أيضا بابن القرطي نسبة إلى بيع القرط وهو رأس الفقهاء المالكيين بمصر في وقته، مع التفنن في التاريخ والأدب. كان إماما وفقيها مالكي المذهب، ومؤرخ، وأديب، و مُحدث من رواة الحديث. وهو من نسل الصحابي عمار بن ياسر.

وكان صاحب سُنة وإتباع، وباع مديد في الفقه، مع بصر بالأخبار، وأيام الناس، مع الورع والتقوى، وسعة الرواية.

من هو ابن شعبان؟

هو محمد بن القاسم بن شعبان بن محمد بن ربيعة بن داود بـن سـليمان بـنأيوب الصيقل بن عبيدة بن محمد العمـاري مـن أولاد عمـار بـن ياسـر – رضـي الله عنه – وهو أبو إسحاق، يعرّف بابن القُرْطي نسبة إِلى بيع القُرْط. ويقال له ابن شعبان، وهو من نسل عمار بن ياسر.

رأس ابن شعبان الفقهاء المالكيين بمصر في وقته، مع التفنن في التاريخ والأدب. كان كثير الذمّ لبني عبيد (الفاطميين) ويدعو الله أن يميته قبل دخولهم مصر.

بعث إليه معد بن إسماعيل (المعزّ الفاطمي) بكتاب ومئة مثقال مع رسوله ابن الديليّ فقرض البسملة من أعلى الكتاب وأحرق باقيه بالشمعة أمام الرسول، ورد المئة عليه. وكان الحكم المستنصر أمير المؤمنين بالأندلس يوجه سرا كل عام إلى كل واحد من علماء مصر صلة سنية (مئتي مثقال) ويخص ابن شعبان بضعفها. وفعل ذلك بعده صاحب القيروان فردها ابن شعبان وأساء القول فيه.

ولد ابن شعبان في حدود عام ٢٧١. هـ، ونـشأ فـي مـصر، وسـمع مـن شـيوخها، ولـم ينتقـل منهـا إلـى غيرها.

 مواقفه وروايته

كان من المتمسكين بالسنة النابذين للبدعـة، يتـسم بـالورع والزهـد فـي الدنيا والبعد عن الأهواء.  قال الإمام الذهبي في ترجمته: “كان صاحب سنة كغيره من أئمة الفقه في ذلك العصر.

سمع من شيوخ المصريين ولم يكثر ولم يرحل وكان فقيها. روى عن النسائي، وعلي بن سعيد الرازي. وروى عنه ابن الدبّاع ومحمد بن أحمد بن الخلاص وخلف بن القاسم بن سهلون الأندلسي وعبد الرحمن بن يحيى العطار وإبراهيم بن عثمان.

مؤلفاته

لابن شعبان العديد من الكتب والرسائل والمؤلفات في مجالات مختلفة: له في الفقه “الزاهي في الفقه”، وهو أشهر مؤلفاته، كما له “أحكام القرآن” و “مناقب مالك” و “شيوخ مالك” و “الرواة عن مالك” و “المناسك”.

قال عنه الفرغاني: كان يلحن ولم يكن له بصر بالعربية مع غزارة علمه. وقال القاضي عياض: في كتبه غرائب من قول مالك وأقوال شاذة عن قوم لم يشتهروا بصحبته وليست مما رواه ثقات أصحابه.

له تآليف في التاريخ والحديث والفقه والأدب والقرآن، نذكر منها:

  1. الزاهي الشعباني في الفقه.
  2. أحكام القرآن.
  3. مناقب مالك بن أنس.
  4. شيوخ مالك بن أنس.
  5. الرواة عن مالك بن أنس.
  6. المناسك.
  7. مُختصر ما ليس في المُختصر.
  8. النوادر.
  9. الأشراط.

الزاهي في أصول الفقه

كتاب “الزاهي في الفقه” وهو أشهر مؤلفاته، كتاب جامع لأبواب الفقه أراد مؤلفه أن يقيم فقه أهل المدينة على أدلته، وهو يعد من الكتب المشهورة في الفقه المالكي، بحيث تكثر النقول عنه في كتب المذهب، فبعضهم نقل أقواله، وتعرض لها أحيانا بالنقد والتحليل، كما فعل ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات، وهو ممن أخذ عنه بالإجازة ابن شعبان، بينما ينقل عامة الفقهاء أقوال ابن شعبان، ورواياته عن غيره، ولا يتعرضون لها بنقد أو تحليل، كما هو الشأن عن عدد من شراح مختصر خليل وغيرهم.

ويعرف هذا الكتاب عندهم باسم كتاب ابن شعبان، أو كتاب القرطي، أو الزاهي، أو الشعباني. ويقول ابن شعبان في مقدمته:”… وقد روي لنا عن النبي صلى الله عله وسلم من غير جهة ثابتة أنه قال: “طلب العلم فرض على كل مسلم”..وذلك عندنا فيما يلزم الإنسان علمه، ولا يسعه جهله، ومن ذلك أن على من وجبت عليه الصلاة علم ما يلزمه قبل الدخول فيها من أسباب الطهارة والتنظف من الأذى، والندب والحض مع ما يلزمه من علم مفروض الصلاة ومسنونها، وما يتبع ذلك من أحداثها، ويشتمل عليه أمرها، وكذلك من كان ذا مال يجب في مثله الزكاة في علم ما يجب عليه من فرض ذلك، وكذلك من وجب عليه الحج بأي وجه كان، وكذلك من لزمه النفير إلى العدو ووجب عليه صيام شهر رمضان، وغير ذلك مما يلزم البالغ المكلف، وكذلك من خالط البياعات والمعاملات: يجب عليه من علم ذلك ما يمتنع به مما جاء عنه النهي في مثله كي لا يقع في خلاف ما أثبتته السنة، وشهدت بصحته الأمة..”.

ويحتوي أحد أجزاء كتاب الزاهي على سفرين:

السفر الأول: يبدأ من بداية المخطوط وينتهي بنهاية كتاب الضحايا، ويضم أبواب: الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والجنائز، والنذور والأيمان، ثم الضحايا.

السفر الثاني: يبدأ من باب العقيقة وينتهي بنهاية باب سكنى المطلقات، ويضم هذا السفر أبوابا فقهية عديدة منها: باب الأشربة، وباب الشفعة، وباب العتق، وباب الإيلاء، وباب الطلاق، وغيرها.

مكانة ابن شعبان عند العلماء

قال عنه ابن حزم الأندلسي: “حدثنا أحمد بن إسماعيل الحضرمي، حدثنا محمد بن أحمد بن خلاص، حدثنا ابن شعبان، حدثني إبراهيم بن عثمان فذكر حديثاً واهيا.

وقال عنه أيضا: “ابن شعبان في المالكية نظير عبد الباقي بن قانع في الحنفية. فإما تغير حفظهما، وإما اختلطت كُتبهما.”

وقال عنه القاضي عياض: “كان ابن شعبان رأس المالكية بمِصر، وأحفظهم للمذهب، مع التفنن، لكن لم يكن له بصر بالنحو.”

وقال عنه القابسي:“إنه ابن الفقه، ولكن في كتبه غرائب من قول مالك بن أنس وأقوال شاذة عن قوم لم يشتهروا بِصحبته وليست مما رواه ثقات أصحابه، واستقر من مذهبه.”

وقال عنه الفرغاني:“كان يلحن ولم يكن له بَصَر بالعربية مع غزارة عِلمه.”

وفاته

كانت وفاته وقت دخول الفاطميون إلى مصر، في شهر جمادى الأولى من عام 355 هـ / 966 م وقد جاوز عمره الثمانين سنة.