في بلاد غير المسلمين يلجأ بعض المسلمين الى تزيين بيوتهم عند قدوم شهر رمضان المبارك أو العيد ترغيباً منهم لأبنائهم للاهتمام بصيام هذا الشهر المبارك ومحاولة منهم للحفاظ على هوية أبنائهم الاسلامية في بلاد غير المسلمين.

هذا العمل مشروع، وهو يقع ضمن العادات التي لا تتنافي مع أحكام ومبادئ الإسلام، والأصل أن العادات مباحة؛ مالم يأت دليل على تحريمها، ويتساوى في هذا المسلمون في بلاد المسلمين، والمسلمون في بلاد غير المسلمين، ويتأكد في حق المسلمين في بلاد غير المسلمين أكثر.

والعادة أو العرف نوعان:

الأولى: عادة شرعية؛ نص الشارع على حكمها.

والثانية: عادة جارية بين الناس، لم يأت فيها من الشرع نفي أو إثبات.

وهي نوعان: صحيح وفاسد، فالصحيح ما تعارف عليه الناس وليس فيه مخالفة تصادم ثوابت الدين، والعرف الفاسد خلاف ذلك.

وليس في تزيين البيوت فرحا بقدوم شهر رمضان أو العيد مخالفة شرعية، بل على العكس، ففيه تشجيع للأولاد على حب هذا الشهر الفضيل، أو الاستبشار والفرح بالعيد، وكلها مقاصد محمودة، وإن كان الفقهاء قد نصوا في قواعدهم على أن: ” للوسائل حكم المقاصد”، فإن المتممات للمقاصد تأخذ حكمها، وكل ما دار في فلكها لا يخرج على وجه المشروع.

فهذه المظاهر من العادات المحمودة شرعا، بل يستحسن أن تقوم بها الجاليات المسلمة في بلاد الغرب؛ حفاظا على الهوية الإسلامية،  وقد قال تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ ‌مُوَلِّيهَا ﴾ [البقرة: 148] ، وإظهار تلك المظاهر فيه إظهار لفرائض الإسلام في بلاد غير المسلمين.

كما أنها ربط للمسلمين– كبارا وصغارا- بشعائر الدين وتعظيمه، وقد قال تعالى: ﴿وَمَنْ ‌يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32] .

كما أن تزيين البيوت لاستقبال رمضان أو العيد هو تعبير عن الفرح بطاعة الله تعالى، والفرح بطاعة الله تعالى محمود في الشريعة، كما قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ ‌فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: 58] .

وكما قرر الفقهاء في القواعد:” الأصل في الأشياء الإباحة”، فكل هذه الأشياء من الأمور التي سكت عنها الشارع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:” وما سكت عنه فهو عفو. رواه أبو داود.

وقد جرت عادة المسلمين في تزيين البيوت بعد أداء الشعائر والعبادة العظيمة كالحج وغيره، وحصل هذا دون نكير من علماء الإسلام؛ فكان إقرارا منهم على الجواز.

وقد ثبت عن الفقيه عبد الله بن المبارك – رحمه الله- أنه كان إذا أدى مناسك الحج في جماعة، وأرادوا العودة لديارهم، كان يرسل من يصلح بيوتهم ويرممها ويزينها ويصنع وليمة فرحا بأداء مناسك الحج.

ومما يؤكد مشروعية تلك المظاهر هو محاولات الطعن في شعائر الإسلام ومحاولة إبعاد المسلمين عن شعائرهم، وتهوينها في نفوسهم وقلوبهم، فتكون مثل هذه المظاهر في مثل هذه الحالة مستحبة؛ لما يترتب عليها من مقصد تعظيم شعيرة الصيام أو العيد أو غيرها من شعائر المسلمين، ويؤيدها حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين:” إنما الأعمال بالنيات”، والنية هنا محمودة، والعمل غير مناف للشريعة.

هذا وقد جرت الفتوى من فقهاء العصر على جواز تلك المظاهر من تزيين البيوت وتعليق فوانيس رمضان ونحو ذلك، مما ليس فيه تبذير أو إسراف.

بل ندعو المسلمين خاصة في بلاد المهجر أن يحرصوا على تحبيب أولادهم لشعائر الإسلام بكل وسيلة ممكنة، وأن يظهروا تلك الشعائر بما لا يخالف أصول الإسلام.