من المهم أن نقترب من العلماء والدعاة والمفكرين، على المستوى الشخصي والاجتماعي، مثلما نقترب منهم على المستوى الفكري؛ فذلك يكشف لنا كثيرًا من جوانب تَميزهم وتأثيرهم، ويضعنا أمام نموذج حي متكامل في العلم والخُلق، والفكر والسلوك.. وهذا أمر نحن في شديد الحاجة إليه دائمًا.

وفي هذا الحوار يُبْحِر “إسلام أون لاين” -إنسانيًّا واجتماعيًّا، وفكريًّا أيضًا- مع حفيد واحد من أئمة التجديد في الفكر والدعوة في العصر الحديث، هو السيد محمد رشيد رضا رحمه الله، وهو الأستاذ “فؤاد سعيد” بن “محمد شفيع” بن “محمد رشيد” بن علي رضا الحسيني، الذي له جهود طيبة في نشر تراث الجد والتعريف به.. فإلى الحوار:

 

نود أن نتعرف على ظروف نشأتكم

تفتحت عيوننا ونحن صغار على مَثلٍ وقُدوةٍ هو جدنا “السيد رشيد” كما كان يُذكر اسمه داخل بيت العائلة الذي ولِدْتُ فيه بعد تسع سنين من وفاته، وهو هو ذاته مقر “دار المنار” 14 شارع الإنشاء المتفرع من شارع القصر العيني بمنطقة الوزارات بوسط القاهرة، والذي غيروا اسمه بعد وفاته إلى “صفية زغلول”.

وما زالت في ذهني صورة أرفف الكتب، وما تبقى من مطبعة المنار تحت دارنا . والمكتبة التي تبيع الكتب منفصلة عن البيت بحديقة كنا نلعب فيها ونحن صغار، وفوق المكتبة كانت غرفة جدي؛ دخلتها مرة في شبابي وكانت خالية إلا من عبق التاريخ والذكريات، وحتى هذه الغرفة هُدمت فيما بعد. وكان يبيع الكتب في المكتبة “الشيخ سيد عفيفي”، رجل كبير السن عاصر جدي، وحكى لي كيف أن جدي كان يعود للمنزل حاملاً شيئًا من الفاكهة يأبى أن يحملها عنه أحد، وأنه كان مهيب الطلعة يحترمه الناس من بعيد.

أما جدتي سعاد حسن الصفدي -وكنا نخاطبها بـ “نِينا” على وزن {مَجْرَاهَا} كما في الآية 41 من سورة هود– فقد حكت لي أنها هي التي كانت تلفّ له عمامته، وأنها كانت تخرج معه بعد الفجر ليسيرا مسافة طويلة معًا، أما حديثها عن معاملته الطيبة لها فحدّث ولا حرج.

ومن ذكرياتي معها أنني مازحتها مرة فقلت لها: “السكوت علامة آل رضا”، فقالت لي: لا، صوتهم عالي. ذلك أن السيد رشيد وأبي شفيع وأنا نغمة صوتنا عالية بطبيعتها، وقد كتب السيد رشيد عن نفسه في كتابه “المنار والأزهر”: “وإنني أؤذن لصلاة الفجر في روشن الدار كل يوم تقريبًا ثم أصلي على النبي وأنا منصرف من الأذان وأسأل له الوسيلة باللفظ المروي عنه في الصحاح والسنن وغير ذلك مما ورد. (والرَّوْشَنُ هو‏ الشُرْفَةُ).

وقد شهد الأهل أن صوته رحمه الله كان يسمعه سكان شارع الإنشاء، ومسافة الشارع ليست طويلة من الجهتين، وفي ذاك الزمن -حتى وفاته في يوم الخميس 23 من جمادى الأولى 1354هـ، الموافق 22 من أغسطس/ آب 1935م- كان الهدوء هو السائد لقلة المارة والسيارات في الشوارع، وكانت كل المنازل منفردة بحدائق. وقد تركتُ هذا المنزل مع أهلي في  1368هـ  1949م وكان الهدوء ما زال سائدًا.

كيف تعرفتم على تراث الجد رحمه الله؟

كانت كتب جدي متوافرة في بيتنا في 28 شارع وادي النيل بالمعادي جنوب القاهرة، وفي صيف 1380هـ 1960م بدأت في القراءة، ونقلت غرفتي إلى غرفة المكتبة، فقرأت كثيرًا في المنار المجلة والتفسير، وكذلك كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي الذي تتلمذ عليه رشيد رضا في شبابه، وكنت أذهب يوم الجمعة إلى ميدان الأزهر وجواره؛ لشراء ما لم يكن عندنا من كتبه، وجَلَّدْتُ كثيرًا منها عند “جاد المجلد” الذي كان يُجَلِّدُ مطبوعات المنار.

ما جهودكم في نشر تراث الجد والعناية به؟

أعدت نشر 21 كتابًا من كتب جدي، مع شيء من التحقيق، وهي:

حقيقة الصيام وحِكَمُه وفوائده. مناسك الحج أحكامه وحِكَمُه. مختصر ذكرى المولد النبوي A Brief Account of the Life of Prophet Muhammad. يُسْر الإسلام وأصول التشريع العام. الربا والمعاملات في الإسلام. نداء للجنس اللطيف. المنار والأزهر. تفسير سورة يوسف عليه السلام. محاورات المصلح والمقلد والوحدة الإسلامية. ترجمة القرآن وما فيها من المفاسد ومنافاة الإسلام. الوحي المحمدي. شبهات النصارى وحجج الإسلام. الوهابيون والحجاز. السنة والشيعة. خطاب عام فيما يجب على المسلمين لبيت الله الحرام، وحرم رسوله عليه الصلاة والسلام. خلاصة السيرة المحمدية وحقيقة الدعوة الإسلامية وكليات الدين وحِكَمِهِ. مناظرة في مساواة المرأة للرجل في الحقوق والواجبات. الخلافة أو الإمامة العظمى. فتويان من فتاوى المنار الإصلاحية. كتاب الأربعين النووية وشرحه.

ماذا كان من حديث الوالد عن الجد، رحمهما الله؟

نعم، كثيرًا ما كان يحدثني الوالد عن جدنا رحمهما الله، بمواقف وأحداث لها دلالة وعبرة.. من ذلك، أن أبي أخبرني أن أباه كان يقول له: “نحن أُمّة”؛ أي أن الناس تقتدي بنا، فيجب أن يكون سلوكنا أهلاً لذلك؛ وهذا من باب الحث على الصلاح.

وحكى لي أبي أيضًا أنه في صيف 1354هـ 1935م، وبعد نجاحة في البكالوريا بترتيب الخامس على المملكة المصرية، سافر إلى قريتنا الساحلية “القلمون” طرابلس الشام، فلما جاء البرق “التلغراف” بخبر وفاة جدي سافر فورًا مع الشيخ عبد الرحمن عاصم -ابن عم رشيد رضا ووكيله وزوج أخته نفيسة علي رضا- إلى حيفا بالسيارة ومنها بالقطار إلى القاهرة. وحكى لي أبي كيف أنه بعد أن غادر القطار محطة العريش نظر من نافذة القطار إلى البحر، وكان الوقت ليلاً، وهو يفكر في كيف أنه في هذا العمر -20 عامًا- سيتولى إدارة المنار، والمطبعة، والموظفين، وسداد الدين.. إلخ. وعاش أهلي بعدها سبع سنين عجافًا، واضطروا لبيع أشياء كثيرة بما فيها كتب المكتبة الشخصية للسيد رشيد كي يسددوا الدين.

وقد حكى لي الحاج وهبة حسن وهبة في هذا الأمر أنه عمل في دار المنار سنتين أو ثلاثًا في صغره، وكان مسؤولاً عن إجابة طلبات الكتب. وفي يوم طَلب منه أحدهم عددًا من الكتب فأرسلها له مع المطالبة بالثمن. ثم عاد نفس الشخص لطلب كتب أخرى، فأرسل له الكتب ومعها المطالبتان الجديدة والقديمة. ثم عاد نفس الشخص لطلب كتب أخرى دون أن يدفع شيئاً مما عليه. فقام الأستاذ وهبة بتحضير الكتب وصعد للسيد رشيد ومعه المطالبات الثلاث “لأنه صاحب المال” وقص عليه القصة، فما كان من السيد رشيد إلا أن قال له: “يا ابني أرسل الكتب، نحن لا نبيع العلم”.

وأضيف ما أبلغني به ابنه الأستاذ حسين وهبة: “إن والدى المرحوم وهبة حسن وهبة أول ما تعلم مهنة الكتاب كان على يد فضيلة الإمام محمد رشيد رضا؛ حيث كان يعمل عنده وكان يسميه وينادى عليه: يا ولد. هذه المعلومة حدثني بها والدى أكثر من مرة. وتعلم منه الكثير الذى أفاده في مهنته”.

فإذا كان عمر الحاج وهبة عندما التحق بالعمل بدار المنار عشر سنين فقط، فلا غضاضة من أن يناديه السيد رشيد، وكان عمره ثمانية وستون سنة، بـ: يا ولد.

ومن هذا المنطق “نحن لا نبيع العلم” كان رشيد رضا في افتتاحيات مجلدات المنار الأخيرة يطالب مشتركي المجلة بدفع اشتراكاتهم، ورغم أن كثيرًا من المشتركين لم يكن يدفع الاشتراكات فلم تنقطع المجلة من الوصول إليهم. وهذا أدى إلى أن توفي السيد رشيد وهو مدين بألفي جنيه ذهب، منها ألف جنيه “بكمبيالة” لشراء ورق لطبع المجلة -كما أخبرني والدي- مما أثقل تركته بعد وفاته.

لقد كان رشيد رضا صاحب رسالة سامية أعانه الله عليها رغم كل الصعاب التي واجهته، ولم ينجح في أداء هذه الرسالة إلا بإخلاصه لله. وكم رأيت ممن نَسب لنفسه وتاجر واغتنى مما كتبه جدي.

وماذا عن ذكرياتكم مع الجدة الكريمة؟

تزوج جدي السيد رشيد من جدتي سعاد حسن الصفدي، وكانت هي عند خطبته لها في بلدها: ميناء طرابلس الشام، وهو في القاهرة، ولا يستطيع السفر إلى طرابلس الشام لأنه ناصح أمين للدولة العثمانية، ثم عاشا حياة هنيئة حتى إن جدتي كانت تذكره بخير ومحبة إلى وفاتها، بعد وفاته بخمس وثلاثين عامًا. وكان زواج جدي من جدتي في الخميس 18 جمادى الأولى 1331هـ- 24 إبريل / نيسان 1913م.

وقد تحملت جدتي الشلل والعمى لتسع سنين أخيرة من عمرها دون تأفف ولا انزعاج، بل كانت صابرة محتسبة. رحم الله جدتي وأجزل ثوابها عما قدمت من خير وعون لجدي ولنا من بعده.

وكان والدها الشيخ حسن الصفدي آخر “قاضي قضاة الدولة العثمانية” في طرابلس الغرب إلى أن دخلها موسوليني 1329هـ، 1911م، فهربوا في الصحراء، وحكت لنا جدتي كيف أنهم ركبوا الجمال إلى الإسكندرية، ومنها عائدين إلى طرابلس الشام. وكانت جدتي نِعم المعين لجدي في أداء رسالته، وقد شكرها كثيرًا في رثائه لوالدته فاطمة حبلص الحسنية، وأثنى على خدمتها لأمه ثناءً جميلاً. وقد دُفنت جدتي بجوار جدي في نفس “الحوش” المدفون فيه الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في “حوش” الأميرالاي عامر إسماعيل في مقابر الغفير، بمنطقة الدَرَّاسة أمام دار الإفتاء بالقاهرة – مصر.

وحكت لي جدتي أن أبي كان صغيرًا، وفي صلاة الفجر سأله جدي: أمتوضئ يا شفيع؟ فرد أبي: نعم، فسأله جدي: منذ متى؟ فرد أبي: منذ العِشاء. فضحك الجميع.

هل للسيد رشيد رضا كتب أو أوراق خاصة لم تنشر، أو في طريقها للنشر لأول مرة؟

نعم، مثل كتاب “مناظرة في مساواة المرأة للرجل في الحقوق والواجبات”، وجدت نسخة منه معدة للطباعة في مكتبة الشيخ عبد الرحمن عاصم ابن عم جدي فنشرته، ولم ينشره رشيد رضا ككتاب رغم نشره في المنار لأنه نَشر بدلا منه كتاب “نداء للجنس اللطيف، حقوق النساء في الإسلام وحظهن من الإصلاح المحمدي العام”، والموجود منه نسخة مشوهة على الشبكة بتعليقات متشددة مضادة لهدف رشيد رضا في تحبيب الإسلام للنساء، أمهات المستقبل.

هل من خاصية شخصية للسيد رشيد؟

كان السيد رشيد يحب القطط، وكانت له قطة أَسْمَاهَا “فوزية”، وكانت تجلس في حِجْرِه بعد صلاة الفجر وهو يختم الصلاة. وكان يحب شرب الشاي، ويشتري منه الأبيض والأخضر والأحمر، ويخلطها بنسبٍ تَرُوْقُهُ؛ وكان يتوقف عن شربه عندما تطلبه نفسه.. كما كان يحب أكل العسل بالخَس.

دراسات أكاديمية كثيرة أنجزت حول الجد رحمه الله.. ما أبرز هذه الدراسات؟

ربما يكون أول بحث أو كتاب عن رشيد رضا بعد وفاته، هو كتاب “السيد رشيد رضا أو إخاء أربعين سنة”، لتلميذه في “مدرسة دار الدعوة والإرشاد”: أمير البيان شكيب أرسلان، الذي نشره عام 1356هـ، 1937م، في 840 صفحة.

ثم بحث الشيخ أحمد الشرباصي الذي نال عنه درجة الدكتوراه في الأدب والنقد عام 1387هـ 1967م، وكان موضوعه “رشيد رضا صاحب المنار.. عصره وحياته وجهوده الأدبية واللغوية”.

ثم بحث السيدة منوبة برهاني بعنوان “الفكر المقاصدي عند محمد رشيد رضا” التي نالت عنه درجة الدكتوراه من “جامعة الحاج لخضر” بالجزائر عام 1427هـ 2007م.

ثم بحث “موقف الشيخ رشيد رضا من السنة” للشيخ حسين عبد الكريم، الذي حصل به على درجة الماجستير.

وهذه بعض الأمثلة القليلة من الدراسات عن رشيد رضا، وستجد كتبًا ودراسات في مجالات شتى، وبلغات عدة، عنه في: العقيدة، التفسير، الإصلاح، اللغة، الشعر، التاريخ، السياسة، إلخ. فالشبكة العنكبوتية فيها حوالي 3,400,000 مصدر عنه باللغة العربية، وحوالي 491,000 مصدر بالأحرف اللاتينية، والله أعلم بعدد المواقع المشتركة، وليس كلهم معه، وليس كلهم ضده، وأهلاً وسهلاً بالمختلفين، الناقدين نقدًا علميًّا، أما الطاعنون الشانئون فعند الله تجتمع الخصوم.

وكثير من كتبه تم ترجمتها لعدة لغات؛ مثل كتابه “الوحي المحمدي” الذي تُرجم في حياته، كذلك وجدت ترجمة حديثة كاملة لتفسير المنار باللغة التركية.

كيف ترون تأثير مدرسة التجديد بقيادة الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، في واقعنا المعاصر؟

فكر مدرسة المنار أو “المناريون” -وهو تطور طبيعي لفكر الأفغاني فعبده فرضا- هو السائد في العالم حاليًا رغم المجهود المبذول في إعاقته من مسلمين وغير مسلمين، لأنه “التجديد بالمأثور”؛ حيث يعرض الإسلام الحقيقي الوسطي الشامل، بلا أهواء ولا باطل. وقد رأيت كثيرًا من الهيئات في بلاد شتى يجمعها جوهر فكر مدرسة المنار، وإن اختلفت في بعض التفاصيل حسب ظروفها وبيئتها.

وهنا تأتي “قاعدة المنار الذهبية” لرشيد رضا: “نتعاون على ما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه”، طالما أن هدف الجميع هو رفعة الإسلام. كما لا يفوتني أن أذكر كيف أن كتب رشيد رضا كانت تُنسخ باليد وتوزع داخل الاتحاد السوفييتي بعد تهريب نسخة أصلية منها؛ حيث كانت الكتب الإسلامية ممنوعة من الدخول بما فيها المصاحف.

ما هي أهم الكتب التي حققها ونشرها رشيد رضا؟

1- المغني والشرح الكبير

2- مسائل الإمام أحمد

3- صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان.

وغيرها بالعشرات.

موقف رشيد رضا من الدولة العثمانية يثور حوله بعض الجدل.. نريد إلقاء الضوء على موقفه؟

لم يكن محور كلام جمال الدين الأفغاني فمحمد عبده فرشيد رضا، عن الدولة العثمانية إلا الإصلاح. وبالعودة إلى “مجلة المنار” و”تفسير المنار” وكتب رشيد رضا -وكثير منها على الشبكة الآن- سترون كيف أن مجلدات السنوات الأولى من “المنار” خير دليل على محاولات رشيد رضا في إصلاح حال الدولة العثمانية (بالحكمة والموعظة الحسنة)؛ لكن كانت ردة فعلها أن منعت “المنار” من دخول ممالكها، وحكمت عليه في عهد الاتحاديين بالإعدام!

لماذا بين الحين والآخر تثار الشبهات المكرورة حول هذه المدرسة التجديدية؟

هناك مدرستان أساسيتان في الفكر والفقه الإسلامي المعاصر: مدرسة التشديد بغير نص، ومدرسة التيسير بغير إثم. ومدرسة التشديد بغير نص تضمحل لبعدها عن الروح الحقيقية للإسلام، ومدرسة التيسير بغير إثم تنتشر وتزدهر وتنتصر بتؤدة رغم كل العقبات الكؤود التي يضعها أمامها المسلمون المتشددون والجاهلون و”الجغرافيون” (كما يسميهم رشيد رضا)، وأعداء الإسلام على أشكالهم.

والعجيب أن يكون خصوم مدرسة (الأفغاني، عبده، رضا)، من داخل الملتزمين وخارجهم.. كأن قطاعًا كبيرًا اتفق على تشويه هذه المدرسة، وعلى نِسْبَةِ أمورٍ إليها لا تعبِّر عن آرائها ومواقفها..!

ما أبرز ما تميزت به مدرسة التجديد، خاصة في جهود أعلامها الثلاثة (الأفغاني، عبده، رضا)؟

أبرز ما تميزت به هذه المدرسة التجديدية هو “الإصلاح بالمأثور”؛ أي عودة المسلمين إلى مجدهم بأن يعودوا إلى الإسلام:

الحقيقي: فلا عقائد باطلة، بلا زيادة ولا نقصان.

الوسطي: فلا إفراط ولا تفريط، بل تيسير بغير إثم.

الشامل: لجميع مناحي الحياة، بلا استثناء.

ما النصيحة التي توجهونها للشباب؟

وصية الرسول : (وإياك وما يُعتذر منه). وهي من (جوامع الكلم) التي أوتيها الرسول . فلتتأملوها ولتعملوا بها. وأود أن أختم هذا الحوار بأمر طريف، يفسِّر لماذا جاءت إجاباتي مختصرةً في أسئلة كثيرة؛ لأنه إذا عُرف السبب بَطُلَ العَجَب،كما يقال. أما هذا الأمر فهو أن “السيد رشيد خَلَّصَ الحِبر”، كما كانت تقول لنا جدتي أم شفيع رحمها الله، ذلك أنه لم يكتب أحد من أولاد أو أحفاد رشيد رضا شيئًا يُذكر، والى الآن.

وأضيف: إن عدد صفحات “مجلة المنار” هو 29452 صفحة: شاملة “تفسير المنار” وأغلب ما كتب رشيد رضا. ولو أننا قلنا إن رشيد رضا كتب نصفها، وهذا أقل تقدير -فكل ما هو غير مُوقَّع في “المنار” فهو من كتابته- فيكون رشيد رضا قد كتب 14 ألف صفحة على الأقل في (علمٌ ينتفع به)، فكان مرشدًا لمن بعده…رحم الله رشيد رضا وأجزل ثوابه..