تظل قضية تجديد الخطاب الديني وما تتطلبه من تيسير العلوم الإسلامية، إحدى القضايا المهمة والمطروحة ضمن همومنا المعاصرة؛ حتى نقدم خطابًا فاعلاً وقادرًا على الإسهام في معاجلة المشكلات ومواجهة التحديات.

وفي هذا الحوار نتعرف على بعض الجوانب التي تمس هذه القضية، من الدكتور خالد راتب، الذي أصدر ثلاثة أجزاء في مشروع طموح لتيسير العلوم الإسلامية، بما يجمع بين التراث والمعاصرة.

والدكتور خالد راتب باحث في الشئون الإسلامية بمجمع البحوث الإسلامية، وأستاذ مساعد بالجامعة الإسلامية بمِنيسوتا، وحاصل على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية عن موضوع” جهود أبي زهرة الأصولية والفقهية”، من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 2012م.

من مؤلفات وأبحاثه: ملامح التجديد في الفقه الإسلامي- أبو زهرة أنموذجًا. التجديد- مفهومه ومضمونه وشروطه. فقه مواطنة المسلم في الدول الغربية. الأصول والمنطلقات الفكرية لجماعات التطرف وطرق مواجهتها في الإسلام. التعددية الدينية والمشتركات الإنسانية في الإسلام. تنمية الشعور بالمسئولية عند أفراد المجتمع. فلسفة التكافل الاجتماعي في الإسلام. مواجهة الاحتكار في ضوء الرؤية الإسلامية..

نحتاج إلى إزالة التناقض بين التمسك بالتراث ومواكبة العصر

“التجديد” تواصل وليس قطعًا للماضي عن الحاضر والمستقبل

من المهم الارتقاء بالخطاب الإسلامي إلى أفقه الإنساني والعالمي

تجديد الخطاب الديني يتطلب الاهتمام بالدعاة وتأهيلهم

الشيخ أبو زهرة قدم نموذجًا للتجديد الفقهي المطلوب

 فإلى الحوار:

– نريد أن تعرف على مشروعكم (موسوعة تيسير العلوم الإسلامية- رؤية تراثية عصرية).. ظروف النشأة والحاجة التي دعت له؟

نشأ هذا المشروع- الذي أتمنى من الله أن يتمه على خير، وأن يخرج في الصورة التي يرضى عنها- لتصحيح الرؤية المتناقضة تجاه التراث وقضايا العصر والمستجدات، فهناك رؤية تمجد التراث وتتعامل مع بقدسية، حتى وصل الأمر إلى وضعه في مصاف الثوابت التي لا يمكن الاقتراب منها!

وهناك رؤية أخرى تريد استئصال التراث من جذوره، ظانين أن مواكبة العصر والمستجدات لا تتأتى إلا إذا خاصمنا التراث وعزلناه، بل وقمنا بهدمه! وهم بذلك يقصدون البداية الصفرية (أي البداية من نقطة الصفر) وهذا لا يستقيم عقلاً أو عرفًا أو شرعًا.

كما أن الحاجة كانت ملحة لهذا المشروع؛ حتى نعالج هذه النظرة المتناقضة، والخروج برؤية وسطية تجمع بين التراث وقضايا العصر، نأخذ من تراثنا من نعالج به قضايانا، كما أن هذه الموسوعة- والتي كنت أتمنى أن تقوم بها المؤسسات الدينية- تعد نقطة انطلاق للتجديد الذي يجمع بين التراثية والمعاصرة. ومن هنا كان العنوان- وكذلك- المضمون يجمع بين التراث والمعاصرة.

– وماذا صدر من هذه الموسوعة؟

صدر من هذه الموسوعة ثلاثة أجزاء (علم الأصول، وعلم الحديث دراية ورواية، ومفكرة في علم الميراث)، وقد بدأت بعلم الأصول و علم الحديث ؛لأن أغلب المؤلفات اعتمد فيها على ما كتبه الأقدمون، مع تبسيط بعض المباحث دون إضافة أفكار جديدة ملموسة تواكب العصر وتراعى روح النص، طريقة تجمع جميع مباحث علم الأصول، وتنحي ما لا علاقة له بهذا العلم؛ لذا كان الاهتمام بـ علم المقاصد في حديثي عن علم أصول الفقه ، فقد تحدثت عن المقاصد الشرعية العامة، وتطبيق هذه المقاصد على فعل المكلف، والمقاصد الخاصة، أي الخاصة بباب معين أو بأبواب متجانسة من الشريعة، أو مجموعة متجانسة من أحكامها وكذلك المقاصد الخاصة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية والكونية لضبطها بموازين الشريعة، وكذلك الكلام عن المقاصد المتعلقة بالمجتمع والأمة والعالم، والمقاصد الخاصة بالبناء والتعمير.. إلى غير ذلك.

وعموما أردت أن أخرج مؤلفًا يجمع بين الرؤية التراثية عن طريق الاستفادة من جهد علمائنا الأصوليين القدامى، والرؤية العصرية التي تتناسب مع روح الشريعة الإسلامية ومتطلبات العصر بالإضافة إلى الاهتمام ببعض المسائل التي لم تأخذ حظها- ولو بصورة مختصرة- من الاهتمام والتي من الممكن التوسع فيها فيما بعد- مثل: إلقاء الضوء على أثر علم المنطق في أصول الفقه، واعتبار السياق في فهم النصوص والوقائع واستنباط الأحكام، والتأكيد على قضية تجديد أصول الفقه بنظرة وسطية لا تجافى تراثنا الأصولي ولا تجمد عنده.

وكذلك سلكت نفس المنهج في حديثي عن الجزء الثاني في الموسوعة: ( علم الحديث دراية ورواية)، وكان الهدف من هذا المؤلف تقديم علم الحديث دراية ورواية في صورة سهلة تجمع بين التراثية والمعاصرة؛ كي ينتفع به المتخصص وغيره، وأن تصبح الأمة الإسلامية موصولة السند برسولها صلى الله عليه وسلم مما ييسر عليها الاقتداء به، فعلم الحديث هو ميراث النبي صلى الله عليه وسلم وفهمه والحفاظ عليه والعمل به جزء من ديننا، فالسنة يعتمد عليها في الوصول إلى الحكم الشرعي؛ لأنها هي المصدر الثاني من التشريع.

كما كان الهدف منه الجمع بين علم الحديث دراية ورواية في مؤلف واحد بطريقة مبسطة يسهل هذا العلم، وإبراز قضايا علم الحديث بطريقة شاملة متكاملة يسهم في خدمة العلوم الشرعية، والإنسانية، والكونية، فقد استفاد المسلمون، والغرب، والشرق، من هذا العلم الذي تميزت به أمة الإسلام فهي أمة السند.

وهل هناك أجزاء أخرى تحت الإعداد؟

نعم، لقد أخذت العهد على نفسي أمام الله من باب المسئولية الدينية والإنسانية أن أقدم العلوم الإسلامية بطريق سهلة ميسرة تجمع بين القديم والحديث، بين التراث والمعاصرة، وهذا يتطلب إكمال هذه الموسوعة- إن شاء الله- في سائر العلوم الإسلامية، بل وأفكر بمعاونة المتخصصين بتوسيع عمل الموسوعة ليشمل بعض العلوم الإنسانية كعلم الاجتماع وعلم النفس.. وهكذا.

أما عن الأجزاء الأخرى التي تحت الإعداد فقد بدأت في جمع المادة العلمية الخاصة بالسيرة النبوية ، وسوف تخرج بثوب جديد تستفيد منه الأمة في حاضرها ومستقبلها.

هذا يأخذنا إلى قضية “تجديد الخطاب الديني”.. كيف ترون هذه القضية المثارة من فترة؟

قضية تجديد الخطاب الديني أمر ملح في سائر المجالات خاصة ما له صلة بمخاطبة الناس وتشكيل آرائهم وأفكارهم؛ لأن الحياة دوامة من المتغيرات والمستجدات، وهي في حركة مستمرة، مما يقتضي أن تكون طبيعة الخطاب وآلياته مواكبة لذلك، بالقدر الذي يحقق مقاصد الخطاب الديني وغاياته المنشودة.

وتجديد الخطاب الديني مسئولية كبرى، ومن واجب العلماء والدعاة الاجتهاد في تقديم الخطاب الأمثل الذي يحقق مقاصد الشريعة ومصالح البشرية ويمدهم بقيم النهضة والرقي والازدهار. وتجديد الخطاب الديني يعد ضرورة حتمية، ومطلبا شرعيا وإنسانيا وحضاريا، فهو سبيل الإصلاح الذي أمر به الدين حيث قال على لسان نبي الله شعيب: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود: ٨٨).

فالتجديد عملية تواصل وتوارث، وليس قطعًا للصلة بين الحاضر والمستقبل بالماضي، ولا قطعًا للصلة بين التراث والواقع؛ لذا فإن كل محاولة ترفض التراث أو تنحيه من أجل التجديد المزعوم لا تسمى تجديدًا بل هي تبديد، فالتراث حلقة من حلقات التجديد، والتداول الحضاري، فإذا سقطت هذه الحلقة سقط المشروع الحضاري بأكمله، فكيف نبني حضارتنا بغير أساس، والتراث هو أساس بناء الحضارات إذا أحسنا التعامل معه!

– وهل هذا التجديد له ضوابط؟ وما أهمها؟

نعم، كل شيء في الحياة لا بد له من ضوابط وقواعد، والتجديد لا يكون في الدين، ولكن في التدين والأفهام والاستنباط، والتعامل مع النصوص، ومعالجة الواقع برؤية شرعية منضبطة، ومعرفة فيمَ يكون التجديد؛ بحيث يكون التجديد في الفروع لا في الأصول، والمتغيرات دون المساس بالثوابت، والظنيات لا القطعيات، والوسائل لا المقاصد، وتحرير المصطلحات ذات الصلة بالتجديد، ودفع الأفكار الفاسدة لا الأفكار الراسخة، والعمل على هداية الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، والتعامل مع الإيجابيات والسلبيات والمستجدات بالمنهج النبوي، لا محاكمة الناس بالدين والحكم عليهم دون بينة ومن غير المتخصصين.

وهذا يحتم علينا جميعا أن نهتم بقضية التجديد في جميع المجالات، وبناء الإنسان إيمانيا وأخلاقيا وعلميا وثقافيا؛ كي نتعامل مع قضية التجديد من منطلقات صحيحة بعيدا عن الإفراط والتفريط، وهذا يتم بتجديد الإيمان في القلوب، و تصحيح المسار الفكري، ونشر الثقافة الإسلامية الصحيحة، ومحاربة الخرافات والضلالات، والعودة إلى الرافدين: الكتاب الكريم، والسنة المطهرة، بفهم واع وتطبيق عملي، وبناء مجتمع المعرفة والتعاون، والإخاء والتسامح مع الإنسانية كلها دون نظر إلى دين أو لون أو جنس، وهذا لا يتأتى إلا بثورة تجديدية تتفاعل مع الواقع ولا تجافيه، ولا تجمد على الموروث دون الاستفادة منه والانطلاق من خلاله، والارتقاء بالخطاب الإسلامي المعاصر إلى أفقه الإنساني والعالمي والكوني، من أجل تفعيل جاد لقيم الكرامة والعدل والحرية والشورى، لتأخذ مكانها المحوري في أسئلة النهضة والتحرر ضمن رؤية إصلاحية حضارية شاملة، مركزها الإنسان تحريرا وتكريما وتفعيلا.

كما يجب ألا يقوم التجديد على الهوى والتشهي، وإنما يكون الدافع إليه تحقيق المصالح المعتبرة التي تعود على الأمة بالخير في أمر الدنيا والآخرة.

– “الداعية” باعتباره القائم بتجديد الخطاب الديني.. ما أهم الشروط المطلوبة فيه لذلك التجديد؟

من أهم الشروط التي يجب أن تتوافر في الداعية الذي يقوم بالتجديد:

– أهلية القائمين بتجديد الخطاب الديني: الحكم والفيصل في أهلية تجديد الخطاب الديني القرآن الكريم، قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} (النساء: 83). فأولو الأمر في كل مجال تشريعي أو علمي هم أحق الناس بالقيام بمسئولية التجديد، فتطورات العصر أوجبت علينا الاستعانة بأرباب الاختصاص في الجوانب الاقتصادية والإعلامية ونحوها، وهي استشارة علمية أو فنية محضة، ولكنها مرجعية ضرورية بل واجبة شرعاً بحسب النص القرآني: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النحل: 43)، أما أن يتصدر للتجديد من لا علم له ولا فقه ولا خبرة ولا قدرة على الاستدلال بالنصوص، وإنزالها في منازلها، ولا يدري شيئا عن قواعد الاستدلال من حيث العموم والخصوص والإطلاق والتقييد والنسخ والمصالح والمفاسد.. فهؤلاء، وإن كانوا بارعين في مجالات معينة أو في اختصاصاتهم وفنونهم التي يشتغلون بها، فإنهم في العلم الشرعي لا يخرجون من فصيلة العوام. فالتجديد مهمة الراسخين في العلم وأهل الحل والعقد في الأمة عبر المجامع والمؤتمرات العلمية الجامعة التي تتمتع بالاستقلال وحرية الرأي وإذا لم يبادر أولو الأمر إلى توفير البيئة المناسبة لاحتضان هذا المجامع والمؤتمرات فليرتقبوا فوضى فقهية وفكرية ينهار إثرها سيل العرم، ويجرف معه بقية قوة وتماسك خير أمة.

– الانطلاق من ثوابت العقيدة وقيمها، ومن أصول الشريعة وضوابطها؛ ليعيد قراءة الشريعة وفهمها في ضوء المستجدات الاجتماعية والتطورات العلمية والفكرية.

– تجديد لغة الخطاب وأسلوبه، والإلمام بالوسائل الحديث في الدعوة، وعدم الاقتصار على الطرق التقليدية.

– التواصل مع الثقافات والأديان المختلفة بلغة حضارية تتصل بكل ما هو إنساني.

– قراءة الواقع، فالداعي مطلوب منه أن يقرأ الواقع بكل حيثياته الموضوعية قراءة بصيرة رشيدة واعية من أجل: اكتشاف هذا الواقع.. التَّعرُّف على حجم التَّحدِّيات.. الوقوف على الإمكانات.. مراجعة الخيارات.. توظيف القدرات.. ترشيد الخطوات.

– على الدعاة والخطباء ضرورة اعتماد الأدلة والبراهين العقلية من واقع الحياة وتجاربها، بجانب الأدلة النقلية في خطابهم الديني، فإن ذلك أدعى للإقناع والقبول.

– تجنب مخاطبة الناس بما يخالف السنن الإلهية في الكون والمجتمع، من الخرافات والترهات التي تملأ بعض الكتب الإسلامية وخاصة كتب الوعظ والإرشاد.

– تجنب التعصب للمذاهب الفكرية والفقهية، والجمود على الفتاوى الموروثة، التي تغير زمانها، في الخطاب الديني.

– رقمنة الخطاب الديني: فلا بدّ لخطابنا الدّيني ألاّ يقتصر على المنابر والدروس المسجديّة وبعض البرامج التلفزيّة أيّام الجمعة والأعياد الدينيّة، وإنّما يجب أن يلج العوالم الرقميّة ويقدّم للشّاب ما هو في حاجة إليه من الأجوبة عن تساؤلاته المختلفة والمتنوّعة. باختصار لا بد أن نذهب إلى الشاب حيث هو، وليس أن نظلّ في انتظار أن يأتينا.

وماذا عن “التجديد الفقهي”؟

تنطلق الدعوات لتجديد الخطاب الفقهي من كونه جوهر الخطاب الديني كله وأساسه، وإذا صلح الفقه صلح الخطاب الديني، فضلاً على أن الفقه هو أساس الشريعة لأنه يمس كل أمور الناس في السياسة والاقتصاد والاجتماع والعلم والثقافة، أي أنه (القانون) في الاصطلاح الحديث؛ وإذا كانت الشريعة قد أعطت المبادئ العامة وهي الحفاظ على مقاصد الشريعة، وإذا كانت هذه الشريعة شريعة ثابتة، فإن الفقه الذي استنبط منها الفروع، فمتغير بتغير الحاجات والمصالح، ومن هنا تنطلق دعوات تجديد الفقه، وذلك بمراجعة جهود السابقين والإفادة مما سبق مع معطيات الواقع الحالي، وإذا كان القدماء قد استنبطوا فقهًا استجابةً لظروفهم فإن باستطاعة المعاصرين إبداع فقه تلبية لحاجات مجتمعاتهم.

ومن هنا نفهم تجديد الفقه على أنه: إعادة نضارة الفقه وإحياء ما اندرس من معالمه، والعمل على نشره بين الناس، والتصدي للمستجدات التي تظهر في كل عصر؛ لبيان الحكم الصحيح لهذه المستجدات.

وأما عن ضوابط تجديد الفقه فقد تحدث عن الضوابط العامة للتجديد من قبل ويدخل فيها الفقه تبعا، ولكن أضيف الآتي: اختيار أنسب الأحكام الفقهية للأفراد والمجتمعات شرعًا ومصلحة: لا يوجد نص شرعي يصطدم مع المصلحة المعتبرة، ولكن المشكلة في:

أ-فهم النص.

ب- تكييف النص.

ج- إنزال النص على أرض الواقع.

د- النظر في مآلات النص.

وكل هذه الأمور تحتاج إلى اجتهاد فقهي منوط بالعلماء المجتهدين، بشروط منضبطة.

– لكم اهتمام أكاديمي بالشيخ محمد أبو زهرة، رحمه الله.. كيف تنظرون إليه من زاوية “تجديد الخطاب الفقهي”؟

الشيخ أبو زهرة (1898م- 1974م)  عَلَم من أعلام الفكر الإسلامي، ورائد من رواد الفقه، وقد كانت رسالتي في الدكتوراه حول: “جهود الشيخ أبي زهرة الأصولية والفقهية”؛ بينت فيها جهوده المتعلقة بالأصول والفقه، وأوضحتُ أن للشيخ أبي زهرة دورًا ملموسًا في تجديد الخطاب الفقهي الذي ظهر من خلال التنظير والتقنين والمقارنات الفقهية، والدعوة إلى العمل الموسوعي، حيث أشرف الشيخ على موسوعة للفقه الإسلامي على المذاهب الثمانية، ولكن لم تكتمل، كما أن الشيخ كان من أشد الفقهاء حماسًا في الدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية التي تعد من أهم ملامح التجديد في الفقه.. من أجل ذلك سعى الشيخ إلى إبراز محاسن الشريعة الإسلامية عن طريق المقارنات بينها وبين القوانين الوضعية، ذاكرًا أوجه الشبه أو الاقتراب بين هذه القوانين والشريعة، وأيضًا أوجه الاختلاف والقصور الذي يجبر بأحكام الشريعة.