تعريف الحج في اللغة: الحج بفتح الحاء ويجوز كسرها وهو القصد. حج إلينا فلان أي قدم وحَجَّه يحجُّه حجًّا قصده، وقال جماعة من أهل اللغة: الحج القصد لمعظّم قال سيبويه: حجَّه يحجُّه حِجًا كما قالوا: ذكره ذكرًا. والحجيج: جماعة الحاج. قال الأزهري: الحَجُّ قضاء نسك سنة واحدة، وبعض يكسر الحاء فيقول: الحِجُّ والحِجَّة. وقرئ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [النساء: 97] والفتح أكثر.

وقال الزجاج يقرأ بفتح الحاء وكسرها والفتح الأصل.الحج في الاصطلاح: قصد مكة تعبدًا لله في زمن مخصوص لعمل مخصوص. (1)

والعمرة في اللغة: بضم العين وسكون الميم الزيارة. وقد اعتمر إذا أدى العمرة، وأعمره: أعانه على أدائها (2).

العمرة في الاصطلاح: قصد مكة تعبدًا لله بإحرام للطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة (3).

حكمة مشروعية الحج

ماهي الحكمة من مشروعية الحج ؟

شرع الحج لحكم وأسرار كثيرة منها:
1 – إظهار التذلل لله تعالى ويتضح ذلك في جميع مشاعر الحج من طواف وسعي ووقوف بعرفة ومزدلفة ومنى.

2 – أن فيه أداء شكر نعمة الصحة والمال وهما من أعظم نعم الله على الإنسان في الدنيا وفيه تدريب النفس على الوصول إلى أعلى درجات الإيمان والصبر.

3 – أن الحج يتمم ما شرعه الله من مواسم ومواقيت لاجتماع المسلمين في صلاة الجماعة والجمعة والعيد وذلك رغبة في اجتماع المسلمين شكلًا ومعنى على الإِسلام كي يحققوا ما أراد الله لهم.

4 – يجتمع المسلمون من كافة أقطار الأرض ليستفيدوا من منافع الحج سواءً أكانت علمية أم اقتصادية أم اجتماعية أم غيرها مما يعود بالعزة والقوة لأمة الإِسلام إذا أحسن استغلال الحج كأعظم مؤتمر إسلامي عام يتكرر كل عام (4).

أهداف الحج

ما هي أهداف فريضة الحج ؟

شرع الله الحج لأهداف سامية وأغراض هامة لمصلحة الفرد والمجتمع والأمة ومن تلك الأهداف:
1 – الحج امتثال لأوامر الله وفيه الطاعة الخالصة لله رب العالمين وتحقيق التقوى.

2- في رحلة الحج من البداية إلى النهاية تذكير بالرحلة إلى الآخرة وقيام الناس إلى المحشر.

3 – التأسي بإبراهيم -عليه السلام- حين أذن في الناس بالحج وأدى المشاعر التي أمره الله بالقيام بها.

4 – في الحج تتجلى المساواة التي ينادي بها الإِسلام في أبها صورها، ففي تلك المشاعر يقف الغني والفقير والرئيس والمرؤوس موقفًا واحدًا لا يفضل بعضهم بعضًا في أغراض الدنيا.

5 – في الحج منافع كثيرة وفوائد جليلة للفرد والمجتمع والأمة لو أحسن المسلمون الاستفادة منه قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28].

ما حكم الحج ؟

أمر الله تعالى نبيه إبراهيم -عليه السلام- أن ينادي في الناس بالحج قال تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]. وقد فرض الله الحج في الإِسلام سنة تسع من الهجرة لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران: 97].

وقيل فرض الحج سنة ست وقيل سنة سبع وقيل سنة ثمان.وأمّر النبي – صلى الله عليه وسلم – أبا بكر في الحج بالناس وأن يعلن ألا يحج البيت مشرك بعد هذا العام. ثم حج النبي – صلى الله عليه وسلم – في السنة العاشرة وسميت حجة الوداع لأنه لم يحج غيرها وقد ودع أصحابه فيها. فالحج هو الركن الخامس من أركان الإِسلام وهو فرض على كل مكلف مستطيع مرة في العمر.

إقرأ أيضا :

مقاصد الحج عند المحدثين

الأصل في مشروعية الحج

الأصل في فرضية الحج الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آلعمران: 97] ففي صدر الآية إلزام بالحج ثم أكد الأمر بأن مقابل من لم يؤد ذلك الكفر وليس من شأن المسلم ترك الحج لما يؤدي إليه ترك الحج من مآل يجب على المسلم الابتعاد عنه.

وأما السنة: فمنها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “بني الإِسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج” (5).

ومنها حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خطبنا رسول الله فقال: “أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا … ” الحديث (6).

وقد وردت في ذلك الأحاديث الكثيرة التي تبلغ التواتر وهي تؤكد على فرضية الحج ووجوبه وأنه ركن من أركان الإِسلام ومبانيه العظام على المسلم أن يؤديه.

وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على وجوب الحج مرة في العمر على المسلم المستطيع، قال ابن المنذر: “وأجمعوا على أن على المرء في عمره حجة واحدة، حجة الإِسلام” (7)، وقال ابن عبد البر: “إن الإجماع في الرجل يكون معه الزاد والراحلة وفيه الاستطاعة ولم يمنعه فساد طريق ولا غيره، أن الحج عليه واجب” (8).

جاء في البدائع: “فأما الإجماع فلأن الأمة أجمعت على فرضيته … ” (9).وجاء في المغني: “وأجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع في العمر مرة واحدة … ” (10).

وأما المعقول: فإن العبادات وجبت لحق العبودية أو لحق شكر المنعم. وفي الحج إظهار العبودية وشكر المنعم جميعًا.

ففي الحج إظهار التذلل للمعبود في جميع المشاعر والتخلي عن التزين والصبر على المشقة والجهد. وفي الحج شكر النعمة فالحج عبادة لا تقوم إلا بالبدن والمال ولهذا لا يجب إلا عند وجود المال وصحة البدن فكان فيه شكر النعمتين. (11)


1  الإفصاح لابن هبيرة (1/ 62).

 2  لسان العرب لابن منظور مادة: “حج” ومادة: “عمر”.

3  حاشية الدسوقى على الشرح الكبير (2/ 2).

4 الموسوعة الفقهية مادة: “حج”.

5 أخرجه البخاريُّ (1/ 8)، ومسلمٌ (1/ 34).

6 أخرجه مسلمٌ (4/ 102).

7 الإجماع (ص: 61).

8 الإجماع لابن عبد البر (ص: 141).

9 بدائع الصنائع للكاساني (2/ 118).

10 المغني لابن قدامة (5/ 6).

11 بدائع الصنائع للكاساني (2/ 118).