لأن التعلم هو أحد أهم حقوق الإنسان، لكونه ضرورة فردية ومجتمعية على حد سواء، ولأن التعليم صالح عام ومسؤولية عامة، فقد اعتمدت اليونسكو اليوم العالمي للتعليم، وهو يوم يؤكد على أهمية التعليم في بناء المجتمعات، فما هو الهدف من هذا اليوم؟ ولماذا يتم الاحتفال به؟ وماهي وضعية التعليم في ظل انتشار  جائحة كورونا؟

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليونسكو في 3 ديسمبر من عام 2018، أن يوم 24 يناير من كل عام هو يوما دوليا للتعليم، وذلك تأكيدا على أهمية ودور التعليم في تحقيق التنمية والسلام في العالم. حيث اشترك في اعداد هذا القرار حوالي 59 دولة حول العالم من الأعضاء وجاء القرار بالاجماع، مظهرا أن العالم يحمل الإرادة السياسة لدعم خطوات توفير التعليم الجيد والشامل للجميع على حد سواء دون أي تمييز.

وبعد أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة (اليونسكو) هذا اليوم العالمي بالإجماع دعت العالم بأكمله حكومات ومنظمات حكومية وغير حكومية، ومؤسسات وأفراد للاحتفال باليوم الدولي للتعليم سنوياً في 24 من شهر كانون الثاني.

التعلُّم هو أحد أهم حقوق الإنسان، لكونه ضرورة فردية ومجتمعية على حد سواء. فالفرد المتعلم يمكنه يبني مجتمعاً قوياً ومستداماً، والمجتمع القادر والقوي أيضا يستطيع أن يخلق مناخاً جيداً لتعلم الأفراد. وإيمانا وتاكيدا على ضرورة وأحقية التعليم أطلقت الجمعية العامة للأمم المتحدة (اليونسكو) اليوم الدولي للتعليم الذي يتم الاحتفال سنويا به في تاريخ 24 من يناير.

اليوم الدولي للتعليم 2024 .. من أجل سلام دائم

في 24 يناير 2024، يحتفل العالم للمرة السادسة باليوم الدولي للتعليم حيث سيكون شعار احتفال هذا العام “التعلم من أجل سلام دائم“. و يشهد العالم احتداماً للنزاعات العنيفة المقترنة باستفحال مُقلق للتمييز والعنصرية وكراهية الأجانب وخطاب الكراهية. ويتجاوز وقع هذا العنف أيّة حدود قائمة على أساس الموقع الجغرافي أو قضايا الجنسَين أو نوع العنصر أو الديانة أو السياسة عبر المنابر المتصلة أو غير المتصلة بالإنترنت. إننا أحوج ما نكون اليوم إلى تعهد صريح وعاجل بإحلال السلام. كما أن الاحتفاء بهذا اليوم هو دعوة للتعلم من أجل السلام بطابع تحويليّ، ويساعد في تمكين المتعلمين من خلال تزويدهم بالمعارف الضرورية والقيم والمواقف والمهارات والسلوكيات كي يصبحوا دعاة للسلام في مجتمعاتهم المحلية.

حق التعليم للجميع

من جهة أخرى دعت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” بمناسبة اليوم العالمي للتعليم، الذي يصادف الرابع والعشرين من شهر يناير كل عام، إلى العمل على إحداث تحول جذري وملموس في التعليم، بما يسهم في تعزيز السلام واستدامته، بمشاركة مجتمعية كاملة ومبادرات مبتكرة، وتعبئة الموارد الدولية الداعمة والدافعة لبناء التعليم من أجل السلام.

وذكرت المنظمة بمناسبة اليوم العالمي للتعليم الذي يحمل شعار “التعلم من أجل السلام الدائم”، بمحورية الدور الذي يضطلع به التعليم في ترسيخ قيم التعايش والتسامح والانفتاح على الآخر ومكافحة خطاب الكراهية، وللتأكيد على ضرورة الالتزام الدولي بتحقيق السلام والاستقرار والحياة الكريمة للجميع، بعيدا عن التمييز والإقصاء والعنصرية، بما يقتضيه ذلك من إنهاء الحروب والنزاعات المسلحة وضمان الأمن.

وفي إطار المسؤولية المشتركة للجميع تجاه تنشئة أجيال قادرة على بناء السلام العادل والشامل، تبذل “إيسيسكو” قصارى جهدها للمساهمة في صون الحق في التعليم للجميع، والتعلم مدى الحياة، ولاسيما لفائدة المتضررين من النزاعات المسلحة والاحتلال والأزمات، بمن فيهم اللاجئون والنازحون وسائر الفئات الهشة. وتسعى المنظمة بشكل دؤوب إلى ضمان استمرارية التعليم الجيد من خلال حماية المؤسسات التعليمية وهيئات التدريس من الهجمات والتهديدات.

وفي سياق حشد الجهود الدولية للحفاظ على مكانة التعليم في صدارة الأجندة الدولية، والوفاء بالالتزامات بشأن تحويل التعليم وتحقيق رؤية التعليم بحلول العام 2030، تجدد “إيسيسكو” حثها المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات ذات الصلة ودولها الأعضاء على إيلاء التعليم أولوية كبرى، من أجل التربية على التفاهم والتعاون والسلام، باعتباره سبيل النهوض بالمجتمعات التي تقدر الكرامة الإنسانية.

وتؤكد “إيسيسكو”، إيلاء التعليم صدارة أولوياتها، إدراكا منها لحجم المسؤوليات وضخامة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي، وسعيها إلى جعل التعليم نموذجا للشمول والإدماج والعدالة والرعاية والملاءمة والتكيف.

ماهو اليوم العالمي للتعليم؟

هو مناسبة سنوية تُقام للتأكيد على الدور الكبير الذي يلعبه التعليم في بناء المجتمعات وتنميتها. بالإضافة لدوره في إحلال السلام. وهو أيضا أحد أهم أهداف التنمية المستدامة التي تؤكد على ضرورة الوصول إلى التعليم الجيد والشامل والمنصف، وذلك بحلول عام 2030. بالإضافة لكون اليوم الدولي للتعليم فرصة غنية للإضاءة على واقع تعليم الأطفال حول العالم، والتأكيد على ضرورة حصولهم على مستوى جيد من التعليم. اليوم الدولي للتعليم يعتبر أيضا يوماً لدفاع عن أهم حق من حقوق الإنسان وهو حق التعليم.

وتنص المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أن التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان، فضلاً عن كونه يخدم المصلحة العامة ويعتبر مسؤولية تلقى على عاتق الجميع، وتشير هذه المادة أيضا إلى ضرورة أن يكون التعليم في مراحله الأولى (المرحلة الابتدائية)، إلزامياً بالإضافة لكونه مجاني.

كما تنص إتفاقية حقوق الطفل المعتمدة عام 1989 على ضرورة أن يتاح التعليم العالي أمام فئات وطبقات المجتمع بدون استثناء.

ماهي أهداف اليوم العالمي للتعليم؟

تحقيق أهداف التنمية المستدامة
في عام 2015 تبنَّى المجتمع الدولي خطة التنمية المستدامة للعام 2030، وأقرَّ فيها بأن التعليم هو شرط أساسي لنجاح أهداف هذه الخطة. التي يعتبر أحد أهدافها الرئيسية العمل على توفير فرصة التعلم الجيد والشامل للجميع على حد سواء (الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة). فالتعليم يعتبر الطريق لبناء التنمية المستدامة وأيضا اللبنة الأولى لبناء مجتمعات قوية تستطيع الصمود في مواجهة التحديات.
تحسين مستوى التعليم
من إحدى أهداف اليوم العالمي للتعليم العمل على تحسين جودة ومستوى التعليم بمختلف مراحله، والعمل أيضا على حماية حقوق الطلاب والكوادر التعليمية على حد سواء.
الدعوة للتكاتف والتضامن الدولي
بعد تفشي جائحة كورونا في العالم مسببة الهلع في العالم، ترتبت على إثرها إغلاق المدارس والجامعات وكافة المؤسسات التعليمية، وأيضا توقفت برامج تعليمية أخرى كمحو الأمية وغيرها مؤثرا هذا على ملايين الطلاب في كل أنحاء العالم. كل هذا يستدعي ضرورة تكاتف الجهود الدولية للوصول لمجتمعات أكثر استدامة وقادرة على النهوض بعد جائحة كورونا.
حل مشكلة الفقر بالتعليم
يهدف اليوم العالمي للتعليم الإضاءة على أهم المشاكل في كثير من بلدان العالم وخصوصاً بلدان العالم الثالث بشكل غير مباشر ومن أهم هذه المشاكل الفقر. حيث يلاحظ الإرتباط الوثيق ما بين الأمية والفقر في هذه المجتمعات، حتى تكاد تتساوى المعادلة فقر = أمية وجهل.

258 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس

تقول الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو أنه بدون ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع، لن تنجح البلدان في تحقيق المساواة بين الجنسين وكسر دائرة الفقر التي من شأنها تخلّف ملايين الأطفال والشباب والكبار عن الركْب.

واليوم، ما زال أكثر من 258 مليون طفل وشاب غير ملتحقين بالمدارس، وهناك أكثر من 617 مليون طفل ومراهق لا يستطيعون القراءة والكتابة والقيام بعمليات الحساب الأساسية. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يقل معدل إتمام المرحلة الدنيا من التعليم الثانوي عن 40%، ويبلغ عدد الأطفال واللاجئين غير الملتحقين بالمدارس زهاء 4 ملايين نسمة. ومن ثم فإن حق هؤلاء في التعليم يتم انتهاكه، وهو أمر غير مقبول.

أهداف مبادرة مستقبل التربية والتعليم؟

أطلقت اليونسكو مبادرة عالمية يمكن من خلالها إيجاد تصور جديد للطريقة التي يستطيع العالم فيها من خلال التعليم والمعرفة رسم مستقبل أكثر اشراقاً لكوكب الأرض. هذه المبادرة تحمل اسم “مستقبل التربية والتعليم). وتهدف مبادرة اليونسكو إلى مايلي:
– إعادة التفكير في آليات التعلُّم والتخطيط للمستقبل، في زمن يتسمُّ بالفوضى والضبابية وكثرة التحديات.
– النقاش عالمياً وإيجاد تصور مشترك للتعليم وملامحه بحلول العام 2050.
– تدعو المبادرة كافة المهتميين من مختصيين أو أشخاص عاديين على حد سواء للإدلاء بأفكارهم ومشاركتها بما يخص تطلعاتهم ورؤيتهم للعملية التعليمية وكيف يمكن تطويرها.
– المشاركة من خلال منصة الكترونية قامت اليونسكو باطلاقها، باسم مستقبل التربية والتعليم.