يختلف العديد من علماء الإجتماع حول دور الذكر والأُنثى – مرآةٌ المجتمع –  عند طرح أي قضية مرهونة بالتحديات المعاصرة، ففيما يرى البعض أن دور المرأة بات أهم من الماضي لما لها من تأثير في عملية إتخاذ القرار، يرى آخرون أن دورها في الحياة العامة لا سيما في الوطن العربي ما زال خجولاً مقارنة بدور الرجل على الصعيد السياسي والإجتماعي.

وبالطبع لا يُمكن الإجماع على طبيعة دور المرأة وتأثيرها في المجتمع لاختلاف منظومة التربية والتعليم في كلّ مجتمع ولاختلاف العادات والتقاليد بين مجتمع وآخر. فما يبدو مقبولاً ومفهوماً في الغرب مثلاً  يُعدّ شاذاً ومرفوضاً في الشرق.

على الرغم من الإختلاف في الخصوصيات المُجتمعية، يُمكن القول أن الإسلام كرّس مبدأ المساواة بين الذكر والأُنثى من حيث التشريف والتكليف، وجَعل التقوى المعيار الأساسي الذي يُفضّل الأنثى على الرجل أو الرجل على الأنثى وفي هذا قوله تعالى:”يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير.

في المجتمعات الرخوة تتحوّل  النساء في كثير من المواقف إلى سلعة إعلانية أو إلى وسيلة لتحقيق مآرب سياسية ومصالح ضيقة.

على ضوء  المساواة بين الأنثى والذكر من حيث التشريف نُطلّ على مسألة المرأة  التي تُثير  قضاياها الجدل ليس فقط في المجتمع العربي وإنما أيضاً في المجتمعات الغربية. وإنطلاقاً من حال المرأة المتفاوت بين بلدٍ وآخر يُمكن تقسيم المجتمعات كما يلي:

المجتمعات البدائية: يُنظر فيها إلى المرأة  نظرة دونيّة باعتبارها أصل الخطيئة، ويرى هؤلاء أن المرأة الصالحة هي تلك التي يقتصر دورها على الإنجاب وتلبية متطلبات الرجل والأبناء، فيعمل هؤلاء على تدجين المرأة سيكولوجياً منذ الصغر من خلال الإحتكام إلى فتاوى مُتشددة يصل بعضها إلى اعتبار صوت المرأة “عورة” وأنها مخلوقٌ غير قادر فكرياً على إدارة شؤونها دون الرجل. وفي هذه المجتمعات تُسجن المرأة في منظومة قانونية وشرعية مُجحفة توّلد آفات إجتماعية سلبية لا يتم الإعتراف بها ولا يُصار إلى دراستها أو إلى معالجتها.

 المجتمعات المتقدّمة: المرأة فيها إنسانٌ يُساوي الرجل من حيث الحقوق والواجبات القانونية والشرعية -إلا ما وجب فيه التفرقة- (الإرث، الطلاق، الزواج…). وفي هذه المجتمعات تحمي القوانين والمنظومة التعليمية حقوق المرأة كمخلوق أكرمه الله عزّ وتعالى من خلال الإسلام في كثير من الآيات القرآنية، وهنا يحثّ الرجل المرأة على العلم  والعمل، داعماً تطلعاتها ليكون لها دور فاعل في بناء المجتمعات على كافة المستويات السياسية والإجتماعية والإقتصادية مع التأكيد على أن العلم والعمل ذلك لا يلغي أُمومتها ودورها كزوجة ولا يتجاوز حدود العادات والتقاليد والرؤية الاستراتيجية للدولة في تكريس دور الأُسرة على طريق بناء الأُمم.

المجتمعات الرخوة: في هذا النوع من المجتمعات اضمحلّت القيم التي تحمي المرأة من منظور “القوارير”، حيث لا سند لها سوى القانون دون أي تقدير لقيمة المرأة الحقيقية ومكانتها لدى الرجل. وهنا تتحوّل  النساء في كثير من المواقف إلى سلعة إعلانية أو إلى وسيلة لتحقيق مآرب سياسية ومصالح ضيقة.

وما انتشار شبكات الإتجار بالنساء في تلك المجتمعات إلا دليل على ذلك، بالإضافة إلى الخلل الذي أصاب مفهوم الأُسرة  بسبب غياب دور الأم نتيجة العبء الإقتصادي والاجتماعي الملقى على عاتقها.

ما لا يدرك كله لا يترك جله.. وفي هذا يُمكن القول أن أي دور فاعل للمرأة للنهوض بالمجتمعات يتطلب وجود منظومة متكاملة من القوانين والقيم والتربية لتشكيل إمرأة قيادية تُمثل مكانتها الحقيقية في الإسلام .