إجابة الدعاء ليست متوقفة على ألفاظ الدعاء وعباراته، بقدر ما هي متوقفة على القلب الذي يخرج منه هذا الدعاء، مم تغذى؟ وبم امتلأ ؟ ماهي شروط وآداب الدعاء ؟

قال ابن عباس رضي الله عنه: تليت هذه الآية عند النبي : (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا)، فقام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه- وهو خال النبي وكان النبي يحبه حبا شديدا- فقال يا رسول الله : ” ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة “- وكان بوسع النبي أن يرفع يديه الشريفتين إلى الله عز وجل ويقول : اللهم اجعل خالي سعدا مستجاب الدعوة، ولكنه أراد أن يعلم سعدا ويعلمنا ويعلم الأمة كلها درسا- فقال له: “يا سعد، أطب مطعمك تستجب دعوتك، والذي نفسي بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه أربعين يوما، و أيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به.

ماهي شروط وآداب الدعاء ؟

من شروطه :
1- التوبة وتطهير الباطن : فقد قيل للحسن : ما لنا ندعو الله فلا يستجيب لنا ؟ فقال : ” دعاكم فلم تستجيبوا له “.
2- حضور القلب: فالله عز وجل لا يقبل دعاء من قلب لاهٍ. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء”.

3- الافتقار وإظهار المذلة بين يدي الله .

4- العزم في الدعاء: حيث يقول النبي : “لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له” .

5- عدم الاستعجال، فقد قال : “إن الله يستجيب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت ربي فلم يستجب لي”.

6- عدم الدعاء بشر: فقد قال : “ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم”. وأذكر في هذا السياق قول ابن عطاء الله: “لا يكن تأخر أمر الإجابة مع الإلحاح في الدعاء من موجبات يأسك، فإنه يستجيب لك في الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد، وبالشكل الذي يريد، لا بالشكل الذي تريد”.

7- طلب الحلال: للحديث الذي ذكرته في أول كلامين ولقول النبي : “إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحًا}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم}، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، ويقول: يا رب، ومطعمه حرام ومشربه من حرام وملبسه من حرام وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب له”.

آداب الدعاء

ماهي أدآب الدعاء ؟

1- استقبال القبلة ورفع اليدين عند الدعاء .
2- ابتداء الدعاء وانتهاؤه بالثناء على الله والصلاة على رسوله ، فقد دخل رجل يصلي فقال: “اللهم اغفري وارحمني فقال : عجلت أيها المصلي. إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله وصل علي ثم ادعه”. وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله: “من أراد أن يسأل الله حاجة فليبدأ بالصلاة على النبي ثم يسأله حاجته، ثم يختم بالصلاة على النبي فإن الله تعالى يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما.

3- تحري أوقات الإجابة: كيوم الجمعة، وليلة القدر، والثلث الأخير من الليل، وحين يصعد الخطيب على المنبر، وبين الآذان والإقامة، وقبل الإفطار للصائم.

4- خفض الصوت: فقد قال تعالى: “ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين”، وقيل يا رسول الله: آلله بعيد فنناديه أم قريب فنناجيه؟ فأنزل الله تعالى قوله: {وإذا سألك عبادي عني فإن قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}.

5- تجنب التكلف في الدعاء : كحفظ العبارات المسجوعة والإطالة في الدعاء، والأولى أن يكون من القلب وبالمأثور عن النبي . فقد جاء رجل إلى رسول الله وقال: إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال له النبي : ماذا تقول؟ قال: أسأل الله الجنة، وأستعيذ به من النار، فقال : “حولهما ندندن”.


يقول أنس رضي الله عنه: دعا رجل فقال: “اللهم إني أسألك، بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حي يا قيوم”، فقال النبي : أتدرون بما دعا هذا ؟ قالوا الله ورسوله أعلم : قال: “والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى”.

فتحي عبدالستار