ولد الشيخ عبد الله بن محمد فوديو سنة1180ه الموافق 1766 ميلادي و تلقي تعليمه على يد أفراد ما أسرته خاصة انه كان في بلدة قل فيها شيوخ و علماء الدين، و لذا فقد قرأ القرآن الكريم على والده و لما بلغ الثالثة عشر من عمره عُهد إلي أخيه الشيخ عثمان بتربيته، فاصطحبه في حله و ترحاله و نال من معين العلوم الشرعية و الثقافة العربية على يديه، فصحب أخاه في الرحلات الدعوية التي اسلم على إثرها خلق كثير من أهل المنطقة.

 

استزاد الشيخ عبد الله بن محمد فوديو من العلوم الشرعية على أيدي علماء آخرين بالمنطقة، مما أهله لأن يكون من أشهر و أكبر علماء المنطقة في عصره. و يقول عبد الله عن نفسه: “الشيوخ الذين آخذت عنهم العلم لا أحصيهم الآن، فكم من عالم أو طالب علم آتانا من المغرب فاستفدت منه ما لا أحصيه، و كم عالم و طالب علم آتانا من المشرق فاستفدت منه ما لا أحصيه”.

تأسيس الدولة سوكوتو

عندما اشتدت الخلافات بين الشيخ عثمان و ملك غوبر، هاجر عثمان و أتباعه إلي منطقة لا تخضع لنفوذ ملك غوبر، فأعد الشيخ عثمان العدة لجهاد ملك غوبر و من تحالف معه من أمراء الهوسا، و اسند مهمة تجهيز الجيش و قيادته لأخيه عبد الله لما يتمتع بيه من خصال الحكمة و الحنكة و التخطيط ، فقد اشتهر بقيادته المميزة و قاد معارك مهمة من أبرزها معركة.
و من المعارك التي قادها الشيخ عبد الله، تلك الواقعة التي حاصر فيها الجيش مدينة “القاضاوا” عاصمة ولاية “غوبر” حيث يقيم الملك “ين بن يافاتا” و ذلك سنة 1804. و لولا خيانة بعض حلفائهم من الطوارق لأستلم المدينة مما اضطرهم للذهاب عن المدينة قبل الاستيلاء عليها.

و قد خرج الشيخ عبد الله بجيش المجاهدين و توجه إلي جيش عدوه قبل أن يصل الأعداء إلي معسكر الأعداء، لكي ” ينقل المعركة بعيدا عن معسكرهم و حتى يتسنى للشيخ عثمان و جماعته الفرار من موطنهم إذا حلت بهم الهزيمة.

و من المعارك التي قادها الشيخ عبد الله معركة “كب” سنة 1805. فبعد جهاد طويل استطاع مع أخيه عثمان أن يؤسسا الدولة الإسلامية في بلاد الهوسا، و بعدها اتجه الشيخ عثمان لإرساء حكمه و تحكيم الشريعة الإسلامية في بلاده.
استقر الشيخ عبد الله بعد توسع رقعة الإمبراطورية في منطقة “بوندوغا”، و اتخذها عاصمة له،و ظل مقيما فيها يتولي إدارة شؤون البلاد.

و بعد أن استقر الأمر لعبد الله أرسل جيوشه إلي المناطق القريبة منه لنشر الإسلام فيها، و توسيع رقعة الدولة الصُوكتية و بسط سلطتها على هذه المناطق، فأستطاع أن يوسع حدود الدولة في الغرب و الجنوب، و مد نفوذه إلي بلاد “أجبومينا” و “أكرون” و “جبوقن”.

ميزات الحكم

لقد تميز حكم آل فوديو بأنه جمع بين العلم و العمل و تجلي ذك في إنتاجهم الفكري الضخم الذي تزخر به مخطوطات الجامعات بغرب إفريقيا، فقد تجاوزت مؤلفات عبد الله و أخيه عثمان أزيد من مائة مؤلف لكل واحد منهم.
و شمل إنتاجهم العلمي معظم العلوم العربية و الإسلامية مثل علوم القرآن الكريم و علوم الحديث و أصول الدين و الفقه و العلوم الشرعية و السياسية و التصوف و اللغة العربية و آدابها و التاريخ و التراجم و الفلك و المنطق.

و ينحدر آل فوديو من قومية الفولان، و هي احدي أهم القوميات الإفريقية تشبثا بالثقافة الإسلامية و تعلقا بعلوم اللغة العربية بإفريقيا و يُرجع الكثير من النسابة أن أصولهم عربية، و قد كان و لا يزال لهذه القومية دور محوري في نشر الإسلام و تعزيز وجود بإفريقيا و ساهمت بشكل كبير في التصدي لمخططات الاستعمار الهادفة لطمس الهوية الإسلامية بالمنطقة.
و امتدت فترة حكم خلافة سوكوتو لما بين 1804 لغاية 1903، و ضمت المملكة التي تأسست في الشمال من ثلاثين إمارة ، و احتلت سوكوتو موقعا فريدا في تاريخ الإسلام بالمنطقة.