يستعد الأطفال في جميع أنحاء العالم للعودة إلى المدرسة هذا الأسبوع، باستثناء فئة معينة لن تعود للفصول الدراسية ، وتصدرت قضية “تزايد عدد الآباء الذين اختاروا نظام التعليم المنزلي لأبنائهم” عناوين الصحف البريطانية في وقت سابق عندما سلطت الصحفية التلفزيونية  نادية صوالحة  الضوء على قرارها الخاص بإخراج أطفالها من نظام المدرسة السائد.

تقول السيدة نادية أنها وزوجها المخرج مارك أدرلي قررا في البداية تعليم أطفالهما حسب النظام الخاص لأنه الخيار الأفضل ولكنهما اكتشفا أن هذا النظام غير مفيد للأسرة. وقالت نادية إنها اتخذت قرار إخراجهم من المدرسة بعد أن بدأ مستوى ابنها الأصغر فى التراجع.

وقامت السيدة كلارك بنفس الخطوة مع إبنها الأكبر ثيو، 11سنة، قبل أربع سنوات وهو الآن يتلقى تعليمه في المنزل جنبا إلى جنب مع شقيقه تريستان، 6 سنوات، وستلحق بهما الطفلة البالغة من العمر 10 أشهر عندما تبلغ سن التعليم.

تقول السيدة كلارك ” لقد اخترنا التعليم المنزلي لأطفالنا منذ أربع سنوات بعد أن عانينا من نظام المدارس الحكومية الذي يقدم بحجم واحد ومستوى واحد حتى يناسب الجميع ، وبالتالي أصبحت المدرسة عبئا لابننا الأكبر يجب تحمله كل يوم. كانت ميوله الطبيعية في علم الموسيقى واللغة الإنجليزية تواجه خطر الانحسار بسبب المنهج الوطني الذي يفتقر لمرونة تسمح لابننا تعلم ما يحتاجه من تفاصيل في هذه المجالات. المنهج المتبع في المدارس يصيبه بالملل بشكل متزايد، ولاحظنا تناقص رغبته للتعلم”.

وتضيف : ” إن ابني وجد أن مواد القراءة مملة وتفتقر الى التحدي الأكاديمي، لقد اكتشفنا أن التعليم المنزلي هو الخيار القانوني في هذا البلد وطالما أننا نقدم التعليم بكفاءة مناسبة لأعمار أبنائنا حسب “(المادة 7 من قانون التعليم لعام 1996) كان بإمكاننا سحبهم من نظام التعليم الحكومي.. وهذا ما فعلناه”.

وعن فترة التحول من نظام المدرسة للنظام المنزلي تقول كلارك : ” قضينا الشهور القليلة الأولى فى تغيير منهج المدرسة، وهي فترة من الزمن  تحتاجها العائلة للتأقلم خاصة مع عدم الحاجة إلى الالتزام بجداول زمنية معينة، أو الوصول في وقت معين للمدرسة أو الحاجة إلى القيام بالواجب المدرسي. لقد تمكنا من إيجاد الإيقاع المناسب لنا بالعمل في الصباح وخوض مغامرة في العالم في فترة ما بعد الظهيرة، ونحن لا نزال نعمل بمرونة على هذا النمط  الذي أخذ في التطور وهي واحدة من فوائد التعليم المنزلي”.

وتضيف : ” لدي أطفال يثقون بقدراتهم، ابني الأكبر يريد أن يكون عالم فيزياء ويخطط بالفعل لنيل شهادة الثانوية العامة الدولية في الفيزياء والرياضيات والكيمياء واللغة الإنجليزية “.

وترى كلارك إلى أن التعليم المنزلي أعطى إبنها مساحة لاستكشاف عواطفه، وقضاء أيام في البحث عن إجابة تساؤل واحد مما جعله  يفهم عدد من المجالات بما يعادل فهم شخص من المستوى الممتاز.

وعن فوائد التعليم المنزلي تقول كلارك : ” إن الشيء العظيم في المدرسة المنزلية هو أنني أقدم له الدعم ويمكن أن أمنحه فرص للتعلم لن يحصل عليها في المدرسة، أنا لست بعالمة فيزياء لكنني تواصلت مع مختصين فى هذا المجال وقمت بتنظيم فعاليات تربوية لمجموعات في جامعة مانشستر. وتمكن أطفالي ومجموعة كبيرة من الأطفال الذين يتلقون تعليما منزلياً من  القيام ببعض التجارب الغير العادية من تعلم كيفية تصنيف المجرات الى التحقيق في مسرح الجريمة. إذا كان لأطفالي أي ميول  سأحاول قدر جهدي ايجاد وسيلة لهم للاستكشاف، وهذا يجعل من التعليم متعة”.

” ابنتي تبلغ من العمر 6 سنوات وتستطيع  القراءة بطلاقة، وتدرك العديد من المفاهيم العلمية وتحب التاريخ  كل ذلك دون أن تتبع أى منهج رسمي”.

وبددت كلارك مخاوف المتشككين من هذه الطريقة : “إن ابني لم يتعلم النطق والصوتيات – بل اطلع على بعض الكتب في المنزل أو في المكتبة وكان تعليمه سلساً جداً، عندما يسأل سؤال نستخدم هذا السؤال كأساس لمزيد من الدراسة وهذا النوع من التعليم مصمم خصيصا لاحتياجاته و يعمل بشكل جيد جدا بالنسبة له. كثيرا ما تثار قضية التنشئة الاجتماعية  وتكون موضع اهتمام الآباء والأمهات نظرا لاتباع هذا المسار المختلف في التعليم. مانشستر هي موطن لشبكة نشطة للتعليم المنزلي، ويتم تنظيم معظم الأنشطة عبر وسائل الإعلام الاجتماعية لذلك فمن السهل الاستفادة من كل الأشياء المثيرة “.

وتؤكد كلارك على وجود مجموعة هائلة من الأنشطة والبرامج مساندة لنظام التعليم المنزلي تتراوح بين ركوب الخيل وكرة السلة والتسلق واللغة الفرنسية والتاريخ ودروس الفلسفة، وفعاليات مشابهة لتلك التي تنظم في الجامعات من رحلات المسرح والترميز والإجازات السكنية، فضلا عن ذلك فإن معظم الأباء يجتمعون مرة واحدة في الأسبوع على الأقل بصورة غير رسمية في الحدائق أو مناطق اللعب.

وأشارت  إلى ” عدد من الأطفال الأكبر سنا يتحدثون مع بعضهم عبر برنامج سكايب كل ليلة، وهذا يجعل الأمر يبدو كمن لديه 6 أطفال في المنزل كل ليلة”.

وتضيف : “أطفالي مثل غيرهم لديهم أصدقاء يذهبون إلى المدرسة ويقضون وقت مبكر من المساء فى اللعب. لديهم مجموعة واسعة ومتنوعة من الصداقات، ونادرا ما نقضي يوما واحدا وليس في رفقتنا أطفال آخرين، حتى في عطلة نهاية الأسبوع. التعليم المنزلي ليس من الضروري أن يكون خياراً مكلفا، وقد اتخذنا قرار الحفاظ على دخل واحد، وهو بالتأكيد ليس سهلاً، ولكن قررنا أن الوقت أكثر قيمة لأطفالنا من أخذ عطلة أو من الكماليات الأخرى”.

وبالنسبة لتكلفة هذه الفعاليات تقول كلارك أنها مجانية أو قليلة التكلفة متى ما كانت مشاركتها مع آخرين ممكنة، فالمكتبات لا تقدر بثمن للأطفال الذين يتلقون تعليمهم من المنزل، كما أن هناك ثروة من المتاحف في جميع أنحاء مانشستر، وهناك خيارات أخرى متاحة مثل مدارس الغابات في “هيتون بارك” الذين يقدمون دورات تعليمية للأطفال وتوفر المدرسة تجربة التعلم القائم على الطبيعة في الهواء الطلق بحيث يتم تشجيع الأطفال على تحمل المخاطر، أما مدرسة “ووندر” تسعى لتقديم دروس للأطفال في سن المدرسة الثانوية بمنهج التعليم الفردي ولكن بتركيز على الذهنية.

وتختم  كلارك بقولها : “كل عائلة اختارت نهج التعليم المنزلي لها أسلوبها الخاص وهناك محاولة لتصنيف أنماط التعليم باعتباره لا مدرسي، شبه منظم أو منظم .. من تجربتي معظم العائلات تتبع قليلا من كل شيء ، التعليم المنزلي هو بديل حقيقي للمدرسة، وبالنسبة لنا كان أفضل قرار اتخذناه من أي وقت مضى” .