تناول الدكتور محمد أبو بكر المصلح، العميد المساعد للشؤون الأكاديمية بكلية الشريعة، خلال مداخلته في الملتقى الدولي: “مقرر الثقافة الإسلامية في الجامعات..تحديات الواقع وآفاق التطوير” الذي نظمته كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر، وناقشت المحاضرة الافتتاحية للملتقى، خصوصيةَ مقرر الثقافة الإسلامية في جامعة قطر، وخطوات التطوير والتقييم والتفعيل للمقرر، ومعايير الفاعلية .

أثبت الدكتور محمد المصلح بعض المبررات التي تستدعي الحاجة إلى التطوير الفعال والمستمر لمقرر الثقافة الإسلامية في الجامعة، وكان مما ذكر خصوصية مقرر الثقافة الإسلامية في جامعة قطر، فإن المادة تعد إلزامية على جميع طلبة الجامعة على اختلاف تخصصاتهم، كما أنها تمثل نافذة كلية الشريعة المطلة على جميع التخصصات في الجامعة، ويضيف إلى ذلك أن مقرر الثقافة يمثل هوية الطالب الثقافي والديني، ورابط التواصل بينه وبين دينه الإسلامي. ولما كانت هذه الأمور بسبب بعض التحديات التي تعيق نجاحها، جعل مقرر الثقافة الإسلامية يشكل عبئا على الطلبة، لا يستشفون الأهداف التي ترجى من المقرر، وجد الدكتور المصلح ضرورة تحديد هذه التحديات واقتراح طرق الاستجابة والتعاطي معها، وتمثيل آليات الاستجابة في الواقع العملي، في صورة أطلق عليها بعد ذلك بمعايير الفاعلية.

ومما يشد النظر من محاضرة الدكتور محمد المصلح أن جهده وجهود المشاركين معه في هذا العمل الميمون إن شاء الله بني على محاولات علمية وفكرية سابقة من المؤلفين في ميدان الثقافة الإسلامية، والعمل المؤسسي من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، جامعة قطر، وكانت هذه الدراسات تدعو إلى ضرورة مراجعة مقرر الثقافة الإسلامية، والتفاعل مع طلبة المقرر ليكون له تأثير إيجابي مثمر على الطلبة في البحث عن هويتهم واعتناقها والدفاع عنها في وجه كل ثقافة أخرى وافدة ومهيمنة.

وتلبية للحاجة المذكورة في الدراسات والتوصيات السابقة أتى مشروع مقرر الثقافة الإسلامية في جامعة قطر كما وصفه الدكتور المصلح أحد محطات التطوير المطلوب للمقرر، وارتسم هذا التطوير بما أسماه معايير الفاعلية.

استطاع الدكتور محمد المصلح خلال مسيرة مشروع تطبيق معايير الفاعلية على مقرر الثقافة الإسلامية في جامعو قطر، وخلال الأعمال العلمية والبحثية التي صاحبت المشروع، أن يثبت بأن تحقيق الفاعلية يقع فقط حين تنطلق من صناعة ذاتية هادفة للإبداع واتباع سنن التطوير الفعال وهذا يتمثل في المعايير الموضوعة، وليس بجلب أكوام من إبداعات الأمم.

وهذه المعايير يمكن تصورها من خلال المعادلة الآتية:

معادلة معايير الفاعلية = أهداف نوعية + جودة عالية + استثمار رشيد للموارد.

وتطرق الدكتور محمد المصلح لمنهاج تطبيق هذه المعايير في الواقع العملي وذلك من خلال تحديد الأهداف النوعية للفاعلية والتي تتمثل في الاستجابة لتحديات طلبة مقرر الثقافة الإسلامية، وهذه الأهداف هي:

1- إدراك الظروف التاريخية والدوافع الأصلية لنشاط المقرر، معتمدا في ذلك على قراءة السياق التاريخي من خلال كتاب الأستاذ الدكتور عدنان زرزور.

2 – إدراك التحديات التي ينبغي أن يستجيب لها المقرر.

3 – إدراك مدى الحاجة للمقرر وخصوصياته.

ثم أوضح الدكتور المصلح عددا من التحديات التي تعترض فاعلية مقرر الثقافة الإسلامية، ووصف أوجه الاستجابة لها حيث صاغها في صورة أهداف مشروع مقرر الثقافة الإسلامية، وذلك فيما يأتي:

أما التحدي الأول فهو اختلال الخارطة الذهنية الكلية للإسلام، ويستجاب لهذا التحدي من خلال تحقيق هدف تمكين الطالب من رسم خارطة ذهنية تركيبية واضحة لنظام الإسلام الشامل.

والتحدي الثاني هو غربة الهوية الثقافية والحضارية للأمة، وهذا التحدي قديم متجذر في المجتمع الإسلامي وازدادت هوته بسبب العولمة المعاصرة والانفتاح، والتغرب. وكانت الاستجابة هي تمكين الطالب من أركان وخصائص الهوية.

ويأتي التحدي الثالث في صورة الجمود والتسطيح الفكري والضعف التكويني في الجيل الجديد، وهذا سبب فراغا كبيرا في الفضاء المعرفي للطالب، كما صعب عليه عملية الاستفادة من المقرر، واستجابة لهذا التحدي، وضع ضمن أهداف المقرر إيجاد بيئة تعلم تفاعلي نشط ومحفز للطالب، وتدريبه على التحليل والنقد والحوار.

ومن التحديات المذكورة في محاضرة الدكتور محمد المصلح فقدان الدور الرسالي لدي الطالب في الحياة، فإن الجيل الحالي في التيه يرون الحياة بلا معنى. ويعالج هذا التحدي في تمكين الطالب من تطوير دور ثقافي رسالي في العصر في ضوء وعيه بالقيم والمقاصد الكلية للإسلام ووعيه بالعصر.

ومما ذكره الدكتور محمد المصلح ضمن تحديات المقرر، انحسار الفاعلية والإبداع، وضعف الحصانة ضد الجراثيم الثقافية والأفكار المعدية، ويستجيب المقرر لهذه التحديات عن طريق تحفيز القدرات التخييلية عند الطالب من أجل غرس روح الإبداع، وأما ضعف الحصانة الثقافية فإنها يعالج عن طريق تطبيق أدوات منهجية ومعرفية فعالة للتعامل مع التحديات الثقافية الفكرية السائدة.

وبناء على هذه الأهداف المتجاوبة مع التحديات المذكورة فقد أشار الدكتور محمد أبوبكر المصلح إلى الجهود التي بذلت في مراجعة مقرر الثقافة الإسلامية في جامعة قطر على جميع الأصعدة، ووضع البديل المناسب للمقرر، الذي يتواءم مع معايير جودة التعليم في دولة قطر، وينصب في تحقيق أهداف جامعة قطر، وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وأصدرت الجامعة تبعا لذلك دليل المقرر سنة 2016م، ثم أتبع ذلك بنسخته الجديدة 2019م، وذلك لينهل منه الطلبة، ويطبقه الأستاذ الفعال تحقيقا لمعايير الفاعلية المذكورة.