بسبب كورونا أغلقت مطارات، ومدارس و جامعات، ومرافق عامة، وقيّدت مصالح الناس المختلفة، بل واضطرت بعض الدول إلى إعلان حظر التجوّل، إلا أن كل هذا لم يثر حوله جدل، وإنما يثور الجدل حول مسألة واحدة فقط: إغلاق المساجد، وهنا أختصر تعليقي في الآتي:

1- من الناحية العلمية والشرعية إذا كان إغلاق المطارات والجامعات والصالات الاجتماعية قرارا حكيما فإن إغلاق المساجد كذلك، وعلى هذا اتفقت كلمة علماء المسلمين في شتّى بلاد الله، سوى نفر قليل ممن يرون أن هناك مؤامرة على بيوت الله يشترك فيها الأمراء والعلماء والجماعات العلمانية والليبرالية وحتى بعض الجماعات الإسلامية بتوجيه من الحملات الصليبية والماسونية..الخ كما صرّح أحدهم بذلك، وهذا كلام باطل ومتهافت ولا يستحق الرد، لكني لمحت أن بعض المتديّنين كان يعتقد أن المساجد لها خصوصية غيبية تحصّنها من الفيروس، وهذا وهم، لأنه قول على الله بلا علم، ولأن الواقع يكذّبه، فمن المعهود أن كثيرا من الحجاج والمعتمرين يصابون بالإنفلاونزا، ومثله ما حصل مؤخرا في أحد مساجد ماليزيا الذي كان السبب الأول في انتشار كورونا هناك.

2- هنالك ملمح إيجابي من هذا الجدل يعبّر عن شدّة تعلّق المسلمين بمساجدهم، ونحن نؤيّد هذا بقوّة (ورجل قلبه معلّق بالمساجد) ونعدّه صمّام أمان بوجه كل من يفكر بالنيل من مساجدنا بأي طريقة من الطرق، لكننا ننصح أيضا؛ أن لا يحملنا هذا الحرص على المجازفة بأرواح المصلين وأهلهم وكل المجتمع من حولهم، كما حصل في مسجد ماليزيا، وأن لا نقدّم الإسلام للناس على أنه دين يحرص على الشعائر التعبدية ولا يحرص على حياة الناس، كما أننا نريد أن تبقى محبة المساجد في قلوب عامة الناس، فلا نسمح بأن تكون المساجد سببا في نشر الوباء بينهم، فإن هذا -مع أنه جريمة وإثم- ستكون له أيضا عواقب خطيرة في مزاج المجتمع ونظرته إلى المسجد، فبيوت الله وجدت لنشر الخير والرحمة وليس لنشر الوباء والأمراض، وهذه نازلة طارئة ومؤقتة، ستزول بإذن الله، وسيرجع الناس إلى مساجدهم بشوق أكبر ..

الله يحفظكم إخواني وأخواتي أينما كنتم.