لقد غير الاضطراب الناجم عن جائحة كوفيد-19  شكل العالم. فهذا الفيروس لم يكتف بإنهاء حياة أكثر من 5 ملايين شخص من جميع أنحاء العالم فحسب، بل أصاب أيضا الاقتصاد العالمي بأضرار كبيرة.

وبسبب جائحة كورونا  أفلست آلاف الشركات وأصاب الإعياء والإحباط الموظفين، حيث يشعر ما يقرب من أربعة من كل 10 أشخاص بأنهم أقل حافزا ودافعية للعمل منذ تفشي الوباء، وصاحب ذلك انخفاض في الإنتاجية لمعظم المؤسسات وشركات الأعمال، حيث تعتمد تلك القطاعات على أكبر قدر من الاتصال الاجتماعي .

هناك مهارات يجب على القادة الأكثر فعالية امتلاكها ، وازدادت أهميتها أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأننا الآن بحاجة إلى قيادة قوية ترشدنا  إلى طريق التعافي بعد الوباء.

 فيما يلي أربع مهارات أساسية للقيادي الناجح ستساعده في تحقيق ذلك.

1- كن متعاطفا

يحتاج القائد الفعال إلى فهم مشاعر الآخرين ودوافعهم وعواطفهم ، وخاصة الأشخاص الذين يعملون لديهم. يعد التعاطف مع الموظفين أمرا بالغ الأهمية في مثل هذه الظروف حيث يواجه العديد من الأشخاص تحديات متنوعة مثل القلق والتوتر والتكيف مع ظروف العمل الجديدة وانخفاض الدخل، كما يحتاج القائد إلى إظهار العنصر البشري لديه بإحساسه بالآخرين .

ومن الأمثلة الجيدة على ذلك آرني سورنسون، الرئيس التنفيذي لشركة ماريوت، أحد أكبر سلسلة فنادق حول العالم والذي يدير قوة عاملة تبلغ حوالي 121,000 شخص. شهدت إيرادات ماريوت انخفاضا حادا في بداية الجائحة. سجل سورنسون رسالة مرئية وانتشرت منذ ذلك الحين، عبر فيها عن تعاطفه مع الموظفين وعائلاتهم، ودعاهم للاطمئنان بتحسن الأوضاع . وبالرغم من معاناة سورنسون من سرطان البنكرياس وخضوعه للعلاج الكيميائي ، لكن هذا لم يمنعه من إظهار التعاطف – أو بمعنى أدق إظهار ” القيادة” .

هذا النوع من القيادة العطوفة أو المليئة بالرحمة هو ما يميز القائد العظيم أثناء الأزمات.

2 – كن حاسما

لقد فرض الوباء ضرورة على قادة الأعمال في التصرف السريع وإيجاد حلول عاجلة. فطبيعة الأعمال تشهد غالبا تغيرا في المواقف بسرعة ، والشركات الناجحة هي القادرة على الاستجابة السريعة والتكيف مع التغييرات الطارئة .

من هذا المنطلق يجب على القائد الجيد أن يكون حاسما وأن لايخشى المخاطرة.

القائد يجب أن يكون قادرا على تحديد وتقييم المخاطر أثناء اتخاذ القرارات الصعبة. وبالطبع عليه أن يتكيف مع قلة الموارد خلال الوباء ، لذلك من المهم أن يعتمد نهجا منطقيا وتحليليا لضمان اتخاذ القرارات ليس فقط بسرعة، ولكن بشكل مدروس.

على سبيل المثال خرجت شركة أمازون من الوباء أقوى مقارنة بالشركات الأخرى بسبب القرارات التي اتخذها مالكها جيف بيزوس بدايةالجائحة. فبينما وجد غالبية الناس أنفسهم في حجر منزلي بسبب القيود المفروضة على الحركة، قام بيزوس بتوظيف 175 ألف موظف إضافي وزاد الأجور بمقدار 2 جنيه إسترليني في الساعة  (2,25 دولار)، مع العلم أن الوباء سيكون له تأثير كبير على سلسلة التوريد والوظائف.

كان قرار بيزوس  مفيدا في المساعدة على زيادة أرباح أمازون خلال الوباء وهذا يمهد الانتقال إلى المفتاح التالي.

3- التعرف على الفرص واستغلالها

وفرت جائحة كورونا أيضا  فرصا جديدة وقفزة هائلة في الفرص الجديدة . وهذه ميزة حيوية لدى القائد الجيد تكمن في القدرة على التعرف على الفرص أوقات الأزمات. يجب أن يكون القائد محفزا ودافعا لفريقه وأن يحدد الفرص التي يراها آخرون فوضى وارتباك أو مصدر لمشكلة. وتختلف هذه الفرص من التوسع في الأسواق الناشئة، إلى بيع منتجات جديدة أو تكييف الخدمات الحالية، مثل أن تتحول المطاعم التقليدية إلى تقديم وجبات سريعة.

يعد إريك يوان ، الرئيس التنفيذي لشركة Zoom ، مثالا كلاسيكيا على القائد الذي تمكن من التعرف على الفرص التي نشأت نتيجة الوباء و أحسن استغلالها. أدى الوباء إلى تحول مفاجئ في طريقة العمل فأصبح عن بعد لعدد من الشركاتوالمؤسسات في جميع أنحاء العالم. هذا حول Zoom إلى علامة تجارية عالمية خلال الوباء، فارتفعت الأرباح في عام 2020 إلى 186 مليون دولار ، في حين ارتفع نمو العملاء بنسبة 458٪ مقارنة بعام 2019.

حدد يوان رئيس شركة Zoom أن النجاح سيعتمد على قدرة الشركة على جذب الشركات ذات الإنفاق الكبير إلى Zoom بالإضافة إلى الأشخاص الذين يستخدمونها مجانا فقط. وأدرك الرئيس التنفيذي لشركة Zoom تماما أن المستقبل قد تغير ، وبغض النظر عن كيفية تطور عالم ما بعد الوباء ، فإن العمل عن بعد سيكون عنصرا أساسيا فيه.

 القادة العظماء يعرفون أهمية مهارة اقتناص الفرص وعادة ما يعدون لها مسبقا من أجل استغلالها عند ظهورها.

4- بناء فرق فعالة

القيادة هي التأثير على الناس وتحفيزهم. يحتاج القائد إلى تشجيع ثقافة العمل الجماعي وتعزيز روح الفريق لضمان تعاون الموظفين وتحقيق عنصر العمل المشترك بفعالية. ويحتاج الموظفون لتنفيذ ذلك إلى الوثوق بالمسؤولين، فيجب على القائد أن يجعل من نفسه قدوة ومثالا يحتذى به وسيتبعه بقية العاملين.

يتعلم الموظف كثيرا من القائد الجيد ، خاصة في الأوقات الصعبة.

واجه كارستن سبور ، الرئيس التنفيذي لشركة لوفتهانزا ، وضعا صعبا ومأساويا للغاية في مارس 2015 عندما تحطمت احدى طائرات الشركة مما أسفر عن مقتل 150 راكبا. خلال هذه الأزمة ، أظهر سبور مشاعر الصدق وتحمل المسؤولية،  وألهم ذلك موظفيه وأثار إعجابهم وساعد في بناء ثقافة الثقة داخل المؤسسة خاصة بعد مثل هذا الحدث المحطم .

يعد التوجيه وأنشطة النمو الشخصي أمرا مهما لتطوير هذه المهارات. القيادة هي رحلة شخصية ويحتاج قادة الأعمال إلى الالتزام بتطوير مهاراتهم الخاصة. لا يوجد قائد مثالي أو لديه كل الإجابات ، ولكن القادة العظماء لا يخشون من الفشل.

يجب أن يظهر القائد أن الحياة مستمرة ويمكن تحسينها – مثل أي مهارة في الحياة – ومهما كانت درجة السقوط إذا تم استيعاب الدروس من التجربة، فالقيادة الجيدة والفعالة تتطلب التدريب والممارسة.