أكاد أجزم أن السينما العربية باتت متأخرة آلاف الأميال بعد مشاهدتي لفيلم العبقري كريستوفر نولان الأخير (interstellarsite ) أو “بين النجوم” .

وفي رأيي أنه أهم مخرج سينمائي في العقد الأخير، لامتلاكه قدرة فائقة واستثنائية في صنع أفلام الخيال العلمي.

أذكر أني شاهدت له قبل ذلك فيلم ” استهلال ” ( inception ) وجعلني أغوص في الحلم – موضوع الفيلم – وفتح بابا للنقاش والتفكير حول آلية عمل الحلم داخل عقل الانسان .

في فيلمه الأخير يسافر بنا كريستوفر نولان لاكتشاف مكان آخر للعيش خارج الأرض بسبب انعدام الحياة فيها، فيتم إرسال مجموعة للفضاء تقوم بالبحث عبر المرور من ” الثقب الدودي ” والذي يسمح باختراق حاجز الزمن.

سأتجاوز مسألة ضعف الإنتاج السينمائي العربي وطغيان طابع الترفيه فيما ينتج – وهي خالية من أي ترفيه – إلى ما يحز بالنفس هو إغفال السينما كأداة تعليمية بإمكانها الإسهام في رفع مستوى الثقافة، والاستفادة من خصائصها الهائلة في التعريف بالقيم والمعارف، فالصورة المعبرة تستطيع تجاوز حدود اللغة والزمان والجغرافيا، ولها مقدرة على استثارة العقل بالأسئلة.

وبالعودة لفيلم (interstellarsite ) ” بين النجوم” سنرى أن أغلب أهداف السينما تحققت بما في ذلك الترفيه، وما يهمنا هنا هو الجانب العلمي فنجد استناد القصة إلى نظريات علمية حقيقة بسبب دراسة كاتب الفيلم جونثان نولان أربع سنوات في معهد كاليفورنيا التكنولوجي لفهم النظرية النسبية، ثم قام بكتابة السيناريو بمشاركة أخيه المخرج كريستوفر نولان وبمعاونة عالم الفيزياء الدكتور كيب ثورن والذي شارك أيضا بدورالمنتج المنفذ.

من المصادفات الجميلة ، توصل فريق العمل مع العالم ثورن إلى اكتشاف علمي جديد في ما يتعلق بـ ” الثقوب السوداء ” وإثبات وجود هالة ضوء حولها حسب بيانات حديثة ظهرت أثناء التحضير للفيلم .

السينما أيضا تتيح حرية الانتقال بين الزمان والمكان تبعا لتسلسل الأحداث وحسب مبررات القصة، وموضوع الفيلم هذه المرة يتحدث عن فكرة الانتقال عبرالزمان والمكان عن طريق سرعة الضوء أو مايعرف بـ ” الزمكان” ، حسب النظرية النسبية وهي نظرية أثبتها أنشتاين نظريا ولكن لم تثبت من الناحية العلمية وهذه من الغرائب التي لا تجتمع إلا لدى كريستوفر نولان.

الفيلم أيضا تطرق لمسائل علمية أخرى مثل التغلب على الجاذبية وحفظ جسم الانسان بالتبريد، والنظرية الخماسية الأبعاد بالإضافة إلى مروره على كواكب ومجرات تستند إلى علم فيزياء الفلك.

وبالرغم من كونه خيالا علميا إلا أن المشاهد سيلمس وجود تلك المشاعر الانسانية الطبيعية من أشواق وتضحية وصراع على البقاء .

تخيلوا معي الحال إذا تم تخصيص جزء من ميزانيات التعليم لإنتاج فيلم على هذا المنوال في المسائل العلمية البحتة أو الأدبية !!

***

يا أصدقائي.. فلنصنع فيلما يحكي قصة ألف كتاب.