“الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها” (1)، هذا حديث لرسول الله – وإن كان ضعيفا – أخرجه لنا خيرة علمائنا المحدثين من كنز السنة المخبوء، فسار حتى صار مثلاً وقولاً مأثوراً يحفظه الناس ويرددونه، وقد ظللت أردده لنفسي سنوات، وأنا أسائلها: الحكمة ضالة المؤمن.. نعم، ولكن أنى يجدها؟.

وفي محاولة للإجابة ظللت لفترة –وما زلت- أردد أن الحكمة كما يمكن أن تعبر عنها الكلمات الموجزة التي ينطق بها لسان أو قلم حكيم فتمثل بالنسبة له “عصارة” خبراته ومعارفه وتأملاته في الحياة، فإنها يمكن أن تلتمس في خبرات وتجارب الحياة ذاتها والتي لا بد أن يمر بها الإنسان أو تمر بها المجتمعات فتستخلص وتجرد من تفاصيلها الدقيقة قواعد عامة يمكنها أن تكون هي تلك الحكمة التي نتلمسها.

ولكنني عدت للتساؤل مرة أخرى باحثا عن المعيار والمرجعية التي تحكم عملية تلمس الحكمة، وهل كل مؤمن قادر على العثور على الحكمة؟.. بمعنى آخر.. هل الحكمة وهبية أم كسبية؟ وهي الأسئلة التي جعلتني أبحث فيما ورد حول الحكمة في القرآن الكريم مستعينا بالمعجم المفهرس لألفاظ القرآن فكانت تلك الرحلة من التأملات.

سبل الحكمة في القرآن

سبل الحكمة في القرآن

المتأمل في القرآن يجد أن لفظ الحكمة قد ورد في القرآن الكريم 20 مرة في 12 سورة، والمتأمل في تلك الآيات العشرين يجد سبلا عدة لتحصيل الحكمة :
أولا: إن الحكمة تتعلم: ففي ثلاث آيات منها نجد وصف الله لنبيه ورسوله محمد : فمن دعاء إبراهيم عليه السلام في الآية 129 من سورة البقرة: {ربنا وابعث فيهم رسولا يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم}

ومن حديث الله إلى عباده المؤمنين من أتباع الرسول ممتنا عليهم في الآية 151 من سورة البقرة: {كما أرسلنا فيكم رسولا يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون}.

وفي معرض امتنان الله على عباده أيضا برسوله في الآية 2 من سورة الجمعة: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين}

 – وفي آيتين من الآيات العشرين يتحدث سبحانه ممتنا على عبده ورسوله عيسى عليه السلام بأنه سبحانه قد علمه الحكمة:

ففي معرض حديث الملائكة لمريم حول ابنها رسول الله عيسى عليه السلام في الآية 48 من سورة آل عمران: {ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل}.

وفي معرض امتنان الله سبحانه عليه يوم القيامة في الآية 110 من سورة المائدة: {وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل}

ثانيا: إن الحكمة تنزل من عند الله كما ورد في الآيتين:

الآية 231 من سورة البقرة في معرض تذكير الله لعباده المؤمنين بنعمته عليهم {واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به}، والآية 113 من سورة النساء في معرض تفضله سبحانه على نبيه وحبيبه محمد: {وأنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما}.

ثالثا: إن الحكمة تؤتى إيتاء: كما ورد في ست من الآيات حكاية عن الأنبياء جميعا، وعن آل إبراهيم خاصة، ثم عن نبيه داود بوجه أخص، ثم عن عبده لقمان، ثم عن سائر خلقه: ففي الآية 81 من سورة آل عمران يذكر لنا ميثاقه سبحانه مع أنبيائه: {وإذ أخد الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه}.

وفي الآية 54 من سورة النساء حكاية عن آل إبراهيم: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما}. وفي الآية 251 من سورة البقرة حكاية عن قصة طالوت وجالوت: {فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء}، وفي الآية 20 من سورة ص حكاية عن نبي الله داود أيضا: {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب}.

وفي الآية 12 من سورة لقمان يتحدث عن إيتاء الله عبده لقمان الحكمة: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله}، وفي الآية 269 من سورة البقرة أيضا ينبئنا الله بنبأ عام عن بعض ممن يتفضل عليهم من خلقه عامة: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب}

رابعا: إن الحكمة توحى: كما ورد في الآية 39 من سورة الإسراء تعقيبا على عدد من أوامر الله ونواهيه وتذكيرا لنبيه محمد : {ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة }

خامسا: إن الحكمة يجاء بها: كما ورد في الآية 63 من سورة الزخرف حكاية على لسان نبي الله عيسى عليه السلام: {ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون }

سادسا: إن الحكمة تتلى: فكما ورد في الآية 34 من سورة الأحزاب من حديث الله سبحانه لزوجات النبي: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا}.

سابعا: إن الحكمة هي وسيلة للدعوة: ففي الآية 125 من سورة النحل في إطار توجيه الله لنبيه: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن }

ثامنا: إن الحكمة تستقى من أنباء الأمم السابقة: ففي الآيتين 4 و5 من سورة القمر حكاية عن قوم محمد : {ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر، حكمة بالغة فما تغني النذر }.

معاني الحكمة

 هل كل مؤمن يمكنه تحصيل الحكمة؟

وقبل أن أكمل المسيرة مع التجليات الأخرى للحكمة في القرآن تعالوا نتوقف هنيهة، محاولين تلمس معاني الحكمة سواء مما سردنا من آيات، أو مما يقوله اللغويون:

ولنبدأ من مختار الصحاح (طبعة نهضة مصر صـ 148): “الحكمة من العلم، والحكيم العالم صاحب الحكمة، والحكيم أيضا المتقن للأمور”.

ما معنى الحكمة .

كلمة حكمة هي من مصدر “حكم” وهو المصدر الذي له عدة اشتقاقات، والاشتقاقات الواردة منها في القرآن تعطي معنيين لهما نصيب في معاني الحكمة:
المعنى الأول معنى الحكم: معنى الحكم على الأمور، والحكم بين الناس، والحكم على الناس وحكم الناس. ومن ذلك قوله تعالى في نبي الله يحيى: {وآتيناه الحكم صبيا}، وليس المقصود هنا بالطبع ليس الحكم بالمعنى السياسي للكلمة؛ لأن الثابت من التاريخ أن نبي الله يحيى لم يحكم، كما أن كلمة “صبيا” في الآية تصرف الذهن إلى الثلاثة معاني الأولى والتي أشرنا إليها هنا (الحكم على الأمور، والحكم بين الناس حال تخاصمهم، والحكم على الناس بمعنى تقييمهم).
المعنى الثاني معنى الإحكام: ويعني الإجمال والإتقان والدقة والضبط.

فالمتأمل لسبل تحصيل الحكمة في الآيات السابقة يدرك أنها قد تعني:

قدرة: يتم تعلمها والإيتاء بها.

معانٍ: يتم استقاؤها وأيضا تعلمها والإيتاء بها.

نتاج فكري ملموس: ينزل ويوحى ويتلى ويتعلم ويؤتى به.

وأنها في كل ذلك يدعى بها ويجاء بها.

والمتأمل أيضا لآيات الحكمة يجد ارتباطا كبيرا بين “الكتاب” الموحى من عند الله وبين الحكمة، وإن كان يفصل بينهما دائما الواو وهي تعني المغايرة وإن لم تنف الارتباط:

ففي محل الارتباط: نجد أن الحكمة هي نتاج وخلاصة وعصارة النظر المعتبر في الكتاب.. فتعلم الكتاب يجلب الحكمة.

وفي محل المغايرة: فإنها تعني أنها شيء مختلف عن الكتب السماوية التي أوحى الله بها إلى رسله، وأنها شيء يشبه السنة والسيرة عند النبي ، أو ما يثبت –مثلا- من المرويات عن عيسى عليه السلام مما جمعه أتباعه من أقواله وسيرته وأفعاله ووضعوه فيما صاروا يسمونه بالإنجيل.

أيضا المتأمل في آيات الحكمة يجد أن التزكية تسبقها أحيانا، وأحيانا أخرى تتلوها، أي أن التزكية هي للحكمة بمثابة البيئة التي تحيط بها، فكلما تزكت النفس وزكت ازدادت حكمة، وكلما ازدادت الحكمة زكت النفس وتزكت.. أو هكذا ينبغي.

وكأن الحكمة بعد كل ذلك إذن هي:

الميزان العقلي المستمد من الكتب والرسالات فيجعل الإنسان قادرًا على الحكم المنضبط على الأمور.

وهي القدرة على إدراك السنن التي أحكم الله بها وحكم في الأنفس والآفاق.

وهي القدرة على إدراك العاقبة والمآل والتي تدفع الإنسان إلى فعل الإيمان والخير.

وهي ما ينتج عن كل ذلك من معانٍ في النفس والعقل ينطق بها اللسان.. وتجري بها الأقلام في نتاج فكري ملموس.

تجليات الحكمة

 البحث عن الحكمة يستوجب التأمل إذا ذهبنا في جولة جديدة في كتاب الله ملتمسين للحكمة، نجد أن اسم الله “الحكيم” معرفا أو غير معرف ورد في 92 آية في 39 سورة من سور القرآن الكريم، وإذا ذهبنا معه لنتأمله في ارتباطه بأسمائه الأخرى في الآيات الواردة نجد أنه يرتبط بسبع من الأسماء الحسنى وهي: العزيز، والعليم، والخبير، والتواب، والعلي والواسع والحميد.

وأن أكثر ارتباطه هو باسمه “العزيز” والذي ورد في 46 آية (أي نصف عدد الآيات الواردة)، وأن اسم الله “العزيز” والذي يعني “المنيع المتفرد المستكفي بنفسه” دائما وأبدا يسبق اسمه الحكيم في المواضع التي ورد فيها، وكأن العزة لا بد أن تكون سابقة للحكمة، فلا حكمة لذليل لأن الذليل لا بد أن يكون ذا نظر كليل للأمور، بينما العزيز لا تؤثر في نظره للأمور مؤثرات تشوش من حكمه عليها، وكأنه سبحانه يقول لعباده كن عزيزا بالعزيز.. تكن حكيما بالحكيم.

أما ارتباطه باسم الله العليم فقد ورد في 35 آية (أي أكثر من ثلث عدد الآيات الواردة)، في 29 آية منه سبق العليم الحكيم، وفي السبع آيات الأخرى تلاه، أي أن العليم للحكيم كالتزكية للحكمة.. بيئة له تحوطه من أمامه ومن خلفه، فالعلم يسبق الحكمة، كما أن الحكمة تنتج علما جديدا.

أما ارتباطه باسم الله الخبير فقد ورد في أربع آيات، وجاء تاليا فيهما لاسم الله الحكيم، وكأن الخبرة تعززها الحكمة، أو تدعو إليها الحكمة؛ لأنه لكي يحكم على الأمور لا بد من العلم بها، والعلم والحكمة بأمر وكثرة النظر فيه تسوق إلى الحرص على اختبار الأمور والنظر في نتيجة ذلك، ومن ثم تأتي الخبرة بها.

أما ارتباطه باسم الله العلي فقد ورد في آيتين والعلو صفة مذمومة للعبد، إذا تعالى على الناس وعلا عليهم {وإن فرعون لعال في الأرض}، {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا} {الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا}، وقد جاءت الآيتين إحداهما وصفا له سبحانه، والثانية تعبيرا عن منزلة كتابه (القرآن الكريم) بين سائر الكتب، وكأنهما خصوصيتان لله.. مصدر كل خير، ولكتابه بما حوى من حكمته سبحانه.

أما ارتباطه بكل من اسمه التواب، والحميد والواسع، فقد وردت كل منهما في آية:

فالتواب والذي يسبق الحكيم هو الذي يتوب على عباده، والتواب من عباده من يتوب إلى ربه ومن يتقبل من عباد الله الآخرين توبتهم إلى ربهم من إساءتهم في حقه، ومن ثم تأتي الحكمة تالية.

أما الواسع والذي يسبق الحكيم أيضا فالواسع الذي يحيط بكل شيء من جميع جوانبه بعلمه ورحمته {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما}، وكأن الحكيم لا بد له من علم واسع كما لا بد له من رحمة واسعة حتى يتحصل على الحكمة.

أما الحميد والذي يأتي هنا بعد الحكيم فيعني الشاكر للناس حسن فعالهم، ومن ثم فإن من الحكمة أن يشكر الإنسان للناس فـ “من لم يشكر الناس لم يشكر الله”.

من المعاني الواردة في القرآن أيضا وصف كتاب الله بـ”الحكيم” في أربعة مواضع:

في الآية 58 من سورة آل عمران: ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم”.

في الآية الأولى من سورة يونس: {ألر تلك آيات الكتاب الحكيم}

وفي الآية الأولى من سورة لقمان: {ألم تلك آيات الكتاب الحكيم}.

وفي الآية الثانية من سورة يس: {يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين}.

وهو الكتاب الذي وصفه الله أيضا في الآية الأولى من سورة هود : {ألر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير}.

من المعاني أيضا وصف ليلة القدر بأنها: {فيها يفرق كل أمر حكيم}.

كما ورد وصف الله سبحانه في آيتين بأنه أحكم الحاكمين (الآية 45 من سورة هود، والآية 8 من سورة التين).

مما سبق يمكننا أن نقول إن الله سبحانه وكتابه الحكيم هو مصدر الحكمة وهبا وكسبا، وأن اكتساب الحكمة من كتاب الله تأتي عبر التفكر والتأمل والتدبر الذي أمر به كتاب الله سبحانه، وهو الكتاب الذي يعلمنا منهج النظر في الأنباء والقصص، والخبرات والتجارب من خلال النظر فيما ورد منها في كتاب الله وصولا إلى “الحكمة البالغة”.

ومن خلال السير أيضا في الأرض: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}، و{قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق}.. ومنهج السير في الأرض واستخلاص الحكمة من النظر في أحوال العباد، ومن خلال سبر أغوار التاريخ لاستخلاصها من قصص الأمم السابقة.. كل ذلك مما يحتاج إلى موضوع آخر.

إن كتاب الله الحكيم أحكم وفصل، والإحكام: الإجمال مع الإيجاز مع البيان للمتبصر، أما التفصيل فيزيد الأمور بيانا وجلاءً، وكأن الحكمة كما نستخلصها من كل ذلك هي:

خلاصات الأمور، وهي تقطير عقلي لمناهج النظر في الأمور.

مقتضيات الحكمة

 لفظ الحكمة ورد 20 مرة في 12 سورة . هل للحكمة مقتضيات صفاتية وسلوكية؟ هذا مما تجيب عليه آيات الله في كل من سورة الإسراء من الآية 22 {ولا تجعل مع الله إلها آخر…} إلى الآية 39 في قوله {ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة} وفي سورة لقمان من الآية 12 إلى الآية 19، ويمكننا أن نجمل تلك الصفات والسلوكيات فيما يلي:

عدم الإشراك بالله: {لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا} (الإسراء).

– {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه..} (الإسراء).

 – {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} (لقمان).

– {ومن كفر فإن الله غني حميد} (لقمان).

شكر الله: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه} (لقمان)

البر بالوالدين:

{..وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}.. (الإسراء).

{ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس بك علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا..} (لقمان)

الإنفاق في سبيل الله دون تبذير أو تقتير: {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا * إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان بربه كفورا * وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا * ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا..}(الإسراء).

التعرف على عظيم قدرة الله: {يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير} (لقمان).

إقامة الصلاة والأمر والنهي والصبر: {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانْهَ عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} (لقمان).

النهي عن قتل الأولاد خشية إملاق: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا} (الإسراء(.

النهي عن التعامل مع الناس بكبر والأمر بالتواضع:

{ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور * واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} (لقمان).

{ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا} (الإسراء).

النهي عن الزنا: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا} (الإسراء).

النهي عن القتل: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا} (الإسراء).

النهي عن أكل مال اليتيم: {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} (الإسراء)

الوفاء بالعهد: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} (الإسراء).

الوفاء بالكيل: {وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا} (الإسراء(.

النهي عن أن يقفوا الإنسان ما ليس له به علم: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} (الإسراء)

خلاصات.. بعد جولات

إن الله الحكيم هو مصدر الحكمة كلها: تعليما وتنزيلا، ووحيا، وإيتاءً.

إن كتابه الحكيم هو مصدر ثان للحكمة تلاوة وتدبرا وتفكرا واستقاءً.

إن رسله الذين تعلموا وأوتوا ونزلت عليهم الحكمة هم مصدر ثان أيضا لتلمس الحكمة، سواء في أقوالهم أو أفعالهم أو سيرهم.

إن التأمل والتفكر والتدبر في أنباء الأمم السابقة والحاضرة في كليات أمورها وجزئياتها هو مصدر ثالث ودائم للحكمة ومن هنا يأتي حديث نبينا “الحكمة ضالة المؤمن….

إن استقاء الحكمة ممن آتاهم الله الحكمة من عباده سواء أكان ذلك من أقوالهم أو من نتاج أقلامهم هو مصدر ثالث أيضا ودائم للحكمة.

إن الحكمة هي سبيلنا للدعوة والحركة في الناس نجيء بها إليهم ونسعى بها بينهم.

إنه لا بد لتحصيل الحكمة من العزة.. فلا حكمة لذليل.

إن بيئة الحكمة هي: تزكية وعلم، فلا بد لمن أراد الحكمة ألا يمل ولا يكل من تزكية نفسه ومن التزود بالعلم.

إن التواضع والتوبة على الناس، ووسعهم هي أمور تعين على تحصيل الحكمة.

إن للحكمة علامات: أولها توحيد الله وعدم الشرك به.. وثانيها شكر الله وحمده.. وشكر الناس، وثالثها الشكر لأغلى الناس بالبر بالوالدين وإن دعونا إلى الكفر، ورابعها فعل الخيرات.. وترك المنكرات.. سواء منها ما كان في حق الله..أو ما كان منها في حق عباد الله.

وأخيرا.. فلا حجر على فضل الله فهو سبحانه {يؤتي الحكمة من يشاء * ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}.. فاللهم آتنا الحكمة..

قدرة.. ومعانيَ.. ونتاجًا.. إنك على ما تشاء قدير.

د. مجدي سعيد