عاودنا العام الدراسي الجديد، وسيعود الهدوء يسود الطرقات بعد العاشرة ليلا، وستتألق صرخات الأمهات مطالبة الأبناء بإنهاء الواجبات المدرسية، ومطالبة الآباء بالتدخل والمشاركة في مسألة المذاكرة، ويعود الأبناء يلتهمون محتويات جيوب آبائهم للحصول على الدروس الخصوصية والمستلزمات المدرسية و…و… يبدو أنها ذكريات غير سعيدة لكن لا بد منها، وانطلاقا من مبدأ “إذا لم تعمل ما تحب فأحب ما تعمل” .

سنحاول في السطور التالية أن نحب يوميات العام الدراسي وأحداثه التي يمكن أن تكون كنزا من السعادة الأسرية!!! ولا داعي للعجب .

رحلة البحث

في رحلة البحث عن كنز السعادة الأسرية في ظروف الحياة وانشغالاتها التي تشتت أفراد الأسرة كلا في اتجاه، وتجعل اجتماعاتهم من قبيل المصادفة، فكأنما هم مسافرون، كل في طريق مختلف، لا بد من أن نقيم أولا الوضع الحالي للأسرة، وربما تقوم الأم باعتبارها الأقدر على جمع الشتات بالإجابة على الأسئلة التالية:

1. كيف يشعر الآباء والأمهات تجاه جدول مهامهم الحالي؟ كيف يشعرون تجاه الاجتماعات الأسرية الحالية؟

2. كيف يمكن التوفيق بين المهام الشخصية لكل فرد في الأسرة، مع الحفاظ على وقت مشترك تقضيه الأسرة مجتمعة؟

3. هل يجبر أحد أفراد الأسرة على جدول مهامه الشخصي بسبب الآخرين.. بمعنى أن يجبر الطفل على مشاهدة التلفزيون –مثلا- لانشغال باقي أفراد الأسرة عن الاهتمام به؟

4. هل يشعر أحد الأفراد بازدحام جدول مهامه بما يفوق طاقته؟

5. ما هي وسائلك المقترحة لإفساح الفرصة أمام وقت يجمع الأسرة بشكل جذاب؟

ومما لا شك فيه أن الإجابة على السؤال السادس هي ما سنشاركك في التفكير فيه.

أفكار لجمع الشمل

من أجل غاية السعادة الأسرية، يجب البدء بالتخطيط المسبق لعطلة نهاية الأسبوع بابتكار وإبداع وتجديد، فلكل عطلة مكان جديد تذهب إليه الأسرة، أو رحلة لطيفة بحرية أو نهرية مثلا، أو زيارة للسيرك… إلخ بحسب أعمار واهتمامات أفراد الأسرة، وما يفضلونه، وما يستهوي الأغلبية، ويحتاج ذلك لتنظيم المهام اليومية والأسبوعية لكل فرد؛ بحيث لا تلتهم أي جزء من العطلة، وتنجز بكفاءة خلال أيام الأسبوع دون بقايا.

كذلك لا بد من التخطيط لقضاء العطلة على المستويين داخل البيت وخارجه، فيتم تخصيص نهاية الأسبوع ليلا بعد انتهاء الأعمال الشاقة فرصة لصنع الفشار مثلا أو كعكة مزينة أو حلوى مفضلة بمشاركة الجميع، وذلك في أحضان كتاب لطيف أو برنامج مسلي، وتكون تلك الجلسة الجميلة هي إشارة البدء للاستمتاع بتفاصيل الجدول المخطط لقضاء العطلة.

ومن الأفكار المساهمة في توطيد السعادة الأسرية خلال العام الدراسي الجديد ، التفكير في جعل إحدى العطلات أشبه ماتكون المعسكر الكشفي سواء داخل المنزل أو خارجه، بحيث ينام كل أفراد الأسرة معا في مكان واحد (في غرفة المعيشة مثلا، وفي حقائب النوم، ومن المثير أن تنصب الخيمة فعلا داخل غرفة المعيشة أو على سطح البناية) إن لم يكن في ذلك مشكلة، ويكون النوم بعد جدول حافل لإدارة وقت المعسكر يحفل بالسمر والأحاديث الدافئة، وممارسة الرياضة وتبادل الخواطر… إلخ.

لا بد من تعويد أفراد الأسرة على تداول وتبادل الخبرات في إحدى هذه المناسبات (من رحلات ومعسكرات ونزهات) بتخصيص فقرة للسرد القصص والحكايات عن موقف تعرضوا له وأحسنوا أو أساءوا فيه التصرف، ليتعلم الجميع من خبرات بعضهم .

لا بد من دعوة أصدقاء الأبناء بشكل دوري كل أسبوعين مثلا؛ ليشاركوا في بعض هذه الأنشطة، ويشترك الوالدان مع الجميع في الاحتفال بالعطلة بأنشطة منزلية أو في أحد المتنزهات.

مفاجآت سارة

على الوالدين القيام بتخبئة شيء ما يرمز لقيمة معينة، وتحمل مضامين وفوائد غير مباشرة بطريقة مرحة، وجعل نشاط العطلات البحث عن هذا الكنز المخبأ في حديقة المنزل أو سطحه أو تحت شيء، مع تسليمهم خريطة توصل إليه مثلا، أو إعطائهم علامات تساعدهم في ذلك، مثلا: ما تبحثون عنه هذا الأسبوع هو شيء مهم، وهو من حق من سيجده، وهو رفيع، ويبلغ طوله 30 سم، وستجدونه في مكان به كنبة، مثلا.

لا بد من اشتراك أفراد الأسرة في طهي وجبة مرة أسبوعيا على الأقل، بحيث يحضر كل فرد صنفا أو طبقا، ثم يتناول الكل هذا الطعام في جو مرح.

لا بد من التأكيد على الأبناء- ومشاركتهم أيضا- أن العمل خلال الأسبوع لا بد أن يكون جادا ليسمح بالفرصة الواسعة أمام عطلات ممتعة تجعل من العام الدراسي شيئا مختلفا هذا العام.

هذه بعض الأفكار المقترحات لإدارة وقت الأسرة بشكل ممتع يقرب بين أفرادها ويحول العام الدراسي من كابوس مقلق إلى حلم جميل سعيد له ذكريات لطيفة.


دعاء ممدوح