إنَّ الله – سبحانه – شرَع لنا صيام رمضان، وجعَلَه أحدَ أركان الإسلام، فكان لزامًا على كل مسلم أن يتعلَّم من الأحكام ما يتعلَّق بفقه الصيام، خاصة ما يخص حالات الإِفطار في شهر رمضان، وهي عديدة ومختلفة وقد تناولها العديد من الفقهاء والعلماء، من بينهم، القاضي الفقيه فيصل مولوي رحمه الله .

وهذه جملة من أهمِّ مسائل فقه الصيام التي لا غِنى للمسلم عنها:

حالات الإفطار في رمضان ستة أنواع:

1 – يجب الفطر على الحائض والنفساء، ويحرم عليهما الصيام، ويجب عليهما القضاء فقط، أي: أن تصوما بدل الأيام التي أفطرتاها. قالت عائشة: «كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنُؤمَر بقضاء الصَّوم، ولا نُؤمر بقضاء الصلاة ». رواه البخاري ومسلم.

2 – يجوز الفطر للمريض والمسافر، ويجب عليهما القضاءُ فقط، والصوم في السفر أفضل إن لم يتضرر به، فإن تضرر، فالفطر أفضل، وقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: « كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فمِنا الصائم، ومِنا المفطر، فلا يجد الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، ثم يرون أن من وجد قوة، فصام فإن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفاً، فأفطر، فإن ذلك حسن». رواه أحمد ومسلم.

ووفق مبادئ فقه الصيام، يشترط لجواز الفطر في السفر أن تكون مسافة السفر هي مسافة قصر الصلاة، وأن يخرج المسافر قبل الفجر، فإذا كان مقيماً، ونوى الصيام وطلع عليه الفجر في بلده، ثم سافر، فليس له أن يفطر. أما إذا كان مسافراً، فنوى الصيام من الليل، ثم أراد في النهار الفطر، جاز له ذلك.

ويباح الفطر للمريض إذا كان الصيام يزيد المرضَ، أو يُؤخِّر شفاءه، وإذا صام، صح صيامُه مع الكراهة، لأنه أعرض عن الرخصة التي يحبها الله.

وفي فقه الصيام والإِفطار في رمضان، الحامل والمرضع، فيجوز لهما الفطر، وعليهما القضاء فقط إلحاقاً لهما بالمريض.

3 – يجوز الفطر للشيخ الكبير والمرأة العجوز والمريض مرضاً لا يُرجى شفاؤه، وليس عليهم القضاء، بل تجب عليهم الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم كما روي عن ابن عباس أنه قال: (رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً ولا قضاء عليه). رواه الدارقطني، والحاكم، وصحّحاه.

4 – المفطر عمداً بغير الجماع كمن أكل أو شرب أو استقاء أو استمنى، وكذلك المفطر خطأ، كمن ظنَّ أن الفجر لم يطلع، فتسحر، ثم تأكد له طلوعُ الفجر، أو من ظن غروب الشمس، فأكل ثم تبين له أنها لم تغرب، والمغمى عليه، كل هؤلاء يجب عليهم القضاءُ بلا كفارة بخلاف من أكل ناسياً، فلا قضاء عليه كما ذكرنا.

وفي فقه الصيام يتعين على المفطر خطأً لا إثم عليه، أما المفطر عمداً فإثمه كبير لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أفطر يوماً من رمضان لم يَقْضه صوم الدهر كله وإن صامه» رواه أحمد والدارمي.

5 – من أفطر بالجماع عمداً يجب عليه الإِمساكُ بقية النهار والقضاء والكفارة على الرجل باتفاق العلماء، واختلفوا في الكفارة، هل تجب على المرأة أم لا؟ فأوجبها الأحنافُ عليها أسوة بالرجل، ولم يوجبها الشافعية.

6 – المجنون حتى يُفيق، والصبي حتى يبلغ، والكافر حتى يسلم لا يجب عليهم قضاء ولا فدية.

وعند الحديث عن فقه الصيام بصفة عامة، فإن الكفارة عتق رقبة، فإن عجز، فصيام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكيناً من أوسط ما يُطعم منه أهله. والترتيب واجب عند جمهور العلماء، فلا يصح اللجوء إلى الكفارة الثانية إلّا عند العجز عن القيام بالأولى وذلك بناءً على الحديث المشهور، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكتُ يا رسول الله، قال: «ما أهلكك؟»، قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال: « هل تجد ما تعتق رقبة؟ »، قال: لا، قال: « فهل تستطيعُ أن تصوم شهرين متتابعين؟ » قال: لا، قال: « فهل تجِد ما تُطعم ستين مسكيناً؟ » قال: لا، ثم جلس، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيه تمر، فقال: « تصدَّق بهذا »، قال: فهل على أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال: « اذهب فأطعِمه أهلَك » رواه الجماعة.

ويجب أن يدرك المؤمن في فقه الصيام، أن من كرر الجماع في نفس اليوم، فعليه كفارة واحدة، ومن كرره في يوم آخر، فعليه عن كل يوم كفارة إلّا عند الأحناف فعليه كفارة واحدة، حتى إذا نفَّذها ثم جامع مرة أخرى وجبت عليه كفارة أخرى.