أسلوب السيلات الماليزي (الكونغ فو) مدرسة أخلاقية قبل أن يكون فن قتال. ظهرت هذه الرياضة في جزيرة سومطرة بأندونيسيا، وقد عرفت منذ إقبالا كبيرا من الطلاب الذين كانوا يمارسونها في مدارس الأليران، كما أن غالبية من يمارسونها في اندونيسيا هم مسلمون. وليس معروفا تاريخها، غير ان بعض المصادر تشير إلى انها ارتبطت بانتشار الإسلام في أرخبيل الملايو. هذه قصة أحد المعلمين الكبار في هذه الرياضة مع الإسلام والمسلمين.

كانت البداية في فبراير 1998 عندما ذهب ستيفن كراز المسيحي البروتستانتي  (Steven Krauss) للتدريب على لعبة السيلات (silat) الماليزية الأصل مع زميل الغرفة بالجامعة الذي أثار حديثه عن اللعبة فضول ستيفن وتطلعه لممارسة هذا الفن من فنون الدفاع عن النفس أثناء دراسته الجامعية بمدينة نيويورك.

وبالفعل في صباح يوم السبت 28 فبراير 1998 كانت البداية مع ممارسة هذا الفن، ولكنها كانت بداية كذلك للتعرف على الإسلام الذي تجسد في شخصية المدرب سليمان الذي كانوا ينادونه سيكجو (Cikgu)، وهي تعني الأستاذ بالماليزية.

وتحولت العلاقة بين سليمان وستيفن إلى صداقة قوية؛ فبدأ ستيفن وصديقه يزوران سليمان في منزله حيث يعيش مع زوجته لتعلم السيلات والتعرف على تلك المدرسة الجميلة من مدارس الفنون الحربية، والتي غالبا ما تطلق عليها مجتمعاتنا العربية “كونغ فو” دون التعرف على المصطلح الحقيقي.

التعرف على الإسلام بالمعايشة

وفي منزل سليمان رأى ستيفن الإسلام وتعرف عليه سواء في شخصية سليمان أو زواره من المسلمين الذين قدّموا صورة صحيحة عن الإسلام لستيفن الذي تعلق به، وكانت النتيجة قضاء العطلة الصيفية بالكامل مع سليمان للاستزادة من دروس السيلات والدفاع عن النفس والتعمق في مبادئ الإسلام وتعاليمه السمحة.

وفي منزل المدرب تعرف على الكثير من المسلمين ومن خلالهم عرف الإسلام دينا ودنيا ومعاملات جعلته يفهم كيف يكون الإسلام أسلوبا للحياة؛ فعندما تعيش في بيئة إسلامية كالتي توفرت لستيفن في منزل سليمان لا يمكنك فصل حياتك عن الإسلام؛ فالإسلام يطلب منك أن تتقي الله في كل شيء تفعله وأن تتواصل معه دائما في كل معاملاتك.

تفاوت كبير

ظل ستيفن يمارس السيلات حتى يوم التخرج 30 يوليو 1999، وعانى خلال تلك الفترة من التفاوت الكبير بين الإسلام وثقافة المجتمع الذي يعيشه وما يمتلئ به من ماديات وشهوانيات ومغريات سهلة ومتاحة من حوله من خلال بيئة تتفنن في إشباع تلك الشهوات بكافة الصور والوسائل. ولكن الإسلام كان المرشد له في كل تصرفاته اليومية؛ فأنت كمسلم تذكر الله في كل لحظة عندما تستيقظ وعندما تنام وفي كل حركاتك اليومية؛ فأنت دائما في اتصال مباشر مع الله؛ وهذا يؤدي إلى راحة واطمئنان دائمين؛ لذا أنت دائما أقوى وأكثر صحة ونفعا للمجتمع من حولك بعيدا عن أي مهاترات فكرية أو شهوانيات.

إعلان إسلامه أمام العائلة

حمل ستيفن خبر إسلامه إلى عائلته التي استقبلته استقبالا جيدا، فلم يجد أحدا يرى أنه اتجه اتجاها سلبيا رغم الاختلاف الشديد في الثقافات داخل عائلته، والظريف أنهم أخذوا يسألونه عن كيفية الزواج في الإسلام والحياة الاجتماعية والنظام الأسري ولم يسأله أحد في معتقداته أو في علاقته مع الله من خلال الإسلام والعبادات التي يؤديها، ولكنهم نبهوه إلى أهمية الاطلاع والاستزادة من العلوم الإسلامية؛ لذا كان هدفه الأساسي اكتساب المعرفة الإسلامية وتعلم كيفية تطبيق المبادئ الإسلامية الموجودة في القرآن والسنة وكذلك ما يتعلمه من سيرة الصحابة والتابعين. ولكن يأتي الاختبار الحقيقي له كمسلم في تطبيق الإسلام في حياته ومعاملاته اليومية.

“الآن الحياة لها معنى ولها هدف.. الآن أعرف لماذا أنا خلقت وأين سأذهب وماذا أريد من هذه الحياة وكيف سأعيش وما هو أهم شيء في هذه الدنيا، ليس لي فقط ولكن لكل الخلق على هذه الأرض. وأتمنى فقط لهؤلاء الذين لم يهتدوا إلى الطريق أن يهديهم الله إلى هذه النعمة التي أعيشها الآن؛ نعمة الإسلام ونعمة العودة إلى الله بالمعرفة الحقيقية له”.

هكذا يتحدث ستيفن الآن الذي أصبح اسمه عبد اللطيف عبد الله -مسلم أمريكي- تخرج في جامعة دلوير قسم العلوم السياسية، ويعمل باحثا مساعدا في مركز “Community & Peace Studies” بماليزيا إلى جانب عمله في أكاديمية “Taqwa Gayong Academy” لحل مشاكل الشباب المسلمين وغير المسلمين.


محمد خليل الكسيح – 15/08/2004