أحاديث الآحاد هي التي لم يبلغ رواتها حد التواتر الذي يفيد القطع واليقين، والحديث المتواتر هو الذي رواه جمع عن جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، وأحاديث الآحاد أنواع، منها المشهور الذي رواه ثلاثة فأكثر، والعزيز الذي رواه اثنان، والغريب الذي رواه واحد فقط. وهي من أقسام الحديث الصحيح، وهناك الحديث الحسن، والحديث الضعيف والحديث الموضوع، وهناك تقسيمات لهذه الأحاديث في علم مصطلح الحديث، ويهمنا الآن الحديث الصحيح بقسميه الآحاد والمتواتر.
يقول علماء الأصول: إن أحاديث الآحاد يجب العمل بها في الأحكام الشرعية العملية، باعتبارها فروعًا، ولا يعمل بها في العقائد باعتبارها أصولاً للدين، وهذا ما يفيده ما نقل عن جمهور الصحابة والتابعين، وأقوال علماء الفقه والأصول، ولم يخالف في ذلك سوى بعض فقهاء أهل الظاهر وأحمد في رواية عنه.
فأحاديث الآحاد مهما بلغت قوتها كالمشهور منها لا تفيد العلم اليقيني الذي يعتمد عليه في العقائد، بل تفيد الظن الذي يكفي في وجوب العمل بها في الفروع، جاء ذلك في كثير من المراجع، وصرح به النووي في شرح صحيح مسلم “ج1 ص 20” وجعل منها ما رواه البخاري ومسلم رادًّا به على ابن الصلاح الذي قال: إن ما روياه يفيد العلم النظري.
من هذا يعلم أن أحاديث الآحاد الصحيحة لا تفيد إلا الظن ويجب العمل بها في الفروع لا في العقائد، وإفادة الظن أو اليقين في الأحاديث قد تكون من جهة الرواية، فالمتواتر يفيد اليقين والآحاد لا تفيده، وقد تكون من جهة الدلالة أي دلالة اللفظ على معناه، وذلك مشترك بين جميع الأحاديث وبين القرآن الكريم، فاللفظ إذا لم يحتمل إلا معنى واحدًا كان قطعي الدلالة، وإذا احتمل أكثر من معنى كان ظني الدلالة، كلفظ العين، يطلق على العين الباصرة وعلى عين الماء، وعلى الذهب وعلى الجاسوس. ولفظ الفتنة يطلق على الامتحان وعلى الكفر وعلى العذاب، وعلى الوقيعة بين الناس، والشواهد على ذلك كثيرة.
وتفريعا على ذلك لو وقع خلاف في مسألة فرعية دليلها خبر آحاد وأنكر الإنسان حجية هذا الخبر لا يكون بذلك كافرًا أو فاسقًا وإلا لحكم بذلك على أئمة الفقه المختلفين في بعض المسائل، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا الإنكار له مسوغ شرعي، فإذا تأيد هذا الخبر وما يدل عليه من حكم بالإجماع عليه صار قويًا، ومن جَحَده كان مخطئًا، وإن كان لا يحكم عليه بالكفر “فتاوى معاصرة للشيخ جاد الحق على جاد الحق ص 49 ـ 60”.