الأستاذ/ محمود محمد خليل
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية

الحجاج والعمار وفد الله -عز وجل-، وهم مضمونون عليه، إن قبضهم أن يدخلهم الجنة وإن ردهم، ردهم بأجر وغنيمة؛ لذا فإن الشاعر سعيد الهندي يحمل قلبه، وقلوبنا معه إلى البيت العتيق فيقول:

فلبى الله مبتهلاً إليه

إلى البيت العتيق حملت قلبي

على الخدين في صمت لديه

وطاف بركنه والدمع يجري

كما يسعى الحمام بمروتيه

وبين المروتين سعيت سعيًا

هداية أُمَّةٍ وَفَدَتْ عليه

له -سبحانه- ندعو ونرجو

على مر الزمان فمن يديه

وما في الأرض من نعمٍ توالت


فله وحده سبحانه الشكر والضراعة والذكر، لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك..

لبيك يا رب الحرم.. لبيك يا رب الجود والكرم.. ومع شاعر “الله أكبر فوق كيد المعتدي” مع عبد الله شمس الدين تردد:

لبيك أنت المنعم

لبيك يا رب الورى

والكل باسمك محرم

هذا نداؤك قد سرى

وأنا بعفوك أطمع

ولكم تخر لك الجباه


وسيظل الطمع في رحمة الله، وغسل الذنوب على أبواب التوبة وأعتاب الرجاء، وقد ألقى الشاعر محمد البرعي في حفل جمعية الدعاية للحج عام 1945 “نشيد الحج” فقال:

له كل من رامه مطمعا

دعونا إلى الحج حتى سعى

بعزم متين ودين مكين

فكنا له خير داعٍ دعا

وطاف بمكة منه الدعاء

رفعنا على البيت أسمى لواء

مغنى به كل جاد أمين

سرى في البطاح شجي الرجاء


أما شاعر طيبة “محمد ضياء الدين الصابوني” فيسوق لنا نبعة ثرة من نبعات الحياة، وخفقة من خفقات القلب النابض، في “رباعيات من مكة” حيث يقف بباب الكريم راجيًا فضله ونداه.. فيناجي كعبة الحسن بقوله:

ما أحلاها بوقت السحر

“كعبة” الحسن تبدت سحرا

تتملى من شذاها العطر

تغمر الأرواح من نفحاتها

هزني الشوق للثم الحجر

كلما طفت بها في لهف

كيف لا أهنا بلثم الحجر

فرسول الله قد قبَّله


فهي الأرض التي بارك الله ثراها وسماها، لا يفزع طيرها، ولا تؤخذ تعطتها ولا يعضد شجرها.. وهي سقيا زمزم.. طعام طعم وشفاء سقم.. فهنيئًا لأهلها حيث يناجيهم شاعر طيبة:

يشفي في الآلام والأسقام

يا أهل (مكة) ماء زمزم عندكم

وشفاء سقم في مدى الأيام

وطعام طعم – لا مراء بفضله


وعلى طريق الحب في الله.. وعلى خطى رسول الله.. يتدفق نهر الإيمان بين مكة والمدينة.. ومع وفد الرحمن من أهل مكة والزائرين.. يحييكم الصابوني:

أنتم كرام وفيكم يزهر الأمل

يا أهل مكة حيا الله معدنكم

وكيف أسلو ونار الشوق تشتعل؟

ما فكر القلب يومًا في سلوكم

وقلبهم برسول الله متصل

ولي (بمكة) إخوان عرفتهم

فإننا برسول الله نحتفل

إن تحتفل أمة في ذكر قائدها


والحج شعيرة الشعائر وحياة الأبدان والضمائر، ورحلة الولاء والبراء “وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ”، وتتجلى عطاءات الجواد الذي لا يعضل، ومن الكريم الذي لا يبخل، وهبات الحليم الذي لا يعجل.. على كل من طاف ولبى، وقف بساحة العرض بعرفات الله.. حيث يشهد الله ملائكته أنه قد غفر لأهل عرفات جميعًا.. وفي ائتلاف النور والجلال في عرفات.. يتغنى الشاعر الشيخ “أبو زيد إبراهيم”:

وهدير الدعاء ملء الحياة

في ائتلاف الجلال في عرفات

قد تهادى في موكب الرحمات

وحشود الحجيج موج تموج

من فيوض الإيمان والنفحات

ملؤها النور والجلال وفيض

والضراعات ملء كل الجهات

وامتداد الأكف لله تدعو

كل مَن في السماء من كائنات

فيباهي بهم إله البرايا

لا يريدون غير وجهي وذاتي

هم لمبادئ أتوني اليوم شعثًا

لعباد يدعون في عرفات

فاشهدوا أنني غفرت ذنوبًا


فاللهم لا تجعله آخر العهد ببيتك.. واجعله اللهم أزمنة مديدة وأعوامًا عديدة.. اللهم آمين.