في مسألة كفارة اليمين وكيفية إطعام المساكين، المطلوب في الكفارة – وفقًا للآية الكريمة – إطعام عشرة مساكين . وهذا الإطعام يأتي بواحد من أمور ثلاثة.

الأمر الأول:

إما أن يطعمهم بالفعل بأن يغذيهم ويعشيهم وجبتين كاملتين إلى درجة الشبع من أوسط ما يطعم أهله . كأن يطعمهم مرة أرزًا ولحمًا، ومرة أرزًا فقط. وقال بعض العلماء: يكفي وجبة واحدة، والأول أولى.

الأمر الثاني:

أن يملك كل واحد من العشرة نصف صاع من بر أو تمر ونحوهما . وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين ذكرهم ابن كثير في تفسيره . وقال أبو حنيفة: نصف صاع من بر وصاع كامل من غيره، مثل صدقة الفطر.

وعن ابن عباس: مد من بر – يعني: لكل مسكين – ومعه إدامه، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين.

ومذهب الشافعي في كفارة اليمين مد، ولم يعرض لإدام.
ومذهب أحمد: أن الواجب مد من بر أو مدان من غيره.

الأمر الثالث:

أن يدفع قيمة الطعام إلى المساكين نقدًا . وهذا جائز عند أبي حنيفة وأصحابه.
فأي هذه الطرق يتيسر له عمل به.

وإذا كان لا بد من ترجيح بين هذه الطرق الثلاث، فأنا أرجح الطريقة الأولى: طريقة الإطعام المباشر، لأنها أقرب إلى لفظ القرآن الكريم: (إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم) (المائدة: 89) ولا بد من التقيد بالعدد الذي ذكره القرآن وهو العشرة، فلا يحسن إعطاء طعام العشرة أو قيمته لمسكين واحد، لأن ذلك مناف لظاهر النص القرآني وإن أجاز ذلك الحنفية .

ويلوح لي – والله أعلم – في مسألة كفارة اليمين وكيفية إطعام المساكين، أن للشارع حكمة في كثرة عدد المساكين في الكفارات، حتى بلغ في بعضها ستين مسكينًا، وإعطاء الطعام المفروض لواحد من العشرة أو الستين مخل بهذه الحكمة، فإن لم يكن في البلد إلا أقل من عشرة فحينئذ يجوز إعطاؤهم، رعاية للضرورة، ورفعًا للحرج.
والله أعلم


الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي – رحمه الله –