تغطية/ عبير صلاح الدين ، ريهام خفاجي

دشَّن “مركز دراسات المرأة والحضارة” أولى ندواته العامة بعقد ندوة “بنت الشاطئ: خطاب المرأة أم خطاب العصر” والتي استمرت على مدار يومي 22–23 مارس 2000 في مكتبة القاهرة الكبرى المطلة على النيل بحي الزمالك.

وعلى مدار خمس جلسات وثلاث حلقات نقاشية أثير العديد من القضايا مثل إسلامية المعرفة.. والأدب الإسلامي.. والدور الحضاري للمرأة.. وتدريس دراسات المرأة في الجامعات العربية والإسلامية، إلى جانب قراءة واقع المرأة العربية في بداية الألفية الثالثة.

الاحتفالية والندوة استهدفت على مدى يومين الكشف عن رمز من الرموز الفكرية النسائية التي عاصرت الرموز النسائية لفكر النهضة الحديثة في القرن العشرين خاصة ذلك الجانب الفكري الذي تم تجاهله، فالدكتورة عائشة عبد الرحمن كما ذكرت الدكتورة منى أبو الفضل – الأستاذ بكلية السياسة والاقتصاد جامعة القاهرة ورئيس الجمعية في الجلسة الافتتاحية- هي نموذج للمرأة المسلمة الشيخة العالمة الواعية بهويتها والمنفعلة بما يدور حولها في العالم الإسلامي، كما أنها لعبت دورًا في إحياء تراث أمتها وبناء علومها وإعادة بناء وعيها والدفاع عن قضاياها ، ومن جانب آخر ومكمل تأتي دراسة الرموز النسائية مفتاحًا للتعرف على الساحة الثقافية الاجتماعية الكلية، وسير تشكلها من خلال تناول القضايا والمجالات المشتركة التي تبلورت من خلال أطروحات أو إشكاليات أسهمت المرأة فيها وعيًا أو حركة عبر موقف وقفته أو دور لعبته، بل من كونها موضوعًا أو طرفًا في مبحث أو مسألة.

وتحدثت الدكتورة/ نعمات أحمد فؤاد الكاتبة والأديبة البارزة مؤكدة أن الحديث عن المرأة يجب أن يضم دائماً الحديث عن الأم،وأكدت أن حضارة مصر قامت على ركيزتين هما: بطولة الأم والاهتمام بالدين عبر الحضارات المتتالية ، وأكدت دور المرأة في العلم وكان في كلمتها إشارة واضحة لمكانة بنت الشاطيء كرمز وامتداد  لهذه الحضارة.

وبدأت أعمال الندوة التي تناولت عدة محاور منها الأدب والسيرة الذاتية، علوم القرآن وعلوم الحديث، تراجم سيدات بيت النبوة وشهادة العصر.

تدريس قضايا المرأة: من أي منظور؟

وفي نهاية اليوم الأول، تحول مسار الحلقة النقاشية حول تدريس دراسات المرأة في الجامعات العربية والإسلامية، من مناقشة آليات هذا العمل إلى الجدل حول جدواه وفعاليته.

افتتحت د. منى أبو الفضل المناقشة حول أزمة التعليم في الجامعات العربية وضرورة إعادة النظر لتأسيس برامج تعليمية تراعي السياق الحضاري. ورفضت د. دلال البدري النقاش حول البرامج التعليمية في ظل رفضها المبدئي لتدريس دراسات المرأة في الجامعات العربية، وأكدت أنها من واقع خبرتها في الجامعة الأمريكية في لبنان فإن تدريس هذا النوع من الدورات (الكورسات) يحمل معنى التعبئة ضد الجنس الآخر؛ مما يؤدي لعدم تحسين العلاقة بين الجنسين، نتيجة غياب التبادل المعرفي بينهما. واقترحت د.دلال أن تكون الدراسات متعلقة بالتعاون بين الجنسين.

وعلى صعيد آخر، دافعت د. سعاد صالح – أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر- عن دراسات المرأة باعتبارها أداة لتفعيل دور المرأة الحضاري. وأشارت إلى دعوتها إلى وجود “مفتية” امرأة – والتي سبق وطرحتها في مؤتمر مركز دراسات المرأة في جامعة صنعاء – حيث ثبت شرعيًا أن شرط الذكورة ليس ضرورة للإفتاء أو القضاء.

وفي ختام الحلقة، علق د. سيف عبد الفتاح – أستاذ الفكر السياسي الإسلامي بجامعة القاهرة- بأن المرأة تعاني من مشكلة التواصل مع الحضارة الغربية فيما اتخذ شكل الدراسات النسوية، فهو محاولة لقطع المرأة من المجتمع، حيث “المرأة مقطوعة في الحضارة الغربية، وممنوعة في الواقع العربي” وحث على ضرورة رؤية المرأة في إطار أرحب وهو الرؤية داخل إطار رؤية العالم.

المرأة العربية والعقد الأول من الألفية:

وختامًا لجلسات المؤتمر عقدت حلقة نقاشية عن المرأة العربية والعقد الأول من الألفية الثالثة: الطموحات والعقبات” أطلعت د. أماني صالح الحاضرين على ملامح للورقة الخلفية للمؤتمر والتي أظهرت وجود مشكلات للمرأة في مجالات التعليم والعمل والمشاركة السياسية وارتفاع نسبة الأسر المُعالة لدى المرأة.

وقدمت د. عزة وهبي ملاحظات على الواقع البرلماني للمرأة في البلاد العربية والإسلامية. أكدت د. عزة أن هناك ما يشبه التطابق بين مشكلات المرأة في معظم الدول محل الدراسة، بالإضافة إلى أن تلك المشكلات لا يمكن اجتزاؤها عن مشكلات المجتمع بأسره. وأوضحت أن النساء شرائح كثيرة لذلك لم تنجح البرامج الموحدة عليهن، بالإضافة إلى ضرورة بحث مدى ملاءمة التطبيق الميكانيكي للمصطلحات الغربية عليهن رغم تباين اتجاهاتهن.

وعلى صعيد آخر تحدثت هبة رؤوف عزت – المدرس المساعد بجامعة القاهرة – عن مضار التحليل الكامل لقضايا الواقع من خلال مفهوم “الجندر” حتى لا نصل إلى مآلات الجندرة وتطرفاتها وشذوذ بعض مدارسها.

وأعربت عن اعتقادها بأن مشكلتي المرأة العربية هما ثنائية : التأميم / التدويل – أي تأميم الدولة لكافة المشاركات والأنشطة النسائية، وفي ذات الوقت تدويل أجندة قضايا المرأة. ونبهت إلى أن مشكلة الفكر الإسلامي مع المرأة هو فتح البعض لباب “سد الذرائع” في ذلك المجال حتى وصل إلى “سد الشرائع”، إلى جانب عدم تبلور الأطروحات الوسطية في مجال المرأة مقابل أطروحات متبلورة وبرامج وخطط وواضحة وافدة من الغرب.

وأشارت ا.أمل حمادة إلى أنه قد يكون النظر لأدوار أو ممارسات غير مؤسسية بديلاً عن نحت المفاهيم أو المؤسسات في العلاقات الاجتماعية، مثل الردع الأدبي من الجيران ضد العنف الأسري.

واختتم د. سيف عبد الفتاح –أستاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة-الحلقة بقوله إن قضية المرأة يجب أن تدرس باعتبارها من الأمة وفي الأمة وللأمة، ويتجلى ذلك في “سورة النساء”، ومن أبرز ما كتب في هذا الصدد كتاب “تنظيم المجتمع في سورة النساء”.

وقد عقد على هامش المؤتمر حلقة نقاشية حول “الأبعاد الصحية والنفسية والاجتماعية في رعاية الأسرة” برئاسة د. أميمة أبو شادي، وتحدثت فيها أ.د إحسان فهمي – أستاذة الأمراض النفسية والعصبية بطب بنها، والدكتورة عزة أبو الفضل. ودارت الجلسة حول تحليل العوامل الثقافية والاجتماعية والصحية التي تؤثر على صحة الأطفال والشباب، ودور الأسرة في مواجهة هذه التيارات لإيجاد مناخ دائم للإبداع العلمي والعملي ،وألقت د. إحسان بحثًا عن تقدير الذات لدى الإناث، إلى جانب بحث للدكتورة عزة حول التواصل الأسري لدعم صحة الأبناء. كان هذا أول مؤتمر لجمعية دراسات المرأة والحضارة التي ترأسها الأستاذة الدكتورة منى أبو الفضل ذات الكتابات الرصينة في المنظور الحضاري الإسلامي وأحد أبرز رموز تيار إسلامية المعرفة ذات المكانة والاحترام.

وما زالت الرؤية الكلية للخطاب و “المحاولة” التي تمثلها “المرأة والحضارة”  في حاجة لتعميق حتى يمكن أن تتحول “الرؤية” التي أرستها  د. منى أبو الفضل (رئيسة الجمعية ومنسقة الندوة والأستاذة البارزة في مجال إسلامية المعرفة والنظرية السياسية الإسلامية الفضل – أستاذ العلوم السياسية- وأستاذ كرسي زهيرة عابدين لدراسات المرأة بجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية بالولايات المتحدة الأمريكية) إلى “مدرسة فكرية”  تلتف حول ذات الفهم وتؤصل الأفكار في منهاجية واضحة.

الأوراق التي أنتجتها عضوات الجمعية من الباحثات الشابات جهد متميز لكن الرؤية الإسلامية البديلة غابت في أحيان كثيرة وغلب إستبطان المفاهيم النسوية الغربية التي لا يكفي حسن النية في نقدها ونقضها ولم تتمكن الباحثات من إنتاج رؤية متجاوزة للأطروحات والنظريات والمفاهيم النسوية السائدة، ومازال الطريق طويلاً.

وقد قدمت في الندوة أوراق عديدة تناولت إسهامات بنت الشاطئ في المجالات المختلفة:
عائشة المفسرة
عائشة المحققة
عائشة المترجمة
عائشة المبدعة الأديبة
شاهدة على العصر
السير الذاتية وتنسيب الأفكار ونموها