الفَنُّ :جملةُ الوسائل التي يستعملها الإِنسان لإِثارة المشاعر والعواطف وبخاصة عاطفة الجمال، والفَنُّ: مهارةٌ يَحكُمُها الذوقُ والمواهب والجمع : فنون” (معجم المعاني الجامع).

فللفن ارتباط وثيق بالمشاعر والعواطف وانعكاس رقراق على الذوق الإنساني والرقي الاجتماعي وهو ما أرساه الإسلام في تعامل الإنسان مع أخيه الإنسان. قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا } [الحجرات: 13]

لامكان للأنا والاستعلاء أوتضخيم الذات والاستقواء فمرد أًصلنا  لأب واحد وأم واحدة “خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى” .

في العلاقات الاجتماعية : أنت معي بكينونتك حاضرٌ  بوجودك مستشعراً أفراحي وأتراحي جسد بذاته وروحه، وقلبٌ  بإحساسه ومشاعره. 

إذ لا يقبل في الإسلام حضور بلا شعور كقوالب جامدة لا يرق لها قلب ولا تدمع لها عين،نحضر بلا وجود ونتواجد بلا حضور  عاكفين على وسائل التواصل الاجتماعي حياة افتراضية أقرب للخيال منها إلى الواقع  لا يكلم الابن أباه ولا ينظر الزوج في عيني زوجه لا يصغي إلى همسات صغيره بتركيز بال، ولا يلاطف زوجه بحلو المقال ،حضور بلا شعور.

ففي الحديث أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلَّم: “اتخذَ خاتمًا فلبِسَه قال شغلني هذا عنكم منذُ اليومَ ، إليه نظرةٌ وإليكم نظرةٌ، ثم ألقاه” (أخرجه النسائي (5289) واللفظ له، وأحمد (2960) قال الألباني في صحيح النسائي إسناده صحيح).

إنه الذوق العالي والخلق الرباني والرقي الإنساني يتجلى في أروع صوره وأبهى معانيه أَبى النبي-صلى الله عليه وسلم_ أن يكون حضوره بين أصحابه منقوصاً في الشعور” إليه نظرةٌ وإليكم نظرةٌ” فخلع الخاتم وألقاه.

في علاقة المسلم بإخوانه المسلمين : يقول كعب بن مالك-رضي الله عنه-  عندما تخلف عن غزوة تبوك: قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى سَلْعٍ يَقُولُ بِأعْلَى صَوتِهِ: يَا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، أبْشِرْ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أنَّهُ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، صارخ يصرخ بأعلى صوته ليكشف كربا ويفرج ويفرج هما اعتليا أخاه  مبشرا إياه بتوبة الله عليه.

قال كعب: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رسولُ الله جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ طلْحَةُ بْنُ عُبَيْداللهِ رضي الله عنه يُهَرْوِل حَتَّى صَافَحَنِي وهَنَّأَنِي، فَكَان كَعْبٌ لاَ يَنْساهَا لِطَلحَة. إنه شعور الأخ بأخيه.

في علاقة الزوج بزوجته: في صحيح البخاري عن عامر بن سعد  عن سعد بن أبي وقاص أنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك .

إن المعدة قد تشبع بكسرة خبز أو ملعقة أرز  لكن طعام الدنيا لا يشبع عاطفة متقدة ولا مشاعر ملتهبة نحو شريك الحياة وعون النجاة فقط كلمة راقية وجلسة دانية ويد حانية تحمل اللقمة لتضعها في فم من خلقت من ضلعك فأنست بها وانشرح صدرك إنه الشعور مع الحضور ،بهما يتحقق الإشباع العاطفي.

في علاقة المسؤول بمن وُلي أمرهم: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهم-ا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” (متفق عليه).

مسؤول عنهم، يحمل همهم ويسعى في أمرهم ،يتولى رعايتهم ويحقق مصالحم ،يقضي حوائجهم، يجزع لمصابهم ويدمع لآلامهم تفرحه مسراتهم كما تحزنه ملماتهم،قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ الله ، قَالَ: وَهوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُور “أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ، مُذْ ولَدَتْكَ أُمُّكَ”. (رواه مسلم)