{قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} (ص:76)

كان هذا البيان العنصري الشائن الذي أدلى به الشيطان في غطرسته ومعصية الله. قصة إبليس وآدم هو دليل واضح على مدى تفوق العنصرية الخطيرة في فعل الشيطان الذي هو أمر عصيان واضح مع خالقه، ونشوء مكانه الدائم في النار.

ولكن التمييز العنصري له عواقب أسوأ بكثير عندما يتصرف الناس بذلك. ليس فقط إنه يؤدي بشخصية الخلق إلى أن يعيش حياة من الغطرسة والخداع، ولكن النتائج أيضا في الأعمال الإجرامية ضد الآخرين في شكل من أشكال التمييز والاستعباد، تصل حتى القتل.

قضية سيادة الواحد هو قديم في البشرية: بعض الناس يعتقدون أنهم أفضل بسبب جنسهم وعشيرتهم ولونهم، وعرقهم، وموقفهم السياسي، وعمرهم، بل وحتى دينهم وهو المثير للاهتمام. على مر التاريخ، أظهرت هذه القضية البشعة نفسها في شكل من أشكال القتل الجماعي والاستعباد الشامل، وأشكال كثيرة من التمييز والتهميش.

على الرغم من أن العالم الآن يدين بشدة جميع أشكال التمييز لكن ممارسات العديد من المجتمعات هي على عكس ذلك. عندما تم إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية بوضوح، ونحن نحمل هذه الحقائق لتكون بديهية، تم الإعلان على أن كل الرجال خلقوا متساوين. عانى الأميركيين السود فترة وحشية من التمييز على وجه الأرض. وعلى الرغم من أن الرئيس الحالي للولايات المتحدة لديه أصل أسود وخلق قانونا يمنع منعا باتا جميع أشكال التمييز، إلا أن الأمريكيين من أصل أفريقي جنبا إلى جنب مع غيرهم من الأقليات لا تزال تواجه عواقب التمييز العنصري.

كل أشكال التمييز هذه هي أمراض في المجتمع، تنبع من أمراض روحية واجتماعية فردية. مكافحة التمييز بشكل عام، والتمييز العنصري على وجه الخصوص، ينبغي إذن أن يكون أولوية لأي شخص أو جماعة أو أمة.

كان العالم في أسوأ حالاته قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث وجدت كل أشكال التمييز. وجد نظام الطبقات الظالم في أماكن مثل بلاد فارس والهند، والتي كانوا يتعرض أهلها للقمع من طرف أغلبية الشعب، وعانوا من التمييز ضدهم لأنهم ينتمون إلى الطبقة الدنيا. كذلك في الجزيرة العربية، حيث تمت ترقية الطابع النبيل، صنفت الناس من قبل على أساس اللون والانتماء القبلي. في جميع المجتمعات دون استثناء، شوهدت حياة صعبة من الاضطهاد بسبب هذا المرض.

لكن الرسول صلى الله عليه وسلم جلب الرسالة النهائية للبشرية مع علاج لجميع مشاكل البشرية، بما في ذلك التمييز. وكما ذكر أعلاه، كان الرسول صلى الله عليه وسلم ضد التعامل مع التمييز في أصعب المحن والمصاعب، خصوصا عندما اتهمه الكفار في مكة المكرمة من كونه شخص ساحر وليس من الشعب العادي النبيل :

{وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} (الزخرف:31)

وكانت بعثته حقا نقطة تحول في المعركة ضد التمييز. كان الإسلام قادرا على تغيير معتقدات الناس وسلوكياتهم الى حد كبير. بضعة عقود بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وقادة من جميع مجالات المجتمع المسلم، سواء كانت سياسية أو علمية، أو روحية، من القبائل والشعوب المختلفة بغض النظر عن لونها، أو أصلها العرقي.

وكانت الخطوة الأولى نحو مكافحة التمييز للمس القلوب، وتغيير المعتقدات، وإعادة توجيه الفكر.

حري بنا أن ندرس كيف كان الإسلام قادرا على إحداث هذه التغييرات لأن الإنسانية اليوم عموما في حاجة ماسة لمثل هذا التوجيه المبارك للقضاء على التمييز الذي لا يزال في مجتمعنا وخاصة منها المربين، والقادة السياسيين، وقادة المجتمع الذين لديهم مسئولية كبيرة في المعركة ضد التمييز.