القاعدة الأولى: أسماء الله كلها حُسنى ومتضمنة لصفات كاملة كما قال تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } الأعراف : 180

والحسنى ((جمع الأحسن )) أي أن فيها مبالغة في الحسن .

القاعدة الثانية : قال الشيخ ابن عثيمين في (( القواعد المثلى )) : أسماء الله أعلام وأوصاف ، أعلام باعتبار دلالتها على الذات وأوصاف باعتبار دلالتها على المعاني ، وأما أسماء الناس فهي أعلام لأنها تدل على الذات فقط ، فقد تجد من الناس من اسمه كريم وهو بخيل ومن اسمه عادل وهو ظالم ، فأسماء الله سبحانه وتعالى وأسماء الرسول والقرآن الكريم واليوم الآخر متضمنة لأوصاف ، فلا يوجد في أسماء الله أي أسم جامد (( لا يدل على معنى )) كالدهر مثلا فهو ليس من أسماء الله ، وقد ورد في الحديث القدسي أن النبي قال :  قال الله عز وجل ” يؤذيني بن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر بيدي الأمر ، أقلب الليل والنهار” رواه البخاري ومسلم .

فالليل والنهار هما الدهر فكيف يكون المقلب (بكسر اللام ) هو المقلَّب بفتحها (انتهى كلامه ) .

قال الإمام النووي رحمه الله : (( لأن العرب كانت تسب الدهر عند النوازل والمصائب التي تصيبها ، والذي يدبر الأمور ويفعل النوازل والحوادث هو الله وليس الدهر فمن سب فاعل النوازل وقع هذا السب على الله ولا يقع على الدهر لأنه مخلوق )) ( شرح مسلم 18/3).

ومعلوم أن الدهر اسم للزمن والوقت.

القاعدة الثالثة: إحصاء أسماء الله من أسباب دخول الجنة لقول النبي : (( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة )) رواه البخاري ومسلم .

ومعنى كلمة إحصائها الواردة في الحديث يشمل :

  1. حفظها .
  2. معرفة معانيها.
  3. دعاء الله بها كقولنا (( يا الله – يا رحيم )).
  4. العمل بمقتضاها ومثال ذلك :إذا علمت أنه الأحد فلا تشرك معه غيره ، وإذا علمت أن الرحيم فاعمل الأعمال الصالحة التي تكون سببا لرحمته لك لأن مقتضى الرحيم الرحمة.

القاعدة الرابعة: هناك أسماء خاصة بالله لا يجوز أن يتسمى بها غيره مثل : ( الله ، الإله ، الرحمن ، الواحد ، الرب ، الخالق ، القدوس ، السبوح ، البارئ ، الصمد ، الرازق ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، القاهر ، المتكبر ، الجبار ) فكل اسم من هذه الأسماء لا يجوز لأحد غير الله التسمي به حتى لوكان غير محلى بـ ((ال))  وأما غير هذه الأسماء فإذا كان الاسم محلى بأل فلا يجوز أن يسمى به غير الله وإذا كان غير محلى بـ ((ال)) وقصدت الصفة فلايجوز وأيضا إذا لوحظ فيه إثبات ما تضمنه من صفة فلا يجوز ، وأما إذا قصد الاسم المجرد ولم تُقصد الصفة ولم يلاحظ فيه إثبات ماتضمنه من صفة فيجوز التسمي به .

القاعدة الخامسة : وهناك صفات خاصة بالله لا تطلق على غيره مثل : ( فعال لما يريد ) ( يحيي )

 (يميت ) وغيرها .

القاعدة السادسة : الاشتراك بين الخالق والمخلوق في الاسم والمعنى لايدل على الاشتراك في الحقيقة والكيفية : فإن من أسماء الله العليم والحي لكن ليس علم الخالق كعلم المخلوق وليست حياة الخالق كحياة المخلوق لأن الله له الكمال المطلق في أسمائه وصفاته بخلاف المخلوق فإن أسماؤه وصفاته ناقصة ، فإذا كان نفي التشبيه بين صفات المخلوقات بعضها ببعض أمر معلوم فنفي التشبيه صفات الخالق بصفات الخلق من باب أولى.

القاعدة السابعة : أسماء الله وصفاته توقيفية : (( يعني أن إثباتها متوقف على الأدلة الشرعية ولامجال للعقل في إثباتها )) لأن العقل لا يمكنه إدراك مايستحقه الله من أسماء وصفات ، فما أثبته الشرع أثبتناه ومانفاه الشرع نفيناه وماسكت عنه سكتنا عنه (( القواعد المثلى لابن عثيمين )).

القاعدة الثامنة : أهل السنة والجماعة يثبتون أسماء الله وصفاته من غير تكييف ولا تحريف ولا تعطيل ولاتمثيل ولاتشبيه (( تفسير ابن كثير سورة طه الآية 5 ))

أما التكييف فلأنه لا يعلم كيفية صفات الله إلا هو سبحانه فمن ادعى أنه يعلم كيف يجيىء الله يوم القيامة أو كيف يستوي على عرشه فهو كاذب ، وأما التعطيل فمعناه نفي أو جحد ألفاظ أو معاني الأسماء والصفات وهو باطل فكيف ننفي اسم أو صفة قد ثبتت في الشرع لله ولم ينفها عنه الرسول وهو أعلم بأسماء الله وصفاته مِنّا ، وأما التحريف فهو تغيير ألفاظ أو معاني الأسماء والصفات فهو باطل أيضا وكذب على الله ، وتعريفه هو ((  صرف اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى غيره بغير دليل شرعي )) ومن أمثلة التحريف قول الجهال أن المراد بيد الله نعمته وقدرته وأن الاستواء على العرش بمعنى الاستيلاء ، وأما التمثيل والتشبيه فالله سبحانه منزه عن مماثلة أو مشابهة المخلوقين لقوله عز وجل :  { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } الشورى :11

فنحن نثبت أن لله وجه ولكن  ليس كوجوه المخلوقات وله سمع لا يماثل ولا يشابه سمع المخلوقات فهو يسمع كل شيء سبحانه أما المخلوق فسمعه لا يدرك كل الأصوات ، وصفات الله لها الكمال المطلق أما صفات المخلوق فهي ناقصة .

القاعدة التاسعة : يجب إثبات أدلة الأسماء والصفات على ظاهرها وحقيقتها ولا نصرفها عن الظاهر ولا نحرف معناها (( القواعد المثلى لابن عثيمين )) ، ونعني بالظاهر أنه (( المتبادر من معنى الكلام إلى الذهن عند الاطلاق )) فلا بد من إثبات اللفظ وإثبات معناه الذي دل عليه ثم تفويض علم الكيفية إلى الله سبحانه ، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : اشتهر عن السلف كمالك بن أنس ومكحول والزهري وسفيان الثوري والليث بن سعد والأوزاعي قول : (( أمروها كما جاءت بلا كيف)) ففي قولهم (( أمروها كما جاءت )) رد على المعطلة وفي قولهم (( بلا كيف )) رد على الممثلة ولو كانوا لا يعتقدون لها معنى لقالوا : أمروا لفظها ولا تتعرضوا لمعناها )) (( مجموع الفتاوى لابن عثيمين )) واستمع لقول ربنا تبارك وتعالى : { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } الأعراف : 33

الشاهد قوله : { سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } .

القاعدة العاشرة : هناك أسماء ذكرت مقرونة مع بعض في القرآن مثل : ( العفو القدير ) ( العزيز الحكيم ) ( الغني الحميد ) ( السميع البصير ) والفائدة من اقترانها أن كل اسم يتضمن صفة كمال فإذا جمعت مع بعضها حصل كمال فوق كمال (( القواعد المثلى لابن عثيمين )) . فمثلا : ( العفو القدير ) فربنا يعفو عن قدرة وليس كعفو بعض الناس الذي قد يكون من ضعف وأيضا يقدر على العفو سبحانه .

( العزيز الحكيم ) فعزتخ لا تقتضي ظلما وجورا لأنها مقرونة بحكمه وأيضا حكمته لا يعتريها ذل .

(الغني الحميد) أي أنه يحمد من الخلق بعد أن ينعم عليهم ، فليس كل غني يجود وينعم .

(السميع البصير) وكثير مايجمع بين هذين الاسمين في القرآن لأن السمع والبصر فيهما من الإحاطة والعلم بالخلق.

القاعدة الحادية عشرة : هناك عدة فروق بين الأسماء والصفات : جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء ( أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به مثل السميع والعليم والحكيم فإن هذه الاسماء دلت على ذات الله وعلى ما قام بها من السمع والعلم والحكمة ، أما الصفات فهي نعوت الكمال القائمة بالذات كالعلم والحكمة والسمع والبصر ، فالاسم دل على أمرين ، والصفة دلت على أمر واحد ، ويقال الاسم متضمن للصفة والصفة مستلزمة للاسم ).

وأيضا يشتق من الأسماء صفات ولا يشتق من الصفات أسماء ، فنشتق من اسم الرحيم صفة الرحمة ونشتق من اسم العليم صفة العلم ، لكن لا نشتق من صفات المجيء والمكر أسماء الجائي والماكر .

والأسماء والصفات مشتركة في جواز الاستعاذة والحلف بها فيجوز الحلف بالاسم كقولنا (والله).

وتجوز الاستعاذة به كقولنا (أعوذ بالله ).

ويجوز الحلف بالصفة كقولنا (وعزة الله) .

وتجوز الاستعاذة بها كقولنا (أعوذ بعزة الله).

أما التعبد والدعاء فهي خاصة بالأسماء فنقول عبد الكريم ولا نقول عبد الكرم ، وهذا من التعبد وندعو بالاسم ولا ندعو بالصفة فنقول : يارحيم ولا نقول يا رحمة الله لأن الصفة لا تدل على الذات أما الاسم فهو يدل على الذات..

القاعدة الثانية عشرة : تنقسم الصفات من حيث الكمال والنقص إلى :

أولا: صفات كمال لا نقص فيها وهذه نثبتها لله كما ثبت في الشرع كالعلم والسمع والرحمة.

ثانيا : صفات نقص وهذه لا يوصف بها الله تعالى أبدا كالنوم والظلم وغيرها .

ثالثا : صفات يمكن أن تكون كمال ويمكن أن تكون نقص على حسب الحال والسياق التي تذكر فيه فهذه لا يوصف بها الله مطلقا ولا تنفى عنه مطلقا . فنقول : في الحال التي تكون كمال يوصف بها الله وفي الحال التي تكون نقص لا يوصف بها مثل المكر والمخادعة والكيد والمحال والاستهزاء والسخرية فهي صفات كمال إذا كانت في مقابلة أعداء الله الذين بدأوا بها وتدل على أن الله يقدر على مكرهم وهزيمتهم ، ولم تذكر هذه الصفات لله في القرآن مطلقا بل ذكرت مقيدة بمن بدأ بها من الكفار ، فنقول : إن من صفات الله عز وجل أنه يمكر بمن بدأ بمكر الإسلام والمسلمين ويخادع بمن بدأ بمخادعته ، وهكذا قولنا في سائر الصفات المقيدة في حق الكفار والمنافقين ، فالمكر في محله كمال والمخادعة في محلها كمال . (( القواعد المثلى لابن عثيمين )) .