الحضارة الإسلامية

ومن تطبيق مراعاة البيئة في بناء المدن ما ثبت أن الحجاج لما عزم على بناء مدينة كلف عددا من الأطباء أن يختاروا موضع مدينة فبحثوا حتى عثروا له على موقع المدينة التي سمِّيت بـ “واسط”، ووصفوا له الموقع بأنه “أوفق من موضعك هذا (الكوفة) في خفوف الريح وأنف البرية”، وكان من وصية الحجاج أن يكون اختيار

لقد ورد في القرآن الكريم ما يجعل طيب المدينة وكثرة خضرتها من متعة الإنسان {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: 15]، ومما جاء في تفسير الآية أنها “طيبة ليس فيها هوام لطيب هوائها”[1]. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم موضع

تبدو الحضارة الإسلامية ـ في رأي محمد أسد ـ استثناء من هذا الإطلاق، فهي الوحيدة التي ظهرت للعيان بشكلها في لحظة محددة في التاريخ، كما ظهرت مكتملة الخصائص متفردة السمات، وهذا ما منحها أهم عناصر القوة الداخلية والقدرة على الانبعاث بعد الإشراف على الموت أكثر من مرة، لأن قيمها المركزية معروفة البدايات وقابلة للفرز وإعادة التشغيل من جديد.

أورد الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله في كتابه (من روائع حضارتنا) الأثر الذي أحدثته الحضارة الإسلامية في في تاريخ التقدم الإنساني ومن ذلك ميدان الفلسفة والعلوم : ” ابتدأت عند الغربيين حركة الترجمة من العربية إلى اللاتينية، وغدت كتب علمائنا تدرس في الجامعات الغربية، فقد ترجم كتاب (القانون) في الطب لابن سينا في القرن الثاني

شكلت العلاقة بين العالم الإسلامي وأوروبا قضية مؤرقة للجانبين تأريخا وتدقيقا وتحليلا وتحريفا وتفنيدا، فالتفاعل بين الجانبين ظل لقرون هو المؤثر الأكبر في العلاقات الدولية خلال العصور الوسطى.