الحضارة

العقل ملكة من ملكات الإنسان، شبهه حجة الإسلام أبو حامد الغزالي (450 – 550 هـ ، 1058 – 1111م) بنور البصر، وشبه الشرع بالضياء. فمن لديه عقل بلا شرع فهو مبصر يسير في الظلام، ومن لديه شرع بلا عقل فهو أعمى يسير في ضوء النهار، فلا نفع عنده بالضياء. ثم ختم هذا التصوير الفني بقوله:

من المهام الأصيلة للعلماء في الأمة هو القيام بالمسؤولية الحضارية حين تأخذ السنن الأمة إلى مراحل متراجعة على سلم الحضارة، وتتمثل هذه المهمة في تهيئة الأمة وجدانيًا وعقليًا وتربويًا لها، والبحث عن الفكرة المركزية التي ينطلق منها هذا البعث، وهنا يشير الفاسي إلى مركزية فكرة "الدين" في تحقيق التألق الحضاري والانبعاث من جديد، وهذا يتطلب "...معرفة الدين نفسه ومركزه من الديانات الأخرى ومن النظريات والأفكار الإنسانية على اختلاف العصور.

يقيس البعض حضارة الأمم بما تركت من بنيان وشيدت من عمران كآية دالة على مدى ما وصلت إليه من تقدم وازدهار وقد اعتنت الحضارة الإسلامية أول ما اعتنت بالإنسان لأنه الذي يقيم الحضارة أو يتسبب في سقوطها وكم من حضارة بادت فلم يبق لها آثار مادية أو فكرية وكم من أناس ماتوا وبقيت آثارهم

ميلاد الحضارة يبدأ بإخضاع الفكرة الدينية لغرائز الإنسان الفطري البدائي (عبر تنظيمها وليس القضاء عليها)، عند ذلك تتطور الحضارة وتنشأ مشاكل وضرورات جديدة في مسارها كنتيجة حتمية لإشعاعها و انتشار أفكارها، فتسلك منعطف العقل الذي يكون سلطانه على الغرائز أقل من سلطان الروح عليها

أما آن لمسلسل تحطيم الحضارة والتاريخ والجغرافيا العربية والإسلامية أن ينتهي؟ أما آن لمخطط تدمير الإنسان العربي والمسلم أن يتوقف؟ فمن الحروب الصليبية إلى أهوال الاستعمار إلى معضلات الإرهاب بشتى أشكاله السياسية والدينية، إلى تتار العصر الحديث وأعني بذلك "الدواعش" الذين لم يكفيهم ترويع الناس والاستيلاء على الأراضي ولم يكفيهم ذبح الأبرياء بغير حق، ليقفزوا إلى ذبح التاريخ من المحيط إلى الخليج، وإلحاق الضرر بالإنسانية جمعاء

تأثر الكاتب – مالك بن نبي – بما وقع للمجتمع الجزائري من استعمار فرنسي جائر فلم تكن ردة فعله عاطفية تتمثل في رثاء وأشعار ونواح بل راح يفكر في قضية المجتمعات وقضية الاستعمار ومن ثم قابلية أي مجتمع للاستعمار فانطلق فكره وقلمه بحثا ودراسة في ” المجتمع ” ماهيته وتركيبه وأنواع المجتمعات ومايحركها وكيف تبني