يوم عرفة من الأيام التي ينبغي للمسلم أن يعتني بالدعاء فيها فيدعو بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وبغيره، كما يكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ونحوها من الأذكار، مع الإلحاح في السؤال والتضرع لله تعالى والاجتهاد في هذا اليوم العظيم.

وأفضل دعاء في يوم عرفة هو ما جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. والحديث حسنه الألباني.

ومما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء في هذا اليوم ما روى الترمذي عن علي بن أبي طالب قال: أكثر ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في الموقف اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيرا مما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك مآبي ولك رب تراثي، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يجئ به الريح[1].

قال ابن عبد البر: في الحديث دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب وفيه أن أفضل الذكر لا إله إلا الله، وقد اختلف العلماء في أفضل الذكر فقال منهم قوم أفضل الكلام لا إله إلا الله واحتجوا بهذا الحديث وإنها كلمة الإسلام وكلمة التقوى وقال آخرون أفضل الذكر الحمد لله رب العالمين ففيه معنى الشكر والثناء وفيه من الإخلاص ما في لا إله إلا الله وأنه افتتح الله به كلامه وختم به وهو آخر دعوى أهل الجنة ولكل واحد من القولين وجه وآثار تدل على ما ذهب إليه من قال به. [التمهيد: 6/42].  

وليكثر المسلم من ذكر الله تعالى {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ} [الأحزاب:35] . ويكثر من قول ((سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)) فإنهن خير مما طلعت عليه الشمس، لما ثبت ليوم عرفة من الفضل الكبير، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم عن يوم عرفة أنه:

– يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها، والعتق من النار، والمباهاة بأهل الموقف؛ كما في «صحيح مسلم» عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدا من النّار من يوم عرفة، وإنّه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟».

وفي «المسند» عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إن الله تعالى يباهي ملائكته عشيّة عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبرا».

وفيه عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «إنّ الله يباهي بأهل عرفات، يقول: انظروا إلى عبادي شعثا غبرا». وخرّجه ابن حبان في «صحيحه»

– وكان من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ما جاء عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعرفة ويرفع يديه هكذا يجعل ظاهرهما مما يلي وجهه، وباطنهما مما يلي الأرض. “ش”.

– عن الهيثم بن حنش أنه سمع ابن عمر بعرفات وهو يقول: اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مفغورا، قال: فقلت له: فما يمنعك من التلبية؟ قال: قد لبينا والتسبيح والتكبير اليوم أفضل.

قال ابن رجب: فمن طمع في العتق من النار ومغفرة ذنوبه في يوم عرفة، فليحافظ على الأسباب التي يرجى بها العتق والمغفرة:

فمنها: صيام ذلك اليوم؛ ففي «صحيح مسلم» عن أبي قتادة، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال: «صيام يوم عرفة؛ أحتسب على الله أن يكفّر السّنة التي قبله والتي بعده».

ومنها: الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق، لذلك كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا إله إلا الله .. الحديث.  


[1]  أخرجه ابن أبى شيبة (3/382، رقم 15135) ، والبيهقى في الكبرى (5/190)، وقال:  تفرد به موسى بن عبيدة وهو ضعيف ولم يدرك أخوه عليا رضي الله عنه، وروينا عن أبي شعبة أنه قال: رمقت ابن عمر وهو بعرفة؛ لأسمع ما يدعو، قال: فما زاد على أن قال: ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير “، قال ابن الملقن : فالحديث ضعيف.