من الإشكاليات التي كشف عنها التطبيق لمجموعة ضوابط تطهير أسهم الشركات المختلطة، إشكالية تطهير الأرباح الرأسمالية .

تعددت وجهات النظر حول تحديد معايير تطهير الإيرادات الناتجة عن القروض الربوية التي تقترضها الشركات المساهمة من البنوك.

معيار المقارنة بين الفوائد والعوائد

فمعيار يقوم على المقارنة بين الفوائد الربوية المدفوعة، والإيرادات الناتجة عن تشغيل هذه القروض، بحيث يقوم المساهم بعمل مقاصة بين الفوائد وبين هذه الإيرادات ، فإذا كانتا متساويتين، فلا يجب على المساهم التخلص من شيء من الإيرادات، وكذلك الحال فيما لو زادت الفوائد عن الإيراد المحقق.

وأما في حالة ما إذا زاد الإيراد عن الفوائد، فالواجب على المساهم حينئذ التخلص من الزيادة.

إشكالية هذا المعيار

من الإشكاليات التي واجهت هذ االمعيار : صعوبة معرفة قدر الإيراد الناتج عن تشغيل القروض الربوية.

معيار التخلص من نصف الإيراد

وهذا هو المعيار هو الأشهر ، وهو معيار الراجحي، وهيئة المعايير الشرعية، ويقوم على افتراض قيام شراكة بين الشركة والبنك في حدود قيمة القروض، فأما نصف الأرباح فهي ملك للشركة جراء قيامها بالجهد التشغيلي، وأما النصف الآخر فمال محرم يجب التخلص منه؛ لأنه نصيب تشغيل مال القروض.

إشكالية هذا المعيار

من الإشكاليات التي واجهت هذ االمعيار :

1- صعوبة معرفة قدر الإيراد الناتج عن تشغيل القروض الربوية.

2- عدم تمييز المعيار بين القروض قصيرة الأجل، والأخرى طويلة الأجل.

عدم التطهير

يرى أصحاب هذا الاتجاه أن القروض الربوية بالرغم من حرمتها؛ إلا أنه لا يجب تطهير عائداتها؛ لأنها دخلت ذمة الشركة، وأصبحت الشركة مسئولة عنها، وعملا بقاعدة الخراج بالضمان، فللشركة غنمها كما أن عليها غرمها.

كما أن الذي يجب عليه التطهير حينئذ هو البنوك المقرضة للشركة، فهي التي تسلمت الفوائد الربوية المحرمة، وأما الشركة فقد دفعت ولم تقبض شيئا.

ويبدو أن هناك اتجاها عاما في التفرقة بين إثم الاقتراض، وإثم الإقراض؛ ولذلك تسامح قرار الراجحي وقرارا هيئة المعاير في نسبة الاقتراض إلى 30%، في حين جعلت الحد الأعلى المتسامح فيه لنسبة الإقراض الربوي 5%

إشكالية هذا المعيار

من الإشكالات  التي وجهت إلى هذا الاتجاه أن النبي صلى الله عليه وسلم ساوى في الإثم بين المقرض والمقترض، فقال صلى الله عليه وسلم : ”  فمن زاد، أو استزاد، فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء»([1]) صحيح أن هذا الاتجاه لم يرد بالتفرقة بين النِسَب، التفرقة في الإثم، إلا أنه لايوجد مرتكز في التفرقة بينهما سوى ذلك.

وتساءل بعض الباحثين : إن معيار هيئة المعايير الخاص بتطهير الأسهم لم يعط للاقتراضات حظها من النظر والدراسة والتفصيل كما أعطى للإقراضات، فهل يفسر سكوت المعيار عن بيان معالجة الفوائد المدينة بأنه إعفاء لها من أن يشملها  الحكم بوجوب التطهير؟

بمعنى أن التطهير لا يجب في هذه الحالة ، التي يكون فيها السهم مدينا لا دائنا؟([2]).

تحليل عناصر التمويل

وهناك معيار آخر، وضعه أصحابه بغية تحقيق العدالة في التطهير، يتلخص في الآتي :

يتم تحليل عناصر هيكل التمويل الذاتي ، وعناصر التمويل بفائدة، ومعرفة النسبة المئوية لكل منهما .وتتمثل عناصر التمويل الذاتي في:

1 – رأس المال المصدر والمدفوع.

2 – الاحتياطيات وما في حكمها .

3 – الأرباح غير الموزعة .

4 – أرباح الفترة .

مطروحاً من البنود السابقة خسائر الفترة المالية –إنْ وجدت- .

أما عناصر التمويل بنظام الائتمان بفائدة التمويل بفائدة، فتتمثل في الآتي :

1- قروض طويلة الأجل من البنوك أو من غيرها بفائدة .

2- قروض سندات بفائدة .

3- السحب على المكشوف من البنوك أو غيرها بفائدة.

4- وتحسب نسبة التمويل بفائدة إلى إجمالي هيكل التمويل  وفق المعادلة التالية :

إجمالي التمويل بالفائدة

إجمالي التمويل = التمويل الذاتي + التمويل بالفائدة.

مثال:

إذا افترضنا أن المعلومات والبيانات الآتية مستخرجة من قائمة المركز المالي لإحدي الشركات المطلوب حساب نسبة التطهير لها :

رأس مال الشركة المصدر والمدفوع(5,000,000 دينار )
الاحتياطيات(2,000,000 دينار )
الأرباح غير الموزعة(1,000,000 دينار )
تمويل بفائدة(2,000,000 دينار )
إجمالي هيكل التمويل(10,000,000 دينار )

فتحسب نسبة التمويل بنظام الائتمان بفائدة على النحو التالي :
2,000,000 ×100%
__________________ = (20%)

(8,000,000 +2,000,000 )

وبناءً علي المعطيات المتقدمة تكون نسبة التطهير الواجبة (20%) من الأرباح ،
فإذا كانت الأرباح الناشئة من أسهم الشركة فرضاً (1000 دينار)
للسهم الواحد ، فيكون مقدار الربح المحرم الواجب التخلص منه 200) دينار) لكل سهم، ويكون مقدار الربح الحلال 800) دينار( لكل سهم ، فإذا كان أحد المساهمين فرضاً يمتلك 500) سهم( فنضرب عدد أسهمه في مقدار الأرباح الإجمالية
لكل سهم 500 )سهم 1000 × دينار للسهم الواحد 500.000 =( دينار ، ثم نضرب النتيجة المتحصلة ب (20%) نسبة التخلص ، لاستخراج المبلغ الواجب تخليص الأرباح منه ومقداره   %20×500.000 )= 100,000 دينار )([3]).

ميزات هذا المقترح

تخلص هذا الاقتراح من مشكلة عدم ظهور إيراد القروض المحرمة بدقة، إلا أنه  ربط التطهير بيوم ظهور القوائم المالية، وهو ما سلف أن بينَّا الإشكالات المتعلقة به.

ويبدو أن الحل الأسلم الذي يخلص من جميع هذه الإشكالات، هو عدم التعامل مع الأسهم المحتلطة كما أفتى المجمعان الفقهيان، مجمع الرابطة، ومجمع المنظمة، لكن ماذا عساه يصنع المساهم في سوق معظم أسهمه تتعامل مع البنوك الربوية إقراضا واقتراضا !


([1])  صحيح مسلم، رقم 1584

([2])ينظر :  معالجة الإيرادات المحرمة عن المساهمة في الشركات المختلطة، موسى عبد العزيز شحادة، وعلي محمد أبو العز، بحوث ندوة البركة الثانية والثلاثين ص 297

([3])معالجة الإيرادات المحرمة عن المساهمة في الشركات المختلطة، موسى عبد العزيز شحادة، وعلي محمد أبو العز، بحوث ندوة البركة الثانية والثلاثين ص 301، و التظهير المالي للأسهم المتوافقة مع الشريعة…إشكالات وحلول . د. عبد الحليم عمار غربي ، ص 66