….لم تخرج خولة بنت ثعلبة “مهيضة الجناح” من عند رسول الله، لم يكن الله سبحانه و تعالى ليرضى لأحد من عباده بأن يكون مهيض الجناح فكيف و الأمر يتعلق بالمرأة و الأسرة التي أرادها أن تكون الأساس في بناء المجتمع و إقامة شرعه على الأرض؟! لم تستضعف قِوامة الزوج خولة و لم تسمح له بتدمير كيانها الأسري و كل ما أمضت حياتها في بناءه بساعة غضب او نزوة طيش، كانت القِوامة يومها تُفهم بالرحمة و المودة و العدل و التظليل على الأسرة لا كما تمارس اليوم بالتعسف و الاستقواء، هذا الفهم الحقوقي هو ذاته ما شجع صحابية على خلع زوجها عندما لم تطق الحياة معه في أول ممارسة لحق الخلع الذي ظل مؤخرا سنينا بين الاقرار و الانكار، و أخرى أن ترد شفاعة الرسول بالعودة الى زوجها الذي يحبها عندما كرهته، و هو ذاته الذي دفع احدى الصحابيات أن تشكو أباها لرسول الله لانه أراد أن يزوجها لابن أخيه بغير رضاها.

كانت القِوامة يومها تُفهم بالرحمة و المودة و العدل و التظليل على الأسرة لا كما تمارس اليوم بالتعسف و الاستقواء، هذا الفهم الحقوقي هو ذاته ما شجع صحابية على خلع زوجها عندما لم تطق الحياة معه في أول ممارسة لحق الخلع الذي ظل مؤخرا سنينا بين الاقرار و الانكار، و أخرى أن ترد شفاعة الرسول بالعودة الى زوجها الذي يحبها عندما كرهته

كانت المرأة في عصر ازدهار الاسلام تفهم حقوقها و قدرها في جميع مناحي الحياة فها هي ذات المرأة خولة بنت ثعلبة توقف الفاروق عمر و تنزله عن راحلته و هو أمير المؤمنين و تقول له: بالأمس عرفتك صغيرا ينادونك عميرا فكبرت فأصبحت عمرا فكبرت فصرت أمير المؤمنين فاتق الله في الرعية، لم ترهبها رجولة عمر التي كان يتجنبها الرجال و لا سطوة الخلافة بعدما عرفت و مارست حقوقها الشرعية و السياسية كانسانة و مواطنة.

ان من ينادون بتمكين المرأة لن يفلحوا في ذلك باستيراد قوانين و معاهدات من الخارج وضعت و صيغت لتناسب الحالة النسائية و الاسرية الأوروبية التي لا يمكن أن تكون مقياسا للحالة النسائية و الأسرية في الوطن العربي و الاسلامي.

ان التمكين يكون من داخل المجتمع و ثقافته بالرجوع الى الدين و تربية الرجال قبل النساء على فهم النص الديني و تربية النساء على ممارسة حقوقهن دون الخوف من التبعات الاجتماعية المبنية على الفهم الخاطىء و الصور النمطية للمرأة “كجمل المحامل” و “جناح مهيض” يجب أن ينخفض لكل من أراد أن يركبه أو يقصفه ان فهم المرأة لحقوقها الزوجية و مطالبتها بها لا يعني أيضا تحول البيت الى ساحة حرب او محكمة بمطالبات دائمة و شكاوى مستمرة فإذا فصلنا الحق عن المودة و الرحمة أصبحت بيوتنا بلا سقف و لكن محافظة المرأة على خيوط المحبة في الشدائد و الرغبة في الابقاء على الاسرة ليس معناه مزيدا من الاستضعاف و الابتزاز.

لاضطهاد بالمحبة قضية مركبة و معقدة تربك الذي يحاط بها أكثر مما يربكه العدوان الواضح، الاضطهاد بالمحبة نوع من القمع السري ندفع بالشخص الى ممارسته بذاته على ذاته تحت لواء الوفاء

فالأولاد و المحبة و العشرة يجب أن تكون نقاطا في صالح المرأة لتحسين حياتها لا لاضطهادها و هو ما تقع فريسته كثير من النساء كما تقول الكاتبة غادة السمان” الاضطهاد بالمحبة قضية مركبة و معقدة تربك الذي يحاط بها أكثر مما يربكه العدوان الواضح، الاضطهاد بالمحبة نوع من القمع السري ندفع بالشخص الى ممارسته بذاته على ذاته تحت لواء الوفاء” لقد جعل الاسلام المرأة جناحا قويا في حقوقها، جناحا رحيما في أفعالها حتى اذا ما سادت المودة و الرحمة لم يعد أحد ليبحث عن الحقوق و ما له و ما عليه لأن تحصيل الحق بالرحمة يصبح أمرا من نافلة القول أما الأجنحة المستقوية من الذكور، و لن نسميها القوية من الرجال اذ ان الاستقواء ظلم و تجبر لا يمارسه الا من هو ضعيف و مريض في نفسه بينما القوة الحقيقية تخلق رحمة و حكمة في النفس لا تضع القوة الا في موضعها حين الاضطرار.

أما الرجولة فتكتسب اكتسابا بما فيها من صفات النخوة و الاستيعاب و العضد، هذه الأجنحة قد تكسب جولة أو جولات تزهو فيها بانتصارات الظالمين على المستضعفات من النساء فلا نجد لهم من عبرة سوى ما سارت به السنن الأولى من حوادث التاريخ عن قصة زوج ظلم زوجته و غصبها حقوقها و طلقها فأرسلت له تقول: زدنا ظلما حتى نزيد في دعاء السَحَر، فما مضى عليه يومين الا وقد اعتل و أشرف على الموت فأنشد:

بغيتُ و البغي سهام تنتظر

رمت بأيديَ المنايا و القدر

سهام أيدي القانتات في السحر

يرمين عن قوس له الليل وتر

أيها النساء و الزوجات لقد أعطاكن الله حقا و عدلا فلا ترضين الدنية في دينكن.