أطلقت إذاعة ألمانيا العمومية “دويتشلاند فانك” قبل حوالي ثلاثة أشهر برنامج “تفسير القرآن”. الهدف من هذا البرنامج هو تعريف المستمعين بالدين الإسلامي وبثقافته وتاريخه من خلال تفسيرات لآيات قرآنية يعرضها متخصصون مسلمون، وفق ما أوردت قناة “دويتشه فيله” الألمانية.

ولم يبدأ بث البرنامج الأسبوعي الذي يستغرق خمس دقائق إلا في شهر مارس المنصرم، رغم أن فكرة عرض برنامج يتناول مواضيع إسلامية على أمواج هذه الإذاعة كان قائما منذ فترة طويلة.

وقال فيلي شتويل مدير الإذاعة في تصريح صحفي إن “كل الناس يتحدثون عن القرآن، ولكن قلة من تمكن من قراءته”.

ويهدف البرنامج إلى لفت الانتباه إلى صعوبة تفسير معاني القرآن بسبب الشروحات المختلفة المتواجدة، كما يفسح البرنامج المجال للمسلمين في ألمانيا للتعريف بالقرآن من منظورهم، وبالتالي المساهمة في الحوار بين الأديان المختلفة.

ويشرف ثلاثة مسلمين متخصصين في الدراسات الإسلامية على إعداد الحلقات وتقديمها وقد حرص القائمون على البرنامج على إشراك مسلمين فيه حتى لا تتهم الإذاعة بأن غير المسلمين هم الذين يتحدثون عن القرآن كما يوضح مدير الإذاعة.

وأصبح بث هذا البرنامج وغيره من البرامج المرتبطة بالتعريف بالإسلام في بعض المؤسسات الإذاعية أو في القناة التلفزيونية الألمانية الثانية يأخذ مساحة كبيرة من اهتمامات وسائل الإعلام الألمانية، وذلك بسبب الأحداث السياسية والتطورات المجتمعية الحالية في عدد من الدول الإسلامية ووجود رغبة لدى جزء من الرأي العام الألماني للتعرف على الثقافة الاسلامية ومحيطها.

وتعبر الدكتورة “طوبى إيشك” إحدى القائمات على البرنامج عن اعتقادها “أن الذين لديهم صورة سلبية عن الإسلام كما يقدمه الإعلام، سيكونون مسرورين بسماع تفسيرات آخرى للقرآن، خصوصا عندما يأتي ذلك من مسلمين”. ويهدف البرنامج إلى لفت الانتباه إلى صعوبة تفسير القرآن بسبب الشروحات المختلفة التي يقدمها المختصون هنا وهناك. كما يفسح البرنامج المجال للمسلمين في ألمانيا للتعريف بالقرآن للعموم ومن منظورهم، وبالتالي المساهمة في الحوار بين الأديان المختلفة.”

القائمون على البرنامج

ويقوم ثلاثة مسلمين متخصصين في الدراسات الإسلامية بإعداد وتقديم الحلقات: البروفيسور عمر أوزسوي(52 عاماً) الباحث في تفسير القرآن في قسم “الدراسات الثقافية-الدينية الإسلامية” في جامعة فرانكفورت، والدكتور ميلاد كريمي(36 عاماً) من قسم “الدراسات الإسلامية” والمتخصص في الفلسفة الإسلامية والتصوف وعلم الكلام بجامعة مونستر، والدكتورة طوبى إيشك(33 عاماً) من “قسم مقارنة الأديان والدراسات الثقافية” في جامعة بادربون. كما قام المستشرق والبرفيسور الألماني المتقاعد “شتيفان فيلد” بتقديم موضوع إحدى الحلقات. يتعاون الفريق مع المشرف على البرنامج بالإذاعة، تورستن غيلرد شنايدرز. وقد حرص القائمون على البرنامج على إشراك مسلمين فيه. من جهتها توضح الدكتورة إيشك: “كل منا يقوم باختيار آيات قرآنية بنفسه، ونتعاون مع العاملين بالإذاعة على صياغتها لغويا بشكل يتناسب مع العمل الإذاعي”.

أمثلة متعددة من القرآن

في إحدى الحلقات وضح المستشرق “شتيفان فيلد” معاني “البسملة” (بسم الله الرحمن الرحيم)، وكيف يستخدمها المسلمون قبل الأكل أوعند الشروع في قيادة السيارة وفي بداية الحديث…الخ. وفي حلقة أخرى، تناول د. ميلاد كريمي الآيات الأولى من “سورة العلق“، أول سورة نزل بها الوحي الذي بدأ بكلمة ” اقْرَأْ”، ومنها جاءت كلمة “القرآن”. أما الدكتورة طوبى فقد ركزت “على جوانب إسلامية، قلما تركز عليها وسائل الإعلام مثل الأبعاد الاجتماعية والأخلاقية في الإسلام، كما أوضحت الفرق بين الزكاة والصدقة. كما أشارت إلى اهتمام الإسلام بالعلاقات الإنسانية بين البشر، حيث إنه يحث على تجنب الغرور والتكبر والاختيال. وتناول البرفيسور عمر أوزسوي في إحدى حلقاته شرح آية من “سورة البقرة“: “وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ …فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ”.واعتبر البرفيسور أوزسوي أن الكثيرين من أعداء الإسلام يستخدمون مثل هذه الآيات للإضرار بالاسلام ولا يأخذون بعين الاعتبار السياق التاريخي الذي نزلت من أجله هذه الآية.

صدى إعلامي لبرنامج غير دعوي

قد يكون من المبكر معرفة كيفية تقبل المستمعين في ألمانيا لهذا البرنامح الذي بدأت إذاعة ألمانيا بثه قبل حوالي ثلاثة أشهر فقط. ولكن بث هذا البرامج وغيره من البرامج المرتبطة بالتعريف بالإسلام في بعض المؤسسات الإذاعية أو في القناة التلفزيونية الألمانية الثانية مثلا، يأخذ طبعا من اهتمامات وسائل الإعلام الألمانية، خصوصا بسبب الأحداث السياسية والتطورات المجتمعية الحالية في عدد من الدول الاسلامية، ولكن أيضا بسبب وجود رغبة لدى جزء من الرأي العام الألماني للتعرف على الثقافة الاسلامية ومحيطها. وفي هذا السياق اعتبرت صحيفة “فرانكفورتر ألغيماينة”، في تقييمها لبرنامج “تفسير القرآن” أنه لا يهدف طبعا إلى استقطاب الناس و”الدعوة للإسلام”، ولكن للتعريف به.