صدر حديثاً عن دار نيو بوك للنشر والتوزيع كتاب “دراسات عن القرآن الكريم” الذي يحتوي على خمسِ دراسات قرآنية لخمسة من أبرز أعلام المعرفة والبيان والكلمة، وهم: محمود شلتوت، وأمين الخولي، ومحمد الطاهر بن عاشور، ومصطفى صادق الرافعي، ومحمد فريد وجدي، وقام المفكر الدكتور محمد عمارة بجمع هذه الدراسات الخمس التي تتناول مواضيع قرآنية هامة وقدم لها وعلق عليها، وسنقدم في السطور التالية نبذة تعطي للقارئ صورة عن هذه الدراسات التي تأخذ أهميتها وقيمتها من موضوعها (القرآن الكريم).

تاريخ القرآن

في دراسته عن تاريخ القرآن، يحدثنا الشيخ محمود شلتوت عن مجموعة من المحاور المهمة التي تعرّف بالقرآن الكريم وتكشف جوانب من تاريخه العريق، حيث يبدأ بتعريف القرآن في الوضع اللغوي، فينقل عن الراغب الأصفهاني قوله في “المفردات” إن القرآن في الأصل مصدر نحو كفران ورجحان، قال تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}.

أما في الوضع الاصطلاحي، فقد عرّف العلماء القرآن بتعريفات عديدة لعل أشهرها أنه “اللفظ العربي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المنقول إلينا بالتواتر”، ويرى محمود شلتوت أن هذا التعريف يرشدنا إلى أن عناصر القرآنية أربعة، وهي: كونه لفظاً، وكونه عربياً، وكونه منزلاً على محمد صلى الله عليه وسلم، وكونه نقل إلينا بالتواتر، وقد ناقش محمود شلتوت هذا التعريف نقاشا علميا رائعا، فتوقف مع كل عنصر من تلك العناصر الأربعة كي يصبح التعريف جلياً.

ولا جدال في أن المتأمّل للآيات القرآنية يلاحظ تارة استخدام “الكتاب” كما في قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}، وتارة “القرآن” كما في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، وفي هذا المضمار أكد محمود شلتوت أن كلمة (القرآن) لا تطلق معرفة إلى على جميعه مثل الآية السابقة، أما حين تأتي مجرد (قرآن) فإنها تطلق على القرآن كله وجزئه، مثال الأول قوله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}، أما الثاني فمثل قولنا للآية الواحدة (هذه قرآن) بدون تعريف.

في كتاب “دراسات عن القرآن الكريم” توقف محمود شلتوت في دراسته النافعة مع المقصد من إنزال القرآن الكريم وأرجعه إلى أمرين: أحدهما أن يكون معجزة دالة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوة الرسالة والتبليغ عنه سبحانه وتعالى، وثانيهما أن يكون منبع هداية وإرشاد ومصدر تشريع وأحكام يجب اتباعه والرجوع إليه، ولهذا فقد “انعقد إجماع المسلمين على أن القرآن الكريم هو أساس الدين والشريعة حتى صار ذلك عندهم مما علم من الدين بالضرورة”.

ولم ينسَ محمود شلتوت أن يتطرق لمحتويات القرآن الكريم التي حصرها في خمسة أمور، هي: العقائد التي يجب الإيمان بها في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والأخلاق الفاضلة التي تهذب النفوس وتصلح من شأن الفرد والجماعة وتحذر من الأخلاق السيئة، والأحكام العلمية التي وضعها أو وضع أصولها (فقه القرآن)، بالإضافة إلى الإرشاد إلى النظر والتدبر في ملكوت السموات والأرض، وقصص الأولين أفراداً وأمماً، والإنذار والتخويف أو الوعد والوعيد.

كما تحدث عن نهج القرآن الكريم في بيان الأحكام، فذهب إلى أن الناظر في آيات الأحكام يستطيع “أن يخرج منها بجملة خواص لا يراها لغير القرآن في بيان الأحكام”، وأول تلك الخواص أن بعض آيات الأحكام جاء بصيغة قاطعة في معنى معين فلم تكن محل اجتهاد المجتهدين كآيات وجوب الصلاة والزكاة وآيات الميراث وآيات حرمة الزنا والقذف.

أما الخاصية الثانية من نهج القرآن الكريم في بيان الأحكام، فتتمثل في أن القرآن “لم ينهج في ذكره لآيات الأحكام منهج الكتب المؤلفة التي تذكر الأحكام المتعلقة بشيء واحد في مكان واحد ثم لا تعود إليه”، بل فرّق آيات الأحكام تفريقاً، وبذلك أصبح القرآن الكريم “أشبه شيء ببستان فرقت ثماره وأزهاره في جميع نواحيه حتى يأخذ الإنسان -أنى وجد فيه- ما ينفعه وما يشتهي من ألوان مختلفة وأزهار متباينة”.

وإذا كانت الخاصية الثالثة من نهج القرآن الكريم في بيان الأحكام تتمثل في أن القرآن لم يكن في أكثر أحكامه مفصلاً، فإن الخاصية الرابعة تتمثل في أن بيان القرآن الكريم لتلك للأحكام يخالف القوانين الوضعية، فالقرآن الكريم لا يذكر الأوامر والنواهي جافة مجردة عن المعاني، بل “يسوقها مختلطة بأنواع من المعاني التي من شأنها أن تخلق في النفوس المخاطبين بها الهيبة والمراقبة والارتياح والشعور بالفائدة العاجلة والآجلة”.

و دائما في كتاب “دراسات عن القرآن الكريم”، وبعد دراسة شلتوت جاءت الدراسة الثانية التي تحمل عنوان “القرآن الكريم” لأمين الخولي والتي يمكن القول في المجمل إنها تتقاطع مع دراسة محمود شلتوت لكونها تتحدث عن تاريخ القرآن الكريم، ولكن حين نريد أن نفصل يمكننا أن نقول إنها تتخلف عنها قليلاً، فإذا كان محمود شلتوت قد اهتم في دراسته بالحديث عن تعريف القرآن في الوضع اللغوي والاصطلاحي والمقصد من إنزاله ومحتوياته ومنهجه في بيان الأحكام، فإن أمين الخولي ركز على النزول وأسبابه ولغته وجمع القرآن وكتابته وقراءته وترتيبه وتقسيمه، ولذلك فضَّلنا الاكتفاء بالإشارة إليها نظراً لضيق المقام.

إعجاز القرآن

“لم أرَ غرضاً تناضلت له سهام الأفهام ولا غاية تسابقت إليها جياد الهمم فرجعت دونها حسرى واقتنعت بما بلغته من صبابة نزراً مثل الخوض في وجوه إعجاز القرآن، فإنه لم يزل شغل أهل البلاغة الشاغل، ومواردها للمعلول والناهل، ومُغلي سبائها للنديم والواغل”.

هكذا افتتح الإمام الشيخ محمد الطاهر بن عاشور دراسته التي تحمل عنوان: “في إعجاز القرآن” والتي كشف فيها عن روائع إعجاز القرآن ومبتكراته وعاداته، فقد ذهب إلى أن ملاك وجوه الإعجاز التي لا يحصرها المتأمل ترجع إلى ثلاث جهات، تتمثل الأولى في بلوغ القرآن الغاية القصوى مما يمكن أن يبلغه الكلام العربي البليغ، في حين تتمثل الثانية في ما أبدعه القرآن من أفانين التصرف في نظم الكلام مما لم يكن معهوداً في أساليب العرب، أما الثالثة فتتمثل في ما أودع فيه من المعاني الحكيمة والإرشادات إلى الحقائق العقلية والعملية. 

وللتأكيد على روائع إعجاز القرآن الكريم، أفرد ابن عاشور محوراً خاصاً للمبتكرات القرآن الكريم، قال فيه: “وللقرآن مبتكرات تميّز بها نظمه عن بقية كلام العرب، منها أنه جاء على أسلوب يخالف الشعر لا محالة”، وأضاف ابن عاشور أن أسلوب القرآن يخالف أسلوب الخطابة بعض المخالفة، فقد جاء نظمه على طريقة مبتكرة تخالف الطرق القديمة في الكلام، ومن الأدلة التي على ذلك “أنه جاء بالجمل الدالة على معانٍ مفيدة محررة شأن الجمل العلمية والقواعد التشريعية”، ومنها الأسلوب القصصي في حكاية أحوال النعيم والعذاب في الآخرة”، وقد كان لهذا الأمر تأثير عظيم في نفوس العرب، لأن فن القصص ظل نادراً في أدب العربية، ولما جاء القرآن بالأوصاف بهت بها العرب كما في سورة الأعراف مثلاً: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ}.

ومن مبتكرات القرآن الكريم أيضاً أنه أوضح الأمثال وأبدع تركيبها كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً}، وقوله: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ}، وقوله: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ}.

وإذا كان الإيجاز من أبدع الأساليب في كلام العرب، فإن القرآن الكريم جاء بأروع أنواع الإيجاز، ومن الأمثلة على الإيجاز البديع في القرآن الكريم قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}، فقد جمع الله تعالى في هذه الآية بين أمرين ونهيين وبشارتين، وفي هذا المضمار نجد ابن عاشور يقول: “ولو إيجاز القرآن لكان أداء ما يتضمنه من المعاني في أضعاف مقدار القرآن، وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من اللطف والخفاء حداً يدق عن تفطن العالم ويزيد عن تبصره”. 

ومن روائع الإيجاز في القرآن الكريم أنك تجد في كثير من تراكيبه حذفاً “ولكنك لا تعثر على حذف يخلو الكلام من دليل عليه من لفظ أو سياق”، كما أنك تجد في القرآن إيجاز الحذف مع عدم الالتباس كما في قوله تعالى: {فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ}، قال ابن عاشور: “أي يتذاكرون شأن المجرمين فيقول من علموا شأنهم: سألناهم فقلنا: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ}.

وختم ابن عاشور دراسته بمحور لا يقل أهمية عن محور مبتكرات القرآن وهو “عادات القرآن” وقد اعتنى بعض السلف بهذا المحور الجميل وعبَّر عنه ابن عباس بقوله: “كل كأس في القرآن فالمراد بها الخمر”، ويبدو أن الجاحظ قد انتبه له عندما قال: “وفي القرآن معانٍ لا تكاد تفترق مثل: الصلاة والزكاة، والجوع والخوف، والجنة والنار، والرغبة والرهبة، والمهاجرين والأنصار، والإنس والجن”، وأضاف ابن عاشور: النفع والضر، والسماء والأرض. 

القرآن والشبهات

من المعروف لدى العقلاء والمنصفين أن القرآن الكريم كتاب سماوي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم “ولم يُحط كلام إلهي أو بشري بمثل ما أحيطت به آياته من وسائل الحفظ والرعاية والتقديس، فقد كانت تنزل الآية منه أو الآيات فتنتقش في صدر النبي صلى الله عليه وسلم، فيتلوها تعبداً ساعة نزولها على الآلاف من المحيطين به”.

ورغم كل هذا وما تلاهُ من عمليات الحفظ والجمع والرعاية والكتابة التي كانت تسير بطريقة دقيقة ومتقنة وبارعة بمعنى الكلمة، إلا أن هناك من تعمَّد إثارة شبهات عديدة حول القرآن الكريم ظناً منه أن ذلك قد يضر هذا الكتاب الذي تكلّف الله بحفظ في قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وقد أعد العلماء والباحثون المسلمون دراسات عديدة تكشف زيف وتهافت تلك الشبهات، ومن تلك الدراسات دراسة الأستاذ محمد فريد وجدي التي تحمل عنوان: “رد شبهات على القرآن الكريم”، وهي الدراسة الرابعة في الكتاب موضوع هذه المقالة.

لقد ذهب محمد فريد وجدي إلى أن الدواعي التي تدفع إلى تحريف الكتب السماوية -ومنها القرآن الكريم- تعود إلى واحد من أربعة أسباب أو أكثر من سبب منها، وهذه الأسباب هي: ضياع أصل الكتاب، وغلو في الدين يحمل على تأليه صاحب الدعوة، والنص على حصر السلطان الروحي في طائفة معينة، وتعمّد إفساد الدين بالنقص من كتابه والزيادة عليه.

وبعد التأمل والتمحيص، توصل وجدي في دراسته هذه إلى امتناع وجود هذه الأسباب الأربعة، فقال إن السبب الأول لتحريف القرآن (ضياع أصل الكتاب) ممتنع لأن “أصل القرآن كان مكتوباً ومحفوظاً في دار النبي صلى الله عليه وسلم وكان مئات الناس يحفظونه”، أما السبب الثاني  (الغلو في الدين) فممتنع أيضاً ولا يحتاج إلى دليل لأن نصوص القرآن الكريم تَنهى عن الغلو بشكل صريح، قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ}. 

ثم إننا إذا نظرنا إلى السبب الثالث لتحريف القرآن (حصر السلطان الروحي في طائفة معينة)، فإننا سنجده ممتنعاً أيضاً، بل إننا لن نجده لا ظلاً في الإسلام، والسبب في ذلك أن “الإسلام لا يعترف بوجود طائفة من الأمة يجب أن تودع السلطان الروحي دون سائر الطوائف، بل ليس في الإسلام سلطان روحي إلا للكتاب والسنة”.

أما السبب الرابع والأخير لتحريف القرآن (تعمّد إفساد الدين)، فإنه أكثر امتناعاً من الأسباب السابقة، فالقرآن الكريم كان ينزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم فينتقش في صدره ثم يتلوه على الآلاف من المحيطين به، ومن المعروف لدى المنصفين من العلماء والباحثين المسلمين وغيرهم أن الذين جمعوا القرآن “من المخطوطات وقابلوه على محفوظاتهم منه كلهم من المشهود بالتقوى والصلابة في الدين (..)، فلا يعقل أن يصدر من هؤلاء تحريف للكتاب بقصد إفساده وتزهيد الناس فيه”.  

القرآن والعلوم

الدراسة الخامسة والأخيرة من الدراسات التي بين أيدينا تحمل عنوان “القرآن والعلوم“، وهي دراسة كتبها مصطفى صادق الرافعي وافتتحها بالقول: “للقرآن وجه اجتماعي تأثيره في العقل الإنساني وهو معجزة التاريخ العربي خاصة، ثم هو بآثاره النامية معجزة أصلية في تاريخ العلم كله على بسيط هذه الأرض من لدن ظهر الإسلام إلى ما شاء الله”.

وبعد هذا التمهيد الجميل المعبِّر عن القرآن الكريم وتأثير في العقل الإنساني، بدأ الرافعي يؤكد على دور القرآن الكريم في صناعة العلوم وإحيائها وبناء الأمم والمجتمعات وتطويرها، فذهب إلى أن القرآن كان “أصل النهضة الإسلامية وهذه كانت على التحقيق هي الوسيلة في استبقاء علوم الأوليين وتهذيبها وتصفيتها وإطلاق العقل فيما شاء أن يرتع منها”، ولذلك بدأت كل طائفة تتهم بمحور من محاور القرآن التي لا تحصى ولا تعد، فاعتنى النحويون بالمعرب والمبني والأسماء والأفعال والحروف، واعتنى المفسرون بالألفاظ والمعاني، واهتمّ الأصوليون بالأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية، وركّز الكتاب والشعراء على جزالة اللفظ وبديع النظم وحسن السياق، وهكذا دواليك.

والحقيقة أنه ليس من الغريب أن يظل القرآن الكريم منذ نزوله حتى يومنا هذا كتاباً فريداً من نوعه، مليئاً بالمعارف والعلوم، محتوياً على الفوائد والحكم والفنون، فـ”القرآن كتاب الدهر كله، وكم للدهر من أدلة على هذه الحقيقة ما تبرح قائمة، فعلمنا من صنيع العلماء أن القرآن نزل تلك المعاني ليخرج للأمة من كل معنى علماً برأسه”، ومع مرور الأيام والليالي استطاعت الأمة أن تُخرج من كل علم فروعاً ومن كل فرع فنوناً، لتزدهر بذلك العلوم في الحضارة الإسلامية.

ولكي يؤكد الرافعي على مكانة القرآن ودوره في صناعة العلوم، ضرب الذكر صفحاً عن الكشف عن مبدأ انتشار العلوم النظرية، لأنه يريد التأكيد على حقيقة أكثر أهمية من ذلك، تتمثل في أن “القرآن الكريم كان سبب العلوم الإسلامية ومرجعها كلها، فما من علم إلا ونظر أهله في القرآن وأخذوا منه مادة علمهم أو مادة الحياة له”، ولا شك أن هذا من الأمور التي تؤكد أنه يحق للمسلمين أن يفتخروا بهذا الكتاب العظيم وأن يتمسكوا به ويعودوا إليه كل حين، لكي يطل علينا فجر النهضة والازدهار والتقدم من جديد.