تشير التقارير الاقتصادية الحديثة إلى أن تطور التجارة الإلكترونية في إفريقيا يمكن أن يسهم في تحقيق نمو شامل في العديد من دول هذه القارة التى تواجه تحديات تنموية كبيرة ، وأوردت هذه التقارير معلومات تفيد بأن التجارة الإلكترونية ستوفر ما يصل إلى 3 ملايين وظيفة بحلول عام 2025.

 

وستشمل الفوائد من سياسة تطوير التجارة الإلكترونية التى تنتهجها الدول الإفريقية فتح الأسواق أمام سكان المناطق الريفية ودعم سكان هذه المناطق في تعزيز هذا النوع من التجارة من خلال توفير الخدمات اللازمة لذلك ، كما سيفتح هذا الدعم فرصا جديدة في سوق العمل،  لكن تحقيق هذه الاستراتيجية يتطلب التغلب على عدد من التحديات من ضمنها تطوير المنظومة التكنلوجية وتطوير قوانين حماية المستهلك، تقوية الإطار القانوني للتجارة الإلكترونية ، نشر الثقافة الرقمية إضافة إلى تطوير وتحديث منظومات الدفع الإلكترونية ، وتعمل الدول الإفريقية بالتعاون مع مركز التجارة الدولية وغيره من المنظمات الحكومية وغير الحكومية لتذليل هذه العقبات من أجل مستقبل أفضل للتجارة الإلكترونية في إفريقيا ، تعالج هذه المقالة التحديات والفرص في سوق التجارة الإلكترونية الإفريقية.

اقرأ أيضا:

نمو سريع رغم العقبات 

عندما نلقي نظرة على الإحصاءات المتوفرة عن التجارة الإلكترونية ؛ من الواضح أن إفريقيا تطمح بشكل سريع لتطوير هذا النمط من التجارة. حتى إذا لم تكن البلدان الأفريقية هي الأولى في التصنيف العالمي في التجارة الإلكترونية ، فإن حركة الشراء عبر الإنترنت تنتشر بشكل مطرد في بلدان هذه القارة. ووفقًا لتقرير صادر عن Statista ، بلغت قيمة التجارة الإلكترونية في إفريقيا 16.5 مليار دولار في عام 2017. ويشير تقرير آخر صادر عن شركة الاستشارات ماكينزي إلى أن هذه القيمة قد ترتفع إلى 75 مليار دولار بحلول عام 2025. ويشهد سوق التجارة الإلكترونية في إفريقيا نموا سريعا رغم حداثة هذه السوق والتحديات التى تواجها، و تشمل التجارة الإلكترونية الأعمال التجارية ، وخدمات المستهلكين ، توفير السلع والخدمات عبر الانترنت.

وتشير التقديرات إلى أن هناك 264 شركة ناشئة للتجارة الإلكترونية تعمل في جميع أنحاء القارة  الإفريقية، وتنشط هذه الشركات في 23 دولة على الأقل. بالرغم من هذا النمو التى تسجله التجارة الالكترونية لا تزال الدول الإفريقية خارج الخمسين الأولى في تصنيف مؤشر التجارة الإلكترونية E-Commerce Index حيث أن الدول الإفريقية الأولى في تصنيف هذا المؤشر هي موريشوس والتى تحتل المرتبة 55 عالميا في مؤشر التجارة الإلكترونية تليها نيجيريا بفارق 13 نقطة في المركز 75 ثم جنوب إفريقيا في المرتبة 77 ، هذه التصنيفات تعكس مستوى التحديات التى تواجهه الدول الإفريقية في تطوير التجارة الإلكترونية. فماهي هذه التحديات ؟

تحديات على الطريق

هناك العديد من العقبات التي تعيق تطور وازدهار التجارة الإلكترونية في أفريقيا. يمكن ملاحظة هذه العوائق والتعرف عليها في مراحل مختلفة من عملية الشراء ، من أكبر هذه التحديات ضعف تغطية الإنترنت ، حيث أن الانترنت تعتبر حجز الزاوية للتجارة الإلكترونية. وفقًا لدراسة أجرتها شركة Deloitte في عام 2016 ، فإن 20٪ فقط من القارة الأفريقية لديها اتصال بالإنترنت، على الرغم من أن هذه التغطية تزداد تدريجياً ، إلا أنها تحتاج إلى مزيد من التحسين بتكاليف أرخص للمستخدمين ، وأيضًا مع عرض نطاق ترددي أسرع لتلبية المزيد من الطلبات على مواقع الويب ومنصات الطلب التجارية ، مثلا ، تكاليف استخدام الانترنت مرتفعة ​​،إضافة إلى محدودية كمية البيانات المقدمة من شركات الاتصال والتى تصل أحيانا  1GB من البيانات. ويربط الخبراء هذا العجز في توفر الانترنت في ضعف البنية التحتية – وخاصة في مجال الطاقة.

من ضمن التحديات التى تواجه توسع التجارة الإلكترونية في إفريقيا ضعف مستوى الثقافة الرقمية بين السكان ، حيث تنتشر الأمية التكنلوجية في قطاعات واسعة من شعوب هذه الدول، لمواجهة الأمية الرقمية أطلق البنك الدول برنامجه الموجه لإفريقيا والهادف إلى دعم التحول الرقمي في القارة ويطلق على البرنامج Moonshot for Africa 2030 وقدم البنك دعما لهذا البرنامج بقيمة 25 مليار دولار.

من ضمن التحديات أيضا ضعف الإطار القانوني للتجارة الإلكترونية في إفريقيا ، فمعظم القوانين التجارية في إفريقيا لازالت غير قادرة على مواكبة التطورات الرقمية. وفقًا للأمم المتحدة ، فإن 32  دولة فقط من أصل  54 دولة في إفريقيا لديها قوانين سارية لتنظيم “المعاملات الإلكترونية” (التبادل عبر الإنترنت) ؛ 23 لديها قوانين لحماية البيانات والخصوصية ؛ و 20 لديها قائمة بيانات بعناوين المستهلكين عبر الإنترنت. تشكل هذه التحديات عقبة أمام تطوير التجارة الإلكترونية في إفريقيا ، واتبعت العديد من الدول الإفريقية استراتيجيات تطوير جديدة تستهدف تذليل هذه العقبات من أجل المضي قدما نحو سوق التجارة الإلكترونية التى أصبحت عاملا مهما من عوامل دعم التنمية خاصة مع تحول العالم نحو الثورة التكنلوجية الرابعة والعصر الرقمي.

يوجد أكثر من 400 مليون مستخدم للإنترنت في القارة الإفريقية  ، وهو ثاني أكبر عدد لمستخدمي الإنترنت في العالم ، بعد الصين مباشرة ، هذه الميزة تجعل من السوق الإفريقية سوق مربحة للتجارة الإلكترونية ، ولكن هذه السوق تواجه تحديًا كبيرا فيما يتعلق بالرقمنةوالتكنلوجيا الحديثة ، وأمام الدول الإفريقية الساعية إلى تطوير اقتصادها والتخفيف من حجم البطالة فرصا مهمة من خلال دعم وتطوير سوق التجارة الإلكترونية ، إن تذليل هذه العقبات ومواجهة هذه التحديات بسياسات إصلاحية تشمل القطاع التكنلوجي و  البنية التحتية والأطر القانونية للتجارة الإلكترونية سيكون لهذه الإصلاحات دور مهم في نمو هذه السوق وتحقيق مزيدا من الدخل وتوفير المزيد من فرص العمل.