لما كان أصلُ الموالاة الحبَّ، وأصلُ المعاداةِ البغضَ، وينشأُ عنهما من أعمالِ القلوبِ والجوارحِ ما يدخلُ في حقيقةِ الموالاةِ والمعاداةِ؛ كالنّفْرَةِ، والأُنْسِ، والمعاونة، وكالجهادِ، والهجرة، ونحو ذلك، فإنَّ الولاءَ والبراءَ مِنْ لوازِم لا إله إلا الله، قال الله تعالى: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾ [سورة آل عمران: 28]. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [سورة المائدة: 51].

وقال رسول الله : (أوثقُ عُرى الإيمانِ الحبُّ في الله والبغضُ في الله).

ولقد ضرب نبيُّ الله إبراهيم عليه السلام نموذجَ الأسوة الحسنة في ولائه لربِّ العالمين؛ حيثُ كان عليه السلام أسوةً حسنةً، وقدوةً طيبةً في ولائه لربه ودينه وعباد الله المؤمنين، وبرائه ومعاداته لأعداء الله، ومنهم أبوه.

وقد كانت سيرةُ نبيِّ الله إبراهيم عليه السلام مع قومه كأيِّ نبيٍّ رسول؛ حيث دعاهم بالتي هي أحسن إلى عبادة الله وتوحيده، وإفرادِه بالعبادة، والكفرِ بكلّ طاغوت يُعْبْدُ من دون الله. قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ  إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ۝ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا ۝ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ۝ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا ۝ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ۝ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ۝ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ۝ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ۝ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ [سورة مريم: 41-49].

وتلك هي نقطةُ البَدْءِ في دعوة خليل الرحمن؛ دعوة بالحسنى، مبتدئاً بأقرب الناسِ إليه، فإنْ لم يكن هناك تجاوبٌ مع هذه الدعوة فالاعتزالُ لهذا الباطل وأصحابه، لعلّ في ذلك ردعاً وزجراً وتفكّراً في هذا الأمر الجديد، ونجاة للداعي من مشاركة أهل الباطل في باطلهم، إذا كان لا بدّ له من مخالطتهم ومعاشرتهم، وعدم تمكّنه من الهجرة من أرضهم.

ثم يمضي القرآن في بيان دعوة إبراهيم عليه السلام، مبيّناً أنّه استخدمَ مع قومه كلَّ حجة ودليل، قال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ ۝ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ ۝ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ۝ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ ۝ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ ۝ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ۝ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ۝ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ ۝ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة الشعراء: 69-77].

ولما لم يجدوا حجّةً، وإنّما هو التقليدُ الأعمى لفعل الآباء والأجداد، قال لهم إبراهيم عليه السلام: أنا عدو آلهتكم هذه، قال تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾ [الممتحنة: 4].

وعقيدة إبراهيم عليه السلام هذه هي التي عبّر عنها علماؤنا الأجلاء بقولهم: “لا موالاة إلا بالمعاداة، ولا تصح الموالاةُ إلا بالمعاداة”. وكما قال تعالى عن إمام الحنفاء المحبين إنه قال لقومه: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾[سورة الشعراء: 77]، فلم تصحَّ لخليل الله هذه الموالاةُ والخُلّةُ إلا بتحقيق هذه المعادلة؛ فإنّه لا ولاءَ إلا لله، ولا ولاءَ إلا بالبراءِ مِنْ كلَّ معبودٍ سواه، قال تعالى: ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ۝ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ۝ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [سورة الزخرف: 26-28]، أي جعلَ هذه الموالاة للهِ، والبراءةَ من كلِّ معبودٍ سواه كلمة باقيةً في عقبه، يتوارثها الأنبياءُ بعضُهم عن بعضٍ، وهي كلمة لا إله إلا الله، وهي التي ورَّثها إمام الحنفاء لأتباعه إلى يوم القيامة.

وقد كان من نتيجة هذه المعاداةِ وهذا البراء القويِّ أن أجمعَ الطغاةُ على قتل إبراهيم، كما هو حال كل طاغية على مرّ عصور التاريخ في إبادة الدعاة إلى الله؛ لا لشيء إلا لأنهم يدعونهم إلى عبادة الله وحده، وجمعوا له ناراً عظيمة، فكانت رعايةُ اللهِ وحفظُهُ تحوطان خليله الصادق عليه الصلاة والسلام، فصارت النارُ برداً وسلاماً عليه، قال تعالى: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ۝ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ﴾ [سورة الصافات: 97-98].

لقد عدلوا عن الجدال والمناظرة لما انقطعوا وغُلِبوا، ولم تبقَ لهم حجةٌ ولا شبهةٌ إلى استعمال قوتهم وسلطانهم لينصروا ما هم عليه من سفههم وطغيانهم، فكادهم الربُّ جلَّ جلاله، وأعلى كلمته ودينه وبرهانه، كما قال تعالى: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ۝ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ۝ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ﴾ [سورة الأنبياء: 68-70]. وجاءت التوجيهاتُ الربانيّة لخاتم الأنبياء محمد باتباع ملّة إبراهيم عليه السلام. قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [سورة النحل: 123]، وقال تعالى: ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [سورة آل عمران: 95]. وقال تعالى: ﴿وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا  قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [البقرة: 135].

وقال تعالى: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سورة آل عمران: 68]. وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النساء: 125].

وقال تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [سورة الحج: 78]. وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [سورة البقرة: 130]. فهذه الأخبار مِنَ اللهِ لأُمّة محمد عَنْ فعلِ إبراهيم عليه السلام من أجلِ الاقتداءِ به في الإخلاص والتوكل على الله وحده، وعبادةِ الله وحدَه، والبراءِ من الشركِ وأهلهِ، ومعاداةِ الباطلِ وحزبه.

والأمثلةُ على أنّ مِنْ لوازمِ لا إله إلا الله الولاءَ والبراءَ كثيرةٌ؛ كقصة نوح عليه السلام مع زوجه، وغيرها من القصص.

لقد جمعت لا إله إلا الله صُهيباً الرومي، وبلالاً الحبشي، وسلمانَ الفارسي، وأبا بكر العربي القرشي، وتوارت عصبيةُ القبيلةِ والجنسِ والأرض، وقال لهم رسول الله : (دعوها فإنّها مُنتنةٌ). وقال: (ليسَ مِنّا مَنْ دعا إلى عصبيةٍ، وليسَ منّا مَنْ قاتلَ على عصبيةٍ، وليس مِنّا مَنْ ماتَ على عصبيةٍ).

وتبقى سيرة المصطفى وسيرة صحابته الأخيار رضوان الله عليهم منارَ هدى وإصلاحٍ لمن سلكَ ذلك السبيل، ورضي بذلك النهجِ القويم.

آثار الإقرار بـ “لا إله إلا الله”:

إن لكلمة لا إله إلا الله آثاراً عظيمةً في حياةِ المؤمنِ؛ منها:

1- أنَّ المؤمن بهذه الكلمة لا يكون ضيّقَ النظر، بخلاف من يقول بآلهةِ متعددةِ، أو من يجحدُها.

2- أن الإيمان بهذه الكلمة يُنشئ في النفس من الأنفة وعزّة النفس ما لا يقوم دونه شيء؛ لأنّه لا نافعَ إلا الله، ولا ضارَّ إلا الله، وهو المحيي المميت، وهو الحكيم القوي، مالك الملك، ومن ثَمَّ يُنْزَعُ من القلبِ كلُّ خوفٍ إلا منه سبحانه، فلا يطأطِئُ الرأسَ أمامَ أحد من الخلق، ولا يتضرّعُ إلا إليه، ولا يتكفّف إلا له، ولا يرهب إلا من كبريائه وعظمته؛ لأن لله وحده الكبرياء والعظمة والقدرة، وهذا بخلاف المشرك والكافر والملحد.

3- ينشأ من هذه الكلمة تواضعٌ من غير ذلٍّ، وترفُّعٌ من غير كِبْرٍ.

4- المؤمن بهذه الكلمة يعلم علم اليقين أنَّه لا سبيل إلى النجاة والفلاح إلا بتزكية النفس والعمل الصالح، أما المشركون والكفار فإنَّهم يقضون حياتهم في آمال كاذبة؛ فمنهم من يقول: إنَّ ابنَ الله قُتِلَ وصُلِبَ كفّارةً لذنوبنا عند أبيه، ومنهم من يقول: نحن أبناءُ اللهِ وأحباؤه فلن يعذّبنا بذنوبنا، ومنهم من يقول: إنّا سنتشفع عند الله بكبرائنا وأتقيائنا. ومنهم من يقدّمُ النذورَ والقرابينَ إلى آلهته زاعماً أنّه قد نالَ بذلك رخصة في العمل بما يشاء. أما الملحدُ الذي لا يؤمِنُ بالله فيعتقدُ أنّه حرٌّ في هذه الدنيا غيرُ مقيَّدٍ بشرعِ اللهِ، وإنّما إلهه هواه وشهوته وهو عبد لهما.

5- قائل هذه الكلمة لا يتسرّب إليه اليأس، ولا يقعد به القنوط؛ لأنَّه يؤمنُ أنَّ الله له خزائنُ السماوات والأرض، ومِنْ ثَمَّ فهو على طمأنينةٍ وسكينةٍ وأملٍ، حتى لو طُرِدَ وأهينَ، وضاقت عليه سُبُل العيش.

6- الإيمان بهذه الكلمة يربّي الإنسان على قوة عظيمة من العزم والإقدام، والصّبر والثبات والتوكّل، حينما ينهض بمعالي الأمور ابتغاءَ مرضاة الله. إنَّه يشعر أنَّ وراءه قوة مالك السماء والأرض، فيكونُ ثباتُهُ ورسوخُه وصلابتُه التي يستمدّها من هذا التصور كالجبال الراسية، فأنّى للشرك والكفر بمثل هذه القوة والثبات؟

7- هذه الكلمة تشجعُ الإنسان وتملأ قلبه جرأةً؛ لأن الذي يجبِّنُ الإنسان ويوهنُ عزمه شيئان:

– حبه للنفس والمال والأهل.

– واعتقاده أنَّ أحداً غيرَ الله يميتُ الإنسان.

فإيمانُ المرء ب”لا إله إلا الله” ينزعُ من قلبه الأولَ وهو “حبّه للنفس والمال والأهل”، فيجعله موقناً أنَّ الله هو المالك الوحيد لنفسه وماله، فعندئذٍ يضحّي في سبيل مرضاة ربه بكلِّ غالٍ ونفيس عنده، كما ينزع الثاني وهو “اعتقادُه أنَّ أحداً غير الله يميت الإنسان”، بأن يلقِي في روعهِ أنّه لا يقدِرُ على سلبِ الحياة منه إنسانٌ ولا حيوانٌ ولا غيرُه إلا إذا جاء أجَلُه، من أجلِ ذلك لا يكونُ في الدنيا أشجعُ ولا أجرأُ ممّنْ يؤمِنُ بالله تعالى، فلا يكادُ يخيفه أو يثبتُ في وجهه زحَفُ الجيوش، ولا السيوف المسلولة، ولا مطرُ الرّصاص، ولا وابلُ القنابل.

8-  الإيمان بـ “لا إله إلا الله” يرفع قدر الإنسان، وينشئ فيه الترفُّعَ والقناعةَ والاستغناء، ويطهِّرُ قلبَه من أوساخ الطمع، والشّره، والحسد، والدناءة، واللؤم، وغيرها من الصفات القبيحة.

9- الإيمان بـ “لا إله إلا الله” يجعل الإنسان متقيداً بشرع الله، ومحافظاً عليه، فإنَّ المؤمن يعتِقدُ بيقينٍ أنَّ الله خبيرٌ بكلِّ شيءٍ، وهو أقربُ إليه مِنْ حبلِ الوريد، وأنَّه إنْ كان يستطيعُ أن يفلتَ مِنْ بطشِ أيٍّ كانَ فإنَّه لا يستطيعُ أن يفلتَ مِنَ اللهِ عزّ وجلّ، وعلى قَدْرِ ما يكونُ هذا الإيمانُ راسخاً في ذهن الإنسان يكونُ متّبعاً لأحكام الله، قائماً عند حدودهِ، لا يجرؤ على اقترافِ ما حَرَّم الله، ويسارعُ إلى الخيراتِ والعمل بما أمر الله.

لذا فالعبدُ الذي ملأ اللهُ قلبه إيماناً بـ “لا إله إلا الله” هو في الحقيقة عبدٌ مطيعٌ منقادٌ لربه سبحانه وتعالى، وهذا هو أصلُ الإسلام، وهو مصدرُ قوته، وكلُّ ما عداه من معتقداتِ الإسلامِ وأحكامِه إنّما هي مبنيةٌ عليه، ولا تستمدّ قوتها إلا منه، والإسلامُ لا يبقى منه شيءٌ لو زال هذا الأساس.


المصادر والمراجع:

1. عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، الرسائل المفيدة، عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ، تصحيح عبد الرحمن الرويشد، 1398ه، دار العلوم، القاهرة. ص 296.

2. محمد بن سعيد القحطاني، الولاء والبراء في الإسلام، دار طيبة، الرياض، ط 1. ص 145.

3. أبو الأعلى المودودي، مبادئ الإسلام، مكتبة الشباب المسلم، دمشق، ط 3، 1961، ص 87.

4. علي الصلابي، قصة بدء الخلق وخلق آدم عليه السلام، ص 47-56.