لا تزال المعرفة تتعرض إلى هجوم منظم ، كما هوجمت على مر العصور .. على مر الزمن ، كلف المجتمع المكتبات والسجلات بعملية الحفاظ على المعرفة، لكن هذه المؤسسات تواجه اليوم مخاطر جمة. بهذه اللهجة التحذيرية افتتح ريتشارد أوفندن أمين مكتبة البودلين الشهيرة بجامعة أكسفورد كتاب ” إحراق الكتب : تاريخ الهجوم على المعرفة” مستعرضا التاريخ العالمي للدمار المتعمد تجاه المعرفة حيث مازالت المكتبات ودور المحفوظات تتعرض للهجوم منذ العصور القديمة إلى العصر الحديث.

وحمل الكتاب في طبعته العربية – من اصدار الدار العربية للعلوم ناشرون وترجمة زينة بارودي ومراجعة وتحرير مركز التعريب والبرمجة في بيروت –  مشاهدات وتجارب دونها مدير مكتبة شهيرة ، قدم فيها توصيفا لأبرز التحديات التي تواجهها المعرفة اليوم .

يقول ريتشارد أوفندن في مقدمته : ” ماحفزني على كتابة هذا الكتاب هو إحساسي الشخصي بالغضب بسبب الإخفاقات الأخيرة في جميع أنحاء العالم وحتى أؤكد على إمكانية اعتماد المجتمعات على المكتبات والسجلات للحفاظ على المعرفة . لذلك رأيت أن الهجمات المتكررة على المكتبات عبر القرون تحتاج إلى دراسة وتقص باعتبارها توجها مثيرا للقلق في تاريخ البشرية ، ولأنه يجب تمجيد الجهود المدهشة التي يبذلها الناس لحماية المعارف التي يملكونها”.

وأشار مؤلف كتاب ” إحراق الكتب : تاريخ الهجوم على المعرفة ” إلى حجم التحديات الجديدة أمام المكتبات بعد دخول عامل التكنولوجيا الرقمية بعد تبنيها الواسع للخدمات المقدمة عبر الانترنت من قبل شركات تقنية كبرى والتي يعد حفظ المعرفة بالنسبة إليها هدفا تجاريا بحتا.

و تزخر المقالات في هذا الكتاب بالمعلومات عن العديد من الطرق التي كانت تهاجم بها المعرفة عبر التاريخ، ويروي المؤلف قصة صراع المعرفة التي تحتويها المكتبات من أجل البقاء عبر صفحات الكتاب، ويصف ريتشارد أوفندن الإتلاف المتعمد للمعرفة المسجلة على مدار الثلاثة آلاف سنة الماضية، والموجودة في المكتبات والمحفوظات من الإسكندرية القديمة إلى سراييفو المعاصرة، من الألواح الآشورية المحطمة في العراق إلى وثائق الهجرة المدمرة لجيل وندريش في المملكة المتحدة.. ثم يدرس الدوافع وراء هذه الأعمال والمواضيع الأوسع التي تشكل هذا التاريخ.. كما ينظر إلى محاولات منع الهجمات على المعرفة والتخفيف منها، ويستعرض جهود أمناء المكتبات والمحفوظات للحفاظ على المعلومات.

الجدير بالذكر أن المؤلف ريتشارد أوفندن هو أمين مكتبة البودلين، والشخص الخامس والعشرون الذي يشغل المنصب التنفيذي الأول في مكتبة جامعة أكسفورد. منذ عام 1987، وعمل في عدد من الأرشيفات والمكتبات المهمة، بما في ذلك مكتبة مجلس اللوردات، والمكتبة الوطنية في إسكتلندا (بصفته أميناً للمكتبة) وفي جامعة إدنبرة، حيث كان مديراً للمجموعات.