قبل التعرف على فضائل وثمار الدعاء ، ما هو الدعاء ؟ قالوا : إنه الابتهال إلى الله بالسؤال، والرغبة فيما عنده من الخير والتضرع إليه في تحقيق المطلوب، والنجاة من المرهوب.

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: هو طلب ما ينفع الداعي وطالب كشف ما يضره أو دفعه.

أقسام الدعاء

ينقسم الدعاء إلى قسمين: – دعاء عبادة – دعاء مسألة.

دعاء العبادة : هو الشامل لجميع القربات الظاهرة والباطنة.دعاء المسألة: أن يطلب الداعي ما ينفعه وما يكشف ضره.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: «كل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء والنهي عن دعاء غير الله والثناء على الداعين يتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة».وهذه قاعدة نافعة، فإن أكثر الناس إنما يتبادر لهم من لفظ الدعاء، والدعوة دعاء المسألة فقط ولا يظنون دخول جميع العبادات في الدعاء. وهذا خطأ جرهم إلى ما هو شر منه، فإن الآيات صريحة في شموله لدعاء المسألة ودعاء العبادة.

وقد أشار الإمام ابن القيم أن دعاء المسألة ودعاء العبادة متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة.

ودعاء الله تعالى شفاء للقلوب وسعادة في الدارين. فلا غزو أن تداوي به العارفون .. ولزم محجته المتقون. أما رأيت – أيها القارئ الكريم – أن الله تعالى ذم أقوامًا في كتابه؛ بإعراضهم عن دعائه تعالى، والتضرع إليه ووصفهم بقسوة القلوب، فقال تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: ٤٣].

قال عبد الله الأنطاكي رحمه الله: دواء القلب خمسة أشياء: مجالسة الصالحين، وقراءة القرآن، وإخلاء البطن من الحرام، وقيام الليل، والتضرع عند الصبح.

وقال ابن القيم رحمه الله: «والدعاء من أنفع الأدوية؛ وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه، أو يخففه وهو سلاح المؤمن».

إن أعظم ما في الدعاء أنك تناجي فيه ملك الملوك؟ من ليس كمثله شيء، من بيده ملكوت كل شيء. فلا أحد يحجبك عن مناجاته. ولا واسطة، ولا شيء يحجب صوتك .. فلتجعل دعاء الله تعالى طريقك إلى رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء.

من فضائل الدعاء

لو لم يكن للدعاء من الفضائل إلا قربك من مولاك تعالى لكفى؛ فكيف وللدعاء من الفضائل والبركات الشيء الكثير؟

وأول هذه الخيرات ما يجد الداعي من صلاح القلب: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وإذا دعا العبد ربه بإعطاء المطلوب ودفع المرهوب؛ جعل له من الإيمان بالله ومحبته ومعرفته وتوحيده ورجائه وحياة قلبه واستنارته بنور الإيمان ما قد يكون أنفع له من ذلك المطلوب إن كان عرضًا من الدنيا

الدعاء امتثال لأمر الله

فالداعي ممتثل لأمر الله تعالى؛ إذ قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } (غافر: 60)

الدعاء عبادة

في الدعاء تحقيق لعبادة الله تعالى والتي هي الغاية العظمى.

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” الدعاء هو العبادة”  ( رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه).

الدعاء محبوب إلى الله تعالى

الداعي متقرب إلى الله تعالى بشيء يحبه، وكريم لديه. قال صلى الله عليه وسلم: ” ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء” ( رواه الترمذي وأحمد) .

قال الزبيدي رحمه الله : وإنما صار الدعاء كريمًا على الله: لدلالته على قدرة الله وعجز الداعي.

الدعاء سبب لانشراح الصدر

وفي الدعاء دواء وبلسم شافي لأدواء الصدور من الهموم والغموم والأحزان وضيق الصدر؛ وفي الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأدعية المعينة على انشراح الصدور وزوال أحزانها.

ثمار الدعاء مضمونة

من أكثر من دعاء الله تعالى نال ثماره لا محالة؛ إما في الدنيا وإما في الآخرة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” ما من مسلم يدعو ليس بإثم ولا بقطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها» قال: إذا نكثر! قال: الله أكبر”  (رواه البخاري) .

الدعاء يدفع البلاء

وهذه فضيلة عظيمة من فضائل الدعاء غفل عنها الكثيرون.

قال صلى الله عليه وسلم : ” من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة، وما سئل الله شيئًا يعطى أحب إليه من أن يُسأل العافية؛ إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل؛ فعليكم عباد الله بالدعاء” . (رواه الترمذي) .

الدعاء سبب للثبات والنصر

قال الله تعالى: { وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } [البقرة: 250]. فكان عندها النصر والظفر: { فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ } [البقرة: 251[.

الدعاء مفزع المظلومين

الدعاء سلاح المظلومين .. ومفزع المكسورين. وفي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن: “واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب” . (رواه البخاري ومسلم ).