تاريخ الحضور الإسلامي بمنطقة شرق إفريقيا تاريخ قديم لعبت عدة عوامل مشتركة دورا كبيرا في ترسيخه و توثيقه. فمجيئ الإسلام لتلك المنطقة تداخلت فيه عوامل التجارة و الحركات الاستكشافية للمنطقة و نزوح مجموعات عربية مسلمة لهذه المنطقة.

 

انطلاقا من هذه الحركة وُجدت رموز و مدن و آثار إسلامية بالمنطقة كانت و لا تزال شاهدة على مدي التأثير الكبير الذي حظي به الحضور الإسلامي هناك.

و تعتبر مدينة مالندي الكينية الغنية بتراثها الإسلامي إحدى هذه الشواهد الحية على أصالة ارتباط المنطقة بالإسلام، فالمدينة التي ترجح المعطيات التاريخية.

مدينة ساحلية كينية, من أهم المدن السياحية في الساحل الكيني على المحيط الهندي, كانت محطة استراحة تتزود منها السفن التجارية المتجهة إلى الهند بالمياه والمؤن.

الموقع و المكانة

تتمتع مالندي بشهرة كبيرة، و غالبية أهلها من الزنوج ،و ترجح المصادر التاريخية أن المدينة بناها العرب المسلمين و ظلوا القوة الأساسية لإشعائها الثقافي و الإسلامي.
وتقع هذه المدينة الكينية على  بعد حوالي 120  كيلومتر من  مدينة مومباسا، وهي منتجع هام لكونها منطقة ساحلية مزدهرة على طول الساحل الشرقي لإفريقيا ، و تتميز المدينة  بتاريخها الغني و الطويل.

و يعيش أهل مالندي  على صيد الأسماك و  تجارة جلود و أصواف الحيوانات المتوحشة كما تشكل مداخيل و عائدات السياحة موردا إضافيا لسكان المدينة .

و يعتبر الإيطاليون الأكثر اهتماما بالسياحة في المدينة، وفيها مطار يربطها بالعالم الخارجي، كما يمر بها الطريق الذي يصل مومباسا بمدينة لامو.

و تتميز المدينة بجملة من المعالم السياحية المهمة في المنطقة الحديقة الوطنية و”محمية واتامو” التي تأسست عام 1968، وهي من المناطق المحمية و المدرجة على قائمة التراث العالمي، تصنف هذه المحمية كواحدة من أهم المحميات في العالم لما تحويه من حيتان وأسماك قرش وغيرها.

شيء من التاريخ

أسس المدينة  العرب المهاجرون ، و قد زارها المستكشف الصيني المسلم تشنغ خو سنة 1414 ، و ذلك أثناء حركة التوسع التي أطلقها ملك الصين آنذاك.

وفي عام 1498 وقّع المكتشف البرتغالي فاسكو دي غاما اتفاقية تجارة مع مسؤولي المدينة. ومن هناك استعان بالملاح العربي أحمد بن ماجد ليكون مرشدا بحريا له في رحلته إلى الهند، فاستطاع إيصاله إلى منطقة كلكوتا (كوزيكود) جنوب غربي الهند.

قام  المستكشف البرتغالي قبل مغادرته ماليندي  بتشييد عمود ضخم بمثابة نصب تذكاري أقامه على شاطئ المدينة، ولا يزال حتى الآن معلما بارزا يقصده السياح. وهناك دعوات دولية للمحافظة على هذا النصب.

سيطر على المدينة مجددا سلطان زنجبار عام 1861 وعين لها حاكما عربيا، وكانت جزءا من شريط الساحل الذي تخلى عنه سلطان زنجبار للإمبراطورية البريطانية في 1895.

و تعتبر “البلدة القديمة” أهم أحياء مدينة ماليندي، و  هي حي قديم يعود تاريخه إلى الفترة ما بين 1930-1950 ، و تحتضن هذه المنطقة من المدينة أبرز مساجد ماليندي مسجد جمعة سنة 1873.

تراجعت أهمية ماليندي بعد انتقال البرتغاليين إلى مدينة مومباسا القريبة منها عام 1593، وفقد البرتغاليون سيطرتهم عليها بالكامل في 1666.

و يشكل العرب جالية كبيرة في ماليندي، نسبة كبيرة من السكان الذين ينحدرون من أصول عمانية ويمنية،و يبنون بيوتهم منذ القدم على نفس طراز البيوت في حضرموت، و كانت لهم عادات قديمة اندثرت مع الزمن، كما اثر تواجد البرتغاليين و احتلالهم للمنطقة في القرن السادس عشر على الامتداد الإسلامي في تلك الفترة.