في ظرف قياسي استطاعت مكتبة قطر الوطنية أن تتحول إلى مركز إقليمي لصيانة مواد المكتبات والمحافظة عليها، وتنمية دورها الحثيث في حفظ التراث والحفاظ على تاريخ قطر والمنطقة ككل، من خلال تنظيمها العديد من الندوات والورش والمحاضرات حول صيانة الوثائق التاريخية.

وفي إطار دورها كمركز إقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات لصيانة مواد المكتبات والمحافظة عليها للبلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط، نظمت مكتبة قطر الوطنية، خلال شهر أبريل المنصرم، العديد من الفعاليات لتعزيز الوعي بأهمية حفظ الوثائق والمخطوطات التاريخية لحماية تراث وتاريخ قطر والخليج بصفة خاصة والمنطقة العربية بصفة عامة.

وقد شارك العديد من الباحثين وخبراء المخطوطات وباحثي التاريخ وأخصائيي الحفظ والصيانة من قطر والمنطقة العربية في هذه المحاضرات والورش التدريبية التي أقيمت في مختبر الحفظ والصيانة بمبنى المكتبة.

وبمناسبة يوم المخطوط العربي، نظمت المكتبة الوطنية، بالتعاون مع مكتب اليونسكو في الدوحة، ندوة حول “المخطوطات اليمنية وحماية التراث اليمني”، تناول فيها عدد من الخبراء التحديات التي تواجه حفظ التراث بما في ذلك مشكلات التهريب.

وسلطت الدكتورة آن ريغورد، خبيرة أوراق البردي والمخطوطات والنقوش ومحررة الدورية الفرنسية “وقائع المخطوطات اليمنية” في مشاركتها الضوء على المخاطر التي تهدد المخطوطات في اليمن، بينما تحدثت الدكتورة آنا باوليني، مدير مكتب منظمة اليونسكو الإقليمي في الدوحة، عن مشروع اليونسكو الذي يموله الاتحاد الأوروبي للحفاظ على تراث المباني اليمنية، وتطرقت إلى تحديات المحافظة على التراث في اليمن، مثل التهريب والاتجار غير المشروع.

أما توم ليرمان، المهندس المعماري الذي يتمتع بخبرة تزيد عن 15 عامًا في العمل على تطوير وإعادة تأهيل المواقع التراثية في اليمن، فقد عرض تحديات الحفاظ على المواقع التاريخية اليمنية.

كما استضافت المكتبة كذلك في إطار دورها كمركز إقليمي لصيانة مواد المكتبات والمحافظة عليها للبلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط ورشة تدريبية مكثفة استمرت خمسة أيام بعنوان “تحديد وتصنيف المخطوطات الإسلامية: الأسباب والوسائل” شارك فيها أخصائيو حفظ وصيانة الكتب والوثائق وباحثون في التاريخ وخبراء في المخطوطات من قطر ولبنان وتركيا ودول أخرى.

وتناولت الورشة التدريبية التي قدمتها الدكتورة آن ريجورد، الخبيرة في علم البرديات والمخطوطات باستخدام مجموعة من المخطوطات الإسلامية بين القرنين السابع والعشرين، كيفية تحديد نوعية الورق التي كان يستخدمها الورّاقون والنساخ العرب في كتابة المخطوطات الإسلامية ونسخها، وخصائص الورق من حيث طريقة التصنيع وكيفية تصنيفها، وشرح الطرق المختلفة لتوثيق الورق ومقارنتها ببعضها البعض والأدوات المتاحة لمساعدتنا في تحديد أنواع الورق والقيمة الوثائقية لها، وكيفية استخدم الورق الذي يحتوي على علامات مائية كبيانات رئيسية لتحديد تاريخ المخطوط.

وصرح ستيفان إيبيغ، مدير إدارة صيانة مواد المكتبة والمحافظة عليها، قائلًا: “إننا في المكتبة نسعى لتعزيز فهم وأهمية صيانة الوثائق والمحافظة عليها على المستوى المؤسسي والمجتمعي. وسيواصل مركز الإفلا الإقليمي لصيانة مواد المكتبات والمحافظة عليها للبلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط جهوده كملتقى للخبراء والباحثين من قطر والعالم العربي لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات”.

وأضاف ستيفان  قائلًا: “من الضروري أن يساهم الأفراد والمؤسسات في المنطقة في هذا المجال لحفظ المخطوطات العربية في الدول التي تواجه تحديات خطيرة مثل اليمن. ومن خلال تعاوننا مع شركاء مثل اليونسكو، ستواصل المكتبة جهودها في حفظ التاريخ والتراث في دولة قطر والمنطقة الخليجية والعربية”.

كما نظمت المكتبة، ورشة بعنوان “الأصباغ الخضراء في الرسومات الفارسية مع التركيز على تدهور الزنجار النحاسي الأخضر وثباته” قدمتها ماندنا باركيشلي وحضرها عدد كبير من أخصائيي الحفظ والباحثين، وتناولت الورشة التي تضمنت أربع جلسات نقاشية حول الأصباغ الفارسية الخضراء، استنادًا إلى التحليل التاريخي والعلمي، وأصباغ الزنجار الخضراء وأسباب تدهورها بناءً على التحليلات التاريخية والعلمية، ودراسة حالة لفحص السبب في ثبات أصباغ الزنجار الخضراء في المنمنمات الفارسية، وعلاج تثبيت أصباغ النحاس الخضراء والفحص البصري للأصباغ الخضراء المستخدم في المخطوطات الفارسية ضمن مجموعة المكتبة.

كما شارك أخصائيو حفظ وصيانة الوثائق والكتب من المكتبات والمؤسسات الثقافية والمتاحف في دولة قطر والعالم العربي في “الدورة التدريبية: صيانة الكتب بالتجليد” استمرت 5 أيام ، وقدمتها ميريل بورتيري، مالكة مؤسسة l’Atelierre لتجليد الكُتب وترميمها. وهي دورة تدريبية مجانية، أقيمت ضمن خطة التدريب السنوية 2018 – 2019 لمركز الإفلا الإقليمي لصيانة مواد المكتبات والمحافظة عليها للبلدان العربية ومنطقة الشرق الأوسط.