يعني ولاء العميل للمنظمة التزامه العميق بمعاودة شراء سلعها أو خدماتها، دون أن تنجح الحملات الإعلانية للمنافسين وإغراءاتهم في صده عن ذلك القرار، وغالبا ما يترافق ولاء العميل لعلامة تجارية معينة مع استعداده للحديث عنها بإيجابية ونصح الآخرين باقتنائها. ولا شك أن وصول العملاء لهذه الدرجة من الولاء لن يحدث صدفة، وإنما هو ناتج عن عمل المنظمة وفق رؤية واضحة وخطة مدروسة لكسب ثقة عملائها وتنمية وتعزيز ولائهم لمنتجاتها. والعملاء الموالون ﺣﻘﺎ ﻫم اﻟذﻳن ﻟدﻳﻬم ﺷﻌور ﻗوي أن المنظمة تستطيع ﺗﻠﺑﻳﺔ اﺣتياﺟﺎﺗﻬم ﺑطرﻳﻘﺔ أفضل ونتيجة لذﻟك الشعور يقررون اﺳﺗﺑﻌﺎد المنافسين.

ولعل ذلك ما يفسر توجه المنظمات الربحية نحو ما يعرف بتسويق الولاء، وتطويرها لبرامج موجهة لشريحة العملاء الموالين لمنتجاتها. ونظرا لاشتداد حدة المنافسة في أيامنا هذه، وما رافق ذلك من تباطؤ في نمو قاعدة العملاء المحتملين؛ فقد انتقلت المنظمات من سياسة “بيع ما يمكن إنتاجه” إلى سياسة “إنتاج ما يمكن بيعه”، وهو المفهوم الذي ينطلق من أن العميل أصبح سيد الموقف، وبالتالي فمن اللازم بناء وتطوير علاقات قوية مع العملاء، ورسم سياسات واضحة تضمن ولاءهم وتعلقهم بمنتجات المنظمة.

ويعزى الاهتمام المتزايد بولاء العميل إلى مزاياه الكثيرة على المنظمة، حيث أثبتت دراسات عديدة وجود تناسب طردي قوي بين ولاء العملاء وربحية المنظمة، كما أثبتت دراسات أخرى أن ما تنفقه الشركات في الإشهار للحصول على عميل واحد يزيد بخمسة أضعاف عما يمكن لهذه الشركات أن تنفقه للحفاظ على عميل واحد من عملائها  الحاليين.

من جهة أخرى فإن العميل الحالي إذا ما وصل لدرجة ما يعرف “بالولاء الأمثل” فإنه سيتحدث بشكل إيجابي عن منتجات المنظمة أو خدماتها وسينصح أصدقاءه ومعارفه باقتنائها، وتلك وسيلة مجانية أكثر فعالية من الحصول على العملاء بوسائل مدفوعة. والأصدقاء والمعارف الذين يتم اجتذابهم بهذه الطريقة يكون لديهم ولاء أكثر من الذين يتم استجلابهم بالحملات الإعلانية. ونظرا لكل ما سبق فإن  أي منظمة ربحية لا تولي الاهتمام اللازم لكسب العملاء والتعزيز من ولائهم فهي إلى زوال.

ومهما امتلك المنظمة من الأدلة على جودة منتجاتها وتميزها في خدمة العملاء، فإن ذلك لا يكفي طالما أن هؤلاء العملاء غير مقتنعين بتلك الجودة وذلك التميز،  فالجودة الحقيقية إذن هي التي تستجيب لتطلعات العملاء لتصل بهم لدرجة الولاء الأمثل للمنتج، وذلك ما يتطلب جهدا كبيرا، سواء تعلق الأمر بجودة المنتج أو بسعره أو بطريقة تقديمه ؛ وفي كل الأحوال، يجب ألا نغفل عن القاعدة السابقة التي تنطلق من ضرورة إنتاج ما يمكن بيعه، ومعرفة ذلك تتطلب التركيز على العميل المستهدف وأخذ رأيه في خدمة العملاء بالمنظمة، وفي سلبيات المنتج وإيجابياته والتعديلات التي يرغب في إدخالها عليه، على أن تتم الاستجابة في أسرع وقت للرأي الذي يميل إليه أغلب العملاء وإجراء التعديلات التي تجعل المنتج أحسن مما يتطلعون إليه أو مطابقا له على أقل تقدير. والاستجابة لرغبات العملاء وتلبيتها تتطلب تطوير كفاءة الكادر البشري في التعامل مع هؤلاء العملاء وإجراء دراسات مستمرة تستهدف تحسين المنتج؛ وهو ما يستلزم التركيز على الموظفين في الخطوط الأمامية وحثهم على النظافة والبشاشة واللباقة والصبر وغيرها من مكارم الأخلاق، وتدريبهم حتى يكونوا على درجة عالية من  المهارة في التواصل والإقناع، والسرعة والفاعلية في خدمة العملاء والإصغاء إليهم.

من جهة أخرى فإنه من المهم  تقديم ترقيات ومكافآت للموظفين الذين يخدمون العملاء بشكل مميز من أجل تشجيعهم على مواصلة العطاء والتميز وتشجيع زملائهم على اللحاق بهم.

لابد كذلك أن يكون هؤلاء الموظفون على معرفة تامة بالمنتج وبخصائصه حتى يكون باستطاعتهم مساعدة العميل والإجابة على كل استفساراته في الحال. كما يلزم توفير خطوط هواتف أو صناديق أو قنوات واضحة ليوصل عبرها العميل شكاواه ومقترحاته بكل سهولة ويسر، على أن يتم أخذها بعين الاعتبار والتعامل معها بسرعة وإيجابية ما أمكن ذلك.

من ناحية أخرى ينصح بانتهاج سياسة التخفيضات والعروض، كما أن تقديم ضمان للعميل عند اقتنائه للمنتج من شأنه أن يعزز من ثقته في هذا المنتج ويقلص من المخاطر المرتبطة بقرار الشراء. كما أن الصدق مع العميل من بواعث ارتباطه بالمنظمة وزيادة ثقته بها، وبالتالي يجب الحذر من إعطاء العميل تعهدا بإنجاز خدمة أو حل مشكلة معينة في وقت قصير إلا إذا كان الوقت كافيا لذلك، وإلا فمن الأحسن أن يتم إطلاعه على صعوبة المسألة وما تحتاجه من وقت حتى تنجز بالشكل المطلوب.

بالإضافة إلى ما سبق تلجأ بعض الشركات لمكافأة العميل من أجل التعزيز من ولائه وزيادة رقم الأعمال، ومن ذلك أسلوب النقاط الذي يحصل العميل بمقتضاه على نقاط أكثر كلما اشترى أكثر، وهذه النقاط يمكن استبدالها بسلع أو خدمات، وهي وسيلة مهمة لتعزيز ولاء العميل لأنها ستشجعه على التعامل مع نفس الشركة من أجل زيادة عدد نقاطه. كما قد تتم مكافأة بعض العملاء باستخدام بعض الوسائل الترفيهية كالألعاب وغيرها…

ولئن اختلفت الاستراتيجيات والوسائل المتبعة في التعامل مع العملاء، فلا خلاف في أن المنظمات الساعية إلى البقاء في عالم الأعمال وتحقيق الأرباح، عليها أن تولي عناية خاصة للتعزيز من ولاء عملائها، عن طريق وضع خطط مبتكرة، قابلة للتطبيق، قادرة على خلق وتطوير علاقة قوية بالعملاء، من خلال تطوير جودة سلعها أو خدماتها، والرفع من أداء موظفيها في التعامل مع العملاء، حتى يتطابق كل ذلك مع توقعات هؤلاء العملاء أو يزيد.