قوله تعالى: (إياك نعبد) التفات من صيغة الغائب إلى صيغة المخاطب، ولم يقل: إياه نعبد، كما أنه لم يقل: نعبدك ونستعينك، ولا: نعبد إياك ونستعين إياك.
والتقدير: لا نعبد إلا إيّاك أو إيّاك دون غيرك، أو نعبدك دون غيرك.
قوله تعالى: (وإياك نستعين): أي لا نستعين إلا بك
كيف والناس يستعين بعضهم ببعض؟
– المعنى: إياك نعبد وإياك نستعين علرى عبيادتك
– وقد يكون المعنى: إذا استعنّا بعبادك فإننا نعتقد بأنك أنت المعين، وأنت الذي سخرت لنا من يعيننا
قال ابن عاشور:
أما الاستعانة بالله فهي طلب المعونة على ما لا قبل للبشر بالإعانة عليه ولا قبل للمستعين بتحصيله بمفرده، ولذلك فهي مشعرة بأن المستعين يصرف مقدرته لتحصيل الفعل ويطلب من الله العون عليه بتيسير ما لا قبل لقدرة المستعين على تحصيله بمفرده.
والمقصود هنا الاستعانة على الأفعال المهمة كلها التي أعلاها تلقي الدين وكل ما يعسر المرء تذليله من توجهات النفوس إلى الخير وما يستتبع ذلك من تحصيل الفضائل.
ثم قال:
فالحصر في (إياك نعبد) حقيقي والقصر في (إياك نستعين) ادعائي فإن المسلم قد يستعين غير الله تعالى كيف وقد قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) [المائدة: 2] ولكنه لا يستعين في عظائم الأمور إلا بالله ولا يعد الاستعانة حقيقة إلا الاستعانة بالله تعالى.