تتباين أفعال المسلمين تجاه الإساءات التي تتعرض لها مقدّساتهم، غير أن الصورة الأبرز التي تحتل فضاء واسعا في وسائل الإعلام هي صورة الاحتجاجات العنيفة التي تنتهي غالبا بما يسيء للمبادئ والقيم الإسلامية نفسها.

في مقابل ذلك، سعى البعض إلى تضمين القيم الإسلامية في رسائل إبداعية، وبلغات تخاطب العالم، من أجل إيصال رسالة الإسلام القائمة على العدل والرحمة والمحبة، وبهذا الهاجس جاءت فكرة ابتكار “الأبطال الـ99”.

تدور فكرة هذه القصة المصورة حول 99 بطلا من مختلِف دول العالم، يحصل كل واحد منهم على حجر تشبّع بمعارف “دار الحكمة” ببغداد قبل أن يدمّرها المغول في اجتياحهم، وتعطي هذه الأحجار الـ99 لأصحابها قوى خارقة تستند إلى أسماء الله الحسنى الـ99، ويسعى أصحابها إلى إحقاق العدل والسلام والقضاء على الشر في العالم.

في هذا السياق، اتصلت “إسلام أون لاين” بصاحب المشروع، الدكتور نايف المطوّع، من الكويت، بهدف الاقتراب أكثر من هذا المشروع الذي جعل الرئيس باراك أوباما يخصص له قبل سنتين دقيقتين من خطابه تعبيرا عن الإعجاب والتقدير.

99 بطلا.. على خطى “سوبرمان”

يقول الدكتور نايف صاحب مؤسسة  “تشكيل”: بدأتُ المشروع منذ 10 سنوات تقريبا، حيث تدور الفكرة حول ابتكار أبطال خارقين مثل “سبايدر مان” و”سوبر مان” و”بات مان”، ولكن بخلفية ثقافية تستند على موروثنا العربي والإسلامي، وبشكل يمكنه الوصول إلى العالمية”. ويتابع : “ثقافتنا ليست مرتبطة في الغرب بالأشياء الإيجابية للأسباب التي يعرفها الجميع، والرسائل التي تصل للغرب عن الإسلام غير لائقة للأسف، ولهذا تجسدت الفكرة في ابتكار 99 شخصية خارقة تنتمي لـ99 دولة موزعة عبر العالم، لكل واحد منهم قدرات خاصة وكل واحد منهم يحتاج إلى غيره لحل المشاكل التي يواجهها العالم، فالبطل الأمريكي ليس أفضل من البطل السعودي، والبطل السعودي بدوره ليس أحسن من البطل الفلبيني، والفلبيني ليس بأحسن من الكويتي، وهكذا دواليك”.

وعن بداية المشروع قال الدكتور نايف: “بدأ المشروع عبر سلسلة كتب مصوّرة من الكويت في سنة 2004، وفتحت المدينة الترفيهية الخاصة بأولئك الأبطال في الكويت أبوابها سنة 2009، ويزورها الآن ما بين 300 إلى 350 ألف زائر في السنة، وهو ما يعادل عُشر سكان الكويت. وفي عام 2010 بدأنا ببرنامج الرسوم المتحركة بشراكة مع مؤسسة “إنديمول” البريطانية. وفي 2012 كانت هذه الرسوم المتحركة هي أفضل ما شاهده العالم من حيث الجودة، وبدأنا في تلقي طلبات لبيع المسلسل الكرتوني في أمريكا الشمالية والجنوبية وفي إفريقيا.. وحاليا المسلسل موجود على شاشات جنوب إفريقيا وأستراليا وأيرلندا وتركيا كما تم عرضه على شاشة “أم بي سي 3″ و”ياهو مكتوب” عبر الأنترنت، وفي شهر نوفمبر سيبدأ بثه في باكستان و”كارتون نتوورك في آسيا”.

 

من أجل تعايش أفضل بين البشر

استنادا إلى صاحب المشروع، تدور فكرة المسلسل على تقبل الغير مهما كان دينه أو أصله أو جنسه، وبعيدا عن أي شكل من أشكال التمييز، وأن ما يصنع الفرق هو القيمة التي يُقدّمها الإنسان للمجتمع.

وبخصوص التفاعل مع هذا المشروع، أوضح الدكتور نايف أن التفاعل كان متباينا ما بين دولة وأخرى، “ففي أستراليا مثلا كان الإقبال يفوق ما توقعناه، أما في أمريكا حدثت لنا مشاكل سياسية لوجود جماعات معادية لثقافتنا أصدرت إشاعات مفادها أننا أصحاب هدف ديني (تبشيري)، وهذا ما أجّل تواجد المسلسل الكرتوني في الشاشات الأمريكية لمدة سنتين، لكنه سيحل ضيفا على القنوات الأمريكية في بدايات 2013.. وحتى في الشرق الأوسط كان هناك تفاعل كبير، حيث بلغت نسبة المشاهدة على قناة أم بي سي 3 وعلى شبكة “ياهو مكتوب” في الأنترنت أرقاما كبيرة، ونحن الآن متحمسون لبث الجزء الثاني من المشروع”.

قيم إسلامية.. بأرقى معايير هوليوود

يكشف الدكتور نايف المطوع أن مسلسل الأبطال الـ99 يُعتبر “من أفضل ما يشاهده المتابع عبر التلفزيون في العالم”، مستدركا “طبعا لا مجال للمقارنة مع الأفلام السينمائية التي تنتجها مؤسسات “بيكس آرت” أو “ديزني” مثلا، لكننا استعملنا أعلى التقنيات الموجودة في الصناعة الكرتونية لحد الآن، والقصص خيالية وجذّابة بشكل كبير لأنها حُرّرت على أيدي كتاب كبار في هوليوود متخصصون في كتابة سيناريوهات أشهر مسلسلات الكرتون مثل حلقات “سوبرمان” و”بات مان” و”بن 10″، وهناك اليوم حوالي 1000 شخص يعملون على هذا المشروع”.

وفي حديثنا عن التحفظ الذي قد يثيره هذا المسلسل داخل الأوساط الدينية في العالم الإسلامي، قال مُحدّثنا إن المشروع تم قبوله على صعيد واسع، رغم وجود تحفّظ من السعودية في بادئ الأمر، وهذا على خلفية أن الموزع تصرّف وأدرج مع عنوان الكرتون عبارة  “أسماء الله الحسنى”، لكن سرعان ما زال اللبس – يقول د.نايف – بعدما اتضح أن البرنامج ليس دينيا، أي أنه لا يتحدث عن الشعائر الإسلامية وإنما غرضه تصدير الثقافة الإسلامية في مجال الأخلاق والسلوك، وبيان الأبعاد الإنسانية للحضارة الإسلامية، كما أن أبطال الغرب مثل “سوبرمان” أو “بات مان” يعكسون الثقافة الإنجيلية ولكن بخطاب غير مباشر.

ويعكس مسار الدكتور نايف المطوع عبر فكرة الأبطال الـ99 قصة نجاح كبيرة تعزز قيم التواصل بين البشر من أجل عالم أفضل، حيث تحظى القيم الإسلامية بمكانة مشرقة بعيدا عن التشويه المزدوج الذي يطالها: من خصومها، وبعض أبنائها على حد السواء.

https://www.youtube.com/watch?v=_K095wuE_eE