اقرأ أيضا:
هذا وقد أقام رسول الله(ﷺ) حدَّ القذف على مِسْطحٍ، وحسَّانَ، وحمنةَ، وروى محمَّد بن إسحاق، وغيره: أنَّ النَّبيَّ (ﷺ) جلد في الإفك رجلين، وامرأة: مسطحاً، وحسَّاناً، وحمنة. وذكره التِّرمذيُّ. [الترمذي (3181)، ولم يُصرِّح بذكر الأسماء، وقد صرَّح بها أبو داود (4475)].
قال القرطبيُّ: والمشهور من الأخبار، والمعروف عند العلماء: أن الَّذي حُدَّ حسانُ، ومسطحٌ، وحمنةُ، ولم يُسْمَع بحدٍّ لعبد الله بن أُبَيٍّ، وقد وردت آثار ضعيفةٌ تدل على أنَّ عبد الله بن أُبَيٍّ أقيم عليه الحدُّ، ولكنَّها كلَّها ضعيفةٌ لا تقوم بها حجَّة.
وقد ذكر ابن القيِّم وجه الحكمة في عدم حدِّ عبد الله بن أبيٍّ، فقال:
ثمَّ قال – في ختام كلامه -: ولعلَّه ترك لهذه الوجوه كلِّها. (زاد المعاد (3/263، 264)
قد بيَّنت الرِّوايات: أنَّ من خاض في الإفك قد تاب – ما عدا ابن أبيٍّ – وقد اعتذر حسَّان رضي الله عنه عمَّا كان منه، وقال يمدح عائشة رضي الله عنها بما هي أهلٌ له:
رَأيتُكِ وَلْيَغْفِرْ لَكِ اللهُ حُرَّةً مِنَ المُحْصَنَاتِ غَيْرَ ذَاتِ غَوَائِلِ
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَة وَتُصْبِحَ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ
وَإِنّ الَّذي قَدْ قِيْلَ لَيْسَ بِلاَئِق بِكِ الدَّهْرَ بَـلْ قَـوْلُ امْرِئ مُتَناحِلِ
فَإنْ كُنْتُ أَهْجُوكُمْ كَمَا بلَّغُوكُمُ فَلاَ رَفَعَتْ سَوْطِي إليَّ أَنَامِلِي
فَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيْتُ وَنُصْرَتِي لآلِ رَسُوْلِ اللهِ زَيْنُ المَحَافِلِ
وَإِنَّ لَهُمْ عِزّاً يَرَى النَّاسُ دُوْنَهُ قِصَاراً، وَطَالَ العِزُّ كلَّ التَّطاوُلِ
جواز الإغارة على مَنْ بلغتهم دعوة الإسلام دون إنذارٍ.
منها: صحَّة جعل العتق صداقاً، كما فعل(ﷺ) مع جويرية بنت الحارث في هذه الغزوة.
ومنها: مشروعية القرعة بين النِّساء عند إرادة السَّفر ببعضهن.
ومنها: جواز استرقاق العرب، كما حدث في الغزوة، وهو قول جمهور العلماء. (كتاب الأم، للشَّافعي، 4/186).
وقد أجمع العلماء قاطبةً على أنَّ من سبَّ عائشة رضي الله عنها بعد براءتها براءةً قطعيَّة بنصِّ القرآن، ورماها بما اتُّهمت به؛ فإنه كافرٌ؛ لأنه معاندٌ للقرآن.
ومن الأحكام الَّتي عرفت في هذه الغزوة حكم العزل عن النِّساء، حيث سأل الصَّحابة الرَّسول(ﷺ) عنه، فأذن به، وقال: «ما عليكم ألا تفعلوا، ما من نسمةٍ كائنةٍ إلى يوم القيامة إلا وهي كائنةٌ» [البخاري (5210)، ومسلم (1438/125)، وأحمد (3/68 و72). (السِّيرة النَّبويَّة الصَّحيحة، للعمري (2/415). فذهب الجمهور إلى جواز العزل عن الزَّوجة الحرَّة بإذنها.
ونزلت آية التَّيمُّم في هذه الغزوة؛ تنويهاً بشأن الصَّلاة، وتنبيهاً على عظيم شأنها، وأنَّه لا يحول دون أدائها فقدُ الماء، وهو وسيلةُ الطَّهارة الَّتي هي أعظم شروطها، كما لا يحول الخوف، وفقدُ الأمن من إقامتها. (صورٌ وعبرٌ من الجهاد النَّبويِّ في المدينة، ص 210، 211).
ملاحظة: استفاد المقال مادته من كتاب: “السيرة النبوية”، للدكتور علي محمد الصلابي.
المراجع:
• آثار تطبيق الشَّريعة، د. محمد عبد الله الزَّاحم، دار المنار، الطَّبعة الأولى، 1412 هـ 1991 م.
• تاريخ الإسلام للذَّهبي، المغازي، تحقيق عمر عبد السَّلام تدمري، دار الكتاب العربي، الطَّبعة الثَّانية، 1410 هـ 1990 م. • حديث القرآن عن غزوات الرَّسول(ﷺ) ، د. محمَّد بكر ال عابد، دار الغرب الإسلاميِّ، الطَّبعة الأولى.
• السِّيرة النَّبويَّة لأبي الحسن النَّدويِّ، دار التَّوزيع والنَّشر الإسلاميَّة – القاهرة.
• السيرة النبوية، علي محمد الصلابي، دار ابن كثير، الطبعة الأولى، 2004م.
• صورٌ وعبرٌ من الجهاد النَّبويِّ في المدينة، تأليف: د. محمَّد فوزي فيض الله، دار القلم – دمشق، الدَّار الشَّاميَّة – بيروت، الطَّبعة الأولى، 1416هـ 1996م.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين