عادة تطرح قضية المساواة بين الجنسين في أماكن العمل وتفهم في سياق إعطاء مزيد من الفرص الوظيفية للنساء، ولكن القضية لها ارتباط وثيق بطريقة الإنتاج وفهم النظام الرأسمالي بشكل عام.

التقسيم واضح في طريقة فهم الحياة العملية وماهية الحياة الشخصية، هناك مفهوم شائع بأن الموظف المحترف هو الذي يعرف كيف يحافظ على فصل حياته الشخصية عن العملية، وتصنف بيئات العمل ضمن المجال الاقتصادي بينما الحياة الشخصية أو المنزلية تقع ضمن الإطار الاجتماعي.

يطلق على الحياة العملية بمفهومها الشائع “اقتصاد سوق” وكذلك يمكن اعتبار الحياة المنزلية “اقتصاد رعاية” ففي المنزل، يقوم  أفراد الأسرة بمجموعة من الأعمال – من طهي ورعاية وتنظيف – وهذه تحتاج لتوفر موارد بشرية مثل أي عمل آخر.

نحن بحاجة إلى تغيير المفاهيم بين ما هو اقتصادي وما هو اجتماعي، وإعتبار الطهي والتنظيف والرعاية مثل الأنشطة الاقتصادية حتى عندما تكون غير مدفوعة الأجر، لأنه إذا دفعت الأجور للذين يقومون بهذه الأعمال فإنها ستساهم في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير .علاوة على ذلك، فإن الحياة التى نحياها في المنزل تتشابك مع أخلاقيات العمل العصرية من حيث نوعية السلع المراد إنتاجها.

الاستثمار في الرعاية – بمعنى قضاء الوقت فى رعاية الأطفال والمسنين والمرضى – هو استثمار في الاقتصاد أيضا، لأن الأسواق تتعثر بضعف النسيج الإجتماعي ، وبالرغم من أهمية التكنولوجيا ، إلا أن العقل البشري يظل أهم عنصر للإدارة والتشغيل.

عندما يتعلق الأمر بالمساواة بين الجنسين، فإن تسليط الضوء على أهمية اقتصاد الرعاية هو سيف من حدين، قد يؤدي إلى تعزيز دور المرأة في المنزل، أو إلى عرقلة مشاركتها في اقتصاد السوق، ومكمن الخطر يأتي من الأعراف الاجتماعية التي تقسم العمل على أساس الجنس.

في كثير من الثقافات، تعتبر المرأة وصية على الرعاية، مع وضع حياتها المهنية في المرتبة الثانية، فإذا اعتقدت المرأة أو تصرفت بخلاف ذلك فإنها قد تصاب بعبء الشعور بالذنب لكونها امرأة “غير صالحة”.

في مثل هذه الحالات، فإن الأسوار التي فرضتها المرأة على نفسها تحصرها في اقتصاد الرعاية وقد ترفض المرأة الترقيات، والتنقل إلى مواقع أخرى أو قبول مسؤوليات إضافية، في حين تعتبر المنظمات هذه القضايا بأنها اجتماعية ولا يمكن أن تعالج .

من ناحية أخرى، أثبتت التجارب أن نجاح إشراك المرأة في اقتصاد السوق بحجج تحوم حول تحقيق المساواة في الأجور، ومحاربة الصور النمطية والقوالب الجاهزة والتي حالت دون وصول المرأة للمراتب العليا، أوقعها في مأزق لعب أدوار مزدوجة بين اقتصاد الرعاية واقتصاد السوق.

إذا أردنا أن نتقدم في قضية المساواة بين الجنسين، فنحتاج لكسر مزيد من هذه القوالب ، هناك حكومات استثمرت في التعليم ، وفي الطفل، ورعاية المسنين، وقدمت تسهيلات لأولئك الذين يعملون في مجال الرعاية المنزلية، وتتمتع اليوم بمكاسب اقتصادية، بالمقابل عندما ابتعدت بعض الحكومات عن هذه الاستثمارات فإنها تأثيرها السلبي انسحب على الاقتصاد والمجتمع.

المستقبل يحتاج الى أساليب جديدة للتفكير تحل شفرة التشابك بين الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ويولي الاهتمام بأهم رأس مال لايقدر بثمن وهو العنصر البشري، كما ينبغي النظر لمسألة تغيير المهنة بإتاحة فرص للمشاركة في اقتصاد الرعاية واكتساب خبراته العملية، واعتباره انتقال من نشاط إنتاجي إلى آخر.

إذا كان لهذا أن يحدث، فيجب دمج المنزل بالعمل حتى تظهر الصورة الانسانية للإنتاج بشكل أكبر  .