حين تتحوّل البيوت إلى أسوار بلا أرواح… تصبح اللعبة الإلكترونية قادرة على تهديد حياة أبنائنا
في الآونة الأخيرة، ومع تزايد خطر الألعاب الإلكترونية، ترددت تساؤلات موجعة في كثير من البيوت: كيف يمكن للعبة إلكترونية أن تدفع طفلًا أو مراهقًا للانتحار؟ كيف يصل شاب يعيش في أسرة ميسورة الحال إلى هذا الحد من الظلام؟
والجواب ليس في نقص المال… بل في فقدان دفء الأسرة.
خطر الألعاب الإلكترونية في غياب الدفء الأسري
في غياب الحضور العاطفي، يصبح الطفل فريسة سهلة للإدمان الرقمي؛ ذلك الإدمان الذي يمنحه قيمة ذاتية وهمية، عبر سيل من المكافآت السريعة والدوبامين المرتفع وإحساس لحظيّ بالإنجاز.
ومع كل مستوى جديد، تتسلل إلى عقله رسائل غير واعية مليئة بالعنف، والخوف، والتنافس القاتل، والإيحاءات السوداوية، وصولًا إلى رسائل تضحية بالنفس ومحاكاة الموت… بينما عقل الطفل لا يفصل بين الخيال والواقع حين يعيش تحت ضغط نفسي مستمر.
ومع عزلة اجتماعية، وفراغ عاطفي، وضعف مهارات التواصل داخل البيت، يجد هذا الطفل مساحة واسعة ليتأثر بتلك الرسائل، خصوصًا إن كان يفتقد:
- هوية واضحة.
- احتواءً والدياً حقيقيًا.
- تربية إيمانية تمنحه عمودًا روحيًا ثابتًا.
مواجهة خطر الألعاب الإلكترونية بالتربية الإيمانية
هنا يتحوّل الفضاء الرقمي إلى مكان يستغل هشاشة الطفل، فيسهل استدراجه أو التأثير عليه من قِبل الغرباء أو المحتوى الموجّه. ومع غياب الوازع الديني والتربية الإيمانية سيواجه المربي مثل هذه المخاوف فالبعض يظن أن التربية الإيمانية… هي فقط في العبادات بل هي بناء هوية وأمان نفسي.
الخطأ الشائع عند بعض المربين هو اختزال التربية الإيمانية في أداء العبادات فقط. بينما التربية الإيمانية الحقيقية هي ربط الطفل عاطفيًا بالله، وتعزيز شعوره بأن:
- له قيمة ثابتة لا تهزّها لعبة.
- كرامته ليست بعدد النقاط.
- صوته مسموع عند الله.
- حياته أمانة لا يجوز التفريط بها.
هذا الارتباط يشكّل رقيبًا داخليًا يحمي الطفل من الانجراف وراء المحتوى الخطير. فمن كانت علاقته بالله قوية… قلّت هشاشته النفسية، وازداد وعيه، وأصبح أكثر قدرة على مواجهة الضغوط الرقمية.
الآثار النفسية والصحية لإدمان الألعاب
إن أردت تربية طفل مضطرب… فقط اتركه يغرق في الألعاب الإلكترونية. هذه نتائج طبيعية يقود إليها الانغماس الطويل في الألعاب:
- ارتفاع الكورتيزول.
- توتر مستمر.
- ضعف الانتباه والتركيز.
- تراجع الذاكرة.
- اضطرابات نوم.
- نوبات غضب.
- اندفاعية وعنف.
- ضعف القدرة على تأجيل المتعة.
- عزلة اجتماعية.
- حساسية عالية تجاه النقد.
- تراجع التعاطف مع الآخرين.
ثم نتساءل: لماذا تنتشر ظاهرة التنمر؟ لماذا يفقد الطفل شغفه بالدراسة؟ لماذا العلاقات الاجتماعية هشة؟ لماذا يدخل جيلنا في صراع هويّة؟
والجواب: لأن المحتوى ليس بريئًا دائمًا.
صراع الهوية: قيم الألعاب مقابل قيمنا
المحتوى الذي تبثه اللعبة يزرع قيمًا لا تشبهنا. كثير من الألعاب مبنية على:
- تصور غربي للطفولة.
- قيم مادية بحتة.
- ثقافة الحرية المطلقة.
- التطبيع مع العنف والدم.
- مفاهيم دينية وأخلاقية بعيدة عن بيئتنا.
ومن المؤسف انه قد يُكتب عليها “مناسبة لعمر 8 سنوات”… لكنها لا تناسب طفلًا عربيًا تربّى على:
- الحياء.
- ضوابط السلوك.
- احترام الأسرة.
هذا الاختلاف يقودنا إلى:
- صراع في الهوية.
- اضطراب قيم.
- ضعف الانتماء.
- تقليد أبطال الألعاب بدل القدوات الحقيقية.
الإعلانات المخفية تضاعف خطر الألعاب الإلكترونية
ولا ننسى ايضا ان هناك سُم يدس في السم. الإعلانات داخل الألعاب… رسائل تتسلل بصمت. بعض الألعاب تعرض إعلانات تحتوي على:
- محادثات للكبار.
- تطبيقات غير مناسبة.
- صور لا تليق بعمر الطفل.
حتى إن تجاهل الطفل الإعلان، لا يمكن لعقله الباطن أن يتجاهله. هذه الرسائل تُطبّع ما لا يناسبه، وتجعل الطفل يعتاد المشهد وتوسّع فجوة الهوية لديه، وتخلق رغبات لا تنتمي لبيئته أو قيم أسرته.
فهل مازلتم ايها المربون تجدون ان اللعبة هي مجرد لعبة ؟!
