اقرأ أيضا:
وجاء في بيان الوزارة “ذاع صيت الفقيد، وانتشر علمه، واتسع تدريسه، حتى صار معروفًا بين أقطار المسلمين وفي أصقاع الأرض”. كما تحدث البيان عن الإسهامات العلمية للمفتي الراحل الذي عمل في القضاء وفي مجال التدريس، وفي حلقات المساجد منذ وقت مبكر من حياته وحتى وفاته، واستطاع من خلال العمل في تلك المجالات كسب ثقة الجماهير التي توافدت إليه من داخل اليمن وخارجها طلبًا للفتوى.
وتابع البيان “برحيل العلامة المجتهد القاضي محمد بن إسماعيل العمراني تخسر الساحة الفقهية والقضائية والدعوية مرجعية علميّة معتبرة، وعلَما من أعلامها الكبار، ولكن عزاءنا أنه قد خلف من بعده مئات العلماء السائرين على دربه، على امتداد ربوع اليمن والعالم الإسلامي”.
كما نعى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين القاضي الراحل، واصفًا إياه بالقاضي العلّامة وأحد أبرز علماء اليمن المعاصرين ومرجعيتهم فيما يتعلق بالعلوم الشرعية والفقهية. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نعى الآلاف من المغردين القاضي محمد بن إسماعيل العمراني، مستذكرين مآثره وإسهاماته العلمية وجهوده في مجال الإفتاء. كما تداولوا مقاطع فيديو سابقة له يحكي فيها عن سيرة حياته ويوجه نصائح لليمنيين والمسلمين.
هو أبو عبد الرحمن محمد بن إسماعيل بن محمد بن محمد بن علي بن حسين بن صالح بن شائع العمراني اللقب، الصنعاني المولد والنشأة (22 ديسمبر 1921 – 12 يوليو 2021)، فقيه وقاض يمني، ومفتي الجمهورية السابق وأحد كبار علمائها ومشائخها.
ولد في صنعاء القديمة من بيت علم وقضاء، وكان في حياته العلمية يميل إلى الاجتهاد، ولم يتعصب لمذهب معين في حياته.
اشتهر القاضي محمد بن إسماعيل بـ (العمراني) مع أنه ولد ونشأ وتربى وتعلم في صنعاء، وسبب اشتهار لقبه بـ (العمراني)، لأن أصل أسرته من مدينه عمران، وأول من انتقل من أسرته إلى صنعاء هو جده القاضي/ علي بن حسين بن صالح بن شائع العمراني، في عهد (1139هـ-1161هـ)، وهذا الجد هو أول من استوطن صنعاء في القرن الثاني عشر من الهجرة النبوية -على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام- وهو أول من قرأ العلم من هذه الأسرة.
وصارت كلمة (العمراني) علمًا بالغلبة عليه وعلى ذريته إلى يومنا هذا، وهم لا يعرفون بدون هذه الكلمة باعتبار موطن الأجداد الأقدمين، وإلا فهم في وقتنا الحاضر من أهل صنعاء.
أسرة القاضي محمد بن أسماعيل العمراني أسرة عريقة في العلم ضاربة جذورها في الفضل والصلاح والقضاء، وأجداده قد ساهموا في نشر العلم واجتهدوا في ذلك تعليمًا وإرشادًا وتأليفًا. وجده القاضي العلامة محمد بن علي العمراني كان من أبرز تلاميذ شيخ الإسلام القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني، وقد قال عنه الشوكاني في البدر الطالع: “برع في جميع العلوم الاجتهادية، وصار في عداد من يعمل بالدليل ولا يعرج على القيل والقال، وبلغ في المعارف إلى مكان جليل، وهو القوي الذهن سريع الفهم جيد الإدراك ثاقب النظر، يقل وجود نظيره في هذا العصر مع تواضع وإعراض عن الدنيا وعدم اشتغال بما يشتغل به غيره ممن هو دونه بمراحل من تحسين الهيئة وليس ما يشابه المتظهر بالعلم، كثر الله فوائده ونفع بعلومه، وقد سمع عليّ غالب الأمهات الست وفي العضد والكشاف والمطول وحواشيها وغيرها من الكتب”.
والقاضي محمد بن علي العمراني نموذج لأفراد هذه الأسرة العريقة في العلم والصلاح الذين كانوا بين أقوامهم وفي مجتمعاتهم كالنجوم بين معاصريهم من العلماء وكمصابيح الهدى في العلم والفضل والصلاح والإصلاح.
توفي والده وهو في الرابعة من عمره، وكفلته والدته ثم التحق بالمدرسة الابتدائية ودرس القرآن الكريم، وحصل على شهادتين: شهادة من مدرسة الفليحي، وشهادة من مدرسة الإصلاح، ثم ذهب لدراسة في الجامع الكبير، وقرأ هناك المتون كمتن الأزهار، ومتن الكافي في الأصول، وملحة الإعراب، وألفية ابن مالك، وغير ذلك، ثم درس على يد جماعة من علماء اليمن كثيرين كالسيد عبد الكريم بن إبراهيم الأمير، والسيد عبد الخالق الأمير، وقرأ أيضًا على القاضي عبد الله الجرافي، والقاضي عبد الله السرحي، وعلى القاضي أحمد الكحلاني، والقاضي حسن المعزبي، والقاضي يحيى بن محمد الإرياني والد القاضي عبد الرحمن الإرياني الذي كان رئيسًا للجمهورية، والقاضي علي بن عبد الله الآنسي، وجماعة من علماء صنعاء كالقاضي عبد الوهّاب الشماحي أكبر علماء اليمن في المذهب الزيدي، ثم بعد ذلك طلب لتدريس في سن مبكرة في المدرسة العلمية وعمره كان خمسة وعشرين عامًا. وأجازة بالتدريس عدد من العلماء أولهم الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي مؤلف كتب الدر الفريد في مجمع الأسانيد والقاضي عبد الله حميد والقاضي عبد الله السرحي والسيد العلامة قاسم بن إبراهيم.
يعتبر اليوم العلامة العمراني أشهر علماء اليمن المعاصرين فيما يتعلق بالعلوم الشرعية والفقهية والدينية وكذلك هو مفتي الديار اليمنية، ووصلت شهرته لبلدان عربية كثيرة ويتوافد اليه العلماء ومحبي العلماء من كل بلد لزيارته، ويعتبر مفتي اليمن الأول، وينشط في الافتاء عبر الصحف والإذاعة في السنوات الماضية لنحو ثلاثة عقود من إذاعة صنعاء في برنامج ( فتاوى) والذي لم يعد يذاع منذ بضع سنوات، وكذا مقابلات وبرامج في قنوات تلفزيونية، واللافت بأن العلامة العمراني لا يميل للسياسة ولهذا احتفظ بمحبة كل اليمنيين ومريديه، وعُرف العلامة العمراني بالإسلام المعتدل في كل مسيرته العلمية والعلمية لهذا فقد كسب الطرفين من اصحاب المذهب الشافعي والمذهب الزيدي.
حفظ الشيخ العمراني المختصرات على السيد عبد الكريم بن إبراهيم الأمير وغيره ولزم مسجد (الفليحي) كثيرًا، ومن هذه المختصرات:
كما أخذ على عبد الكريم الأمير في شرح القواعد وشرح الفاكهي على ملحمة الإعراب وشرح قطر الندى في النحو وشرح السعد للتفتازاني في علم المعاني والبيان والبديع وغيره، وأخذ على الصفي: أحمد بن محمد السنيدار في مفهوم ومنطوق بعض متن الأزهار وفي صحيفة علي بن موسى الرضي، وأخذ على العلامة:العزي البهلولي في شرح الجوهر المكنون في علم المعاني والبيان والبديع وشرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك في النحو وشرح الطبري على متن الكافل في أصول الفقه وشرح السعد على التلخيص في علم المعاني والبيان والبديع وشرح عمدة الأحكام وفي أوائل غاية السؤل في أصول الفقه وفي أوائل كتاب الكشاف في التفسير وأخذ على الفخري: عبد الله بن عبد الرحمن حميد في قواعد الإعراب وشرح ابن عقيل وشرح الجوهر المكنون والكافل وتحفة الذاكرين ونخبة الفكر وبعض من المناهل الصافية في علم الصرف وغير ذلك من الكتب، وأخذ على القاضي: علي بن حسن المغربي بعضًا من كتاب قطر الندى في علم النحو وشرح نخبة الفكر في علم مصطلح الحديث وغير ذلك من الكتب.
كما أخذ على القاضي: أحمد بن لطف الزبيري بعضًا من شرح القطر وبعض شرح الفاكهي على الملحة وشرح القواعد، وعلى أحمد بن محمد زبارة في أوائل شرح الأزهار وثلثي كتاب سبل السلام وبعضًا من كتاب الشفاء للأمير الحسين.
وبينما كان يختلف إلى مشايخه ليأخذ عليهم كبار الكتب – كتب التخصص- كان يستعين الله ويفتح حلقات علمية لطلاب أقل منه تحصيلًا في الكتب الأولية من المتون والمختصرات التي تشمل كتب الفقه واللغة والحديث وبهذا الأسلوب حصل على فوائد جمة وعلوم نافعة قيمة أكثر مما لو كنا مقتصرًا على التحصيل فقط.
وممن أجازه من أكابر العلماء في عصره:
وقد بلغ عدد من أجازوا الشيخ: محمد بن إسماعيل العمراني اثنان وعشرون علمًا من كبار علماء الأمة الإسلامية.
اللهم ارحم الشيخ العمراني رحمة واسعة وأسكنه جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين